كشفت دراسة ميدانية قامت بها الهيئة الجزائرية لتطوير الصحة وترقية البحث''فورام''، أن أكثر من مليون و600 ألف طفل جزائري، دخلوا سوق العمل في سن مبكرة، وذكرت أن ظاهرة عمالة الأطفال في الجزائر، تتضاعف يوما بعد آخر، وفي أطر غير شرعية وهذا ما ينبئ بكارثة حقيقية في حق البراءة· وأضافت الدراسة أن أكثر من 300 ألف طفل يشتغلون خلال نهاية الأسبوع وأيام العطل المدرسية والمناسبات أيضا، وهوما يدفعهم إلى توديع مقاعد الدراسة في سن مبكرة ويدخلهم إلى عالم الشغل من بابه الضيق· وأكدت الأخصائية الاجتماعية كريمة سحنوني في تصريح ل''البلاد'' أمس، أن الظاهرة تفاقمت بشدة خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب أهمها أسباب اجتماعية، بالنظر إلى مستوى العائلات الاقتصادية أو النظر إلى ظروف البلاد التي عاشتها منذ التسعينات والتي دفعت بالأطفال إلى الخروج إلى العمل·وأوضحت أن عمالة الأطفال تفشت أيضا وسط التلاميذ الذي تركوا الدراسة لأسباب كثيرة وتتراوح أعمارهم ما بين 10 سنوات إلى 13 سنة من بينهم 52 في المائة من الإناث، فضلا عن أن التحقيقات كشفت أيضا أن 26 في المائة من الأطفال الذين يشتغلون لا يتجاوز سنهم 15 سنة، فضلا عن وجود 15 في المائة منهم يتامى فقدوا إما الأب أو الأم أو الاثنين معا· وأضافت أن هؤلاء الأطفال يعملون عند الخواص ولا يستفيدون من التأمينات والضمان الاجتماعي، لأنهم غير مصرح بهم بل ويزاولون عملهم بعيدا عن أعين الرقابة وخارج إطار تشريعات العمل المعمول بها في الجزائر، خصوصا وأن قانون العمل الجزائري 90-11 لسنة 1990 الذي يحدد في المادة 15 بأنه ''لا يمكن، في أي حال من الأحوال، أن يقل العمر الأدنى للتوظيف عن 16 سنة إلا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين، التي تعد وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما''· كما ''لايجوز توظيف القاصر إلا بناء على رخصة من وصية الشرعي ولا يجوز استخدام العامل القاصر في الأشغال الخطيرة أو التي تنعدم فيها النظافة أو تضر صحته أو تمس بأخلاقياته''· من جهة أخرى تقول إن خطر عمل الأطفال يتمثل في الظروف التي يعملون فيها خصوصا في فصل الصيف وفي فصل الشتاء، سواء في المنشآت ومراكز البناء وغيرها من الأماكن التي تشكل خطورة كبيرة على الأطفال، فضلا عن الممارسات السلبية على الأطفال كالضرب والتعنيف الجسدي والجنسي أيضا· هذا علاوة عن ظروف العمل الصعبة والتي لا تراعي الشروط الإنسانية·وتشدد المتحدثة على أنه بالرغم من تلك الظروف فالعائد المالي للأطفال يعد ضئيلا بالمقارنة مع حجم الساعات التي يقضونها في العمل وهي نابعة عن احتكار واستغلال أرباب العمل للأطفال وهو ما يعني أن الجزائر دخلت مرحلة أخرى من تشغيل الأطفال وبأي ثمن· وكانت أحدث دراسة للمنظمة العالمية للطفولة الكائن مقرها في بروكسل، أشارت إلى أنّ منطقة المغرب العربي تحتل صدارة الأطفال العاملين بستة ملايين و200 ألف طفل، وتعتبر الجزائر الأولى في الدول المغاربية· وفي سياق آخر تعيش الآلاف من الأسر الجزائرية أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة مما يجعل الأبناء يدفعون الثمن والتوجه إلى العمل في سن مبكرة، وهو ما يعني أن الفقر واليتم كثيرا ما يساهم في مضاعفة مثل هذه الظاهرة في بلادنا·