الفقر، الحرمان والتهميش مظاهر تطبع يوميات سكان قرى ومداشر بلدية أولاد رحمون التابعة لدائرة الخروب ولاية قسنطينة· فالمنطقة لا تنتظر أن تبوح لك بأسرارها إذ بمجرد أن تطأ قدماك هذه البلدية حتى تكتشف الوضعية المزرية والحالة الصعبة التي يعيشها السكان الذين يشتكون العزلة والتهميش من طرف الجهات المحلية والولائية لغياب أبسط ضرورات الحياة· معاناة تعود إلى سنوات الاستعمار··· ولا حياة لمن تناديمن قرية العزيز بلقاسم التي تقع عند حدود حي القراح وبلدية عين مليلة وتبعد عن بلدية أولاد رحمون ب8 كلم، بدأنا جولتنا الاستطلاعية التي فتحت لنا المجال للقاء سكان هذه القرية المعزولين الذين وجدوا في ''البلاد'' متنفسا لهم لرفع انشغالاتهم ومطالبهم لم تخرج حسبهم عن حيز العقلانية، لعلها يوما تصل إلى الآذان من هم ساهون عنها· حيث أكد لنا السكان وعلى رأسهم ممثل القرية التي تقطنها 700 عائلة والتي تعود نشأتها إلى سنوات الاستعمار، أنهم يعيشون ظروفا معيشية واجتماعية قاسية مع غياب أبسط ضروريات الحياة يجد الساكن بهذه القرية محاصرا بين هاجس توفير قارورة غاز البوتان التي غالبا ما تطرح ندرتها بالمنطقة نظرا للطلب الزائد عليها، ومشكل انعدام الماء والكهرباء وهو الأمر الذي زاد من الطين بلة حيث يجلب السكان المياه الصالحة للشرب من حي القراح مشيا على الأقدام أو على ظهور الحمير والبغال· وأضاف بعض السكان ل''لبلاد'' أن مشكل غياب هذه الأخيرة يزداد حدة خاصة في فصل الشتاء حيث تتميز المنطقة ببرودة الطقس وكثرة سقوط الأمطار فيتحول الطريق إلى برك وأوحال في غياب مشاريع التهيئة التي من شأنها أن تخفف من معاناة هؤلاء السكان· كما أكد أحدهم أنهم قاموا في العديد من المناسبات بإرسال شكاوى إلا أنها لم تجد نفعا، وعليه فإن سكان قرية العزيز بلقاسم يناشدون السلطات المحلية والولائية، وعلى رأسها والي الولاية، ضرورة ترحيلهم من هذه الأكواخ التي لا تليق للعيش فيها لمدة فاقت 45 سنة· هذه الأوضاع كنا قد لمسناها لدى مواصلتنا الجولة التي كشفت عن مدى إهمال وتناسي السلطات المحلية عن معاناة ومطالب سكان أحياء أخرى ومن خلال الزيارة التي قمنا بها لهذا الحي القديم قدم المنطقة لاحظنا أنه مجرد أكواخ قصديرية تجاور الوادي الذي تحول مع مرور الوقت إلى مجرد واد للمياه القذرة والأوساخ المنزلية وفضلات الحيوانية ومصدر لخروج الحيوانات الزاحفة والطائرة، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تشكل خطرا على صحة 100 عائلة، حيث أكد أحد السكان أنهم يستعدون مع حلول كل فصل شتاء لاسيما مع تهاطل الأمطار لنقل أغراضهم خارج منازلهم خوفا من فيضان الوادي·وقد وقفنا على صور تعكس المستوى المتدني للعيش وسط بيوت قصديرية أقرب للأكواخ منها للمنازل المعروفة، فمن الطفولة التائهة بين القاذورات المنتشرة بشكل واسع حول منازلهم وصولا إلى صعوبة تجاوز مياه الصرف الصحي الراكدة والجارية بسبب العطب الدائم لقنوات الصرف الصحي والتي يمتلئ بها الحي في ظل الروائح الكريهة والحشرات والانتشار الواسع للجرذان· هذه المشاكل وأخرى وقفت جنبا إلى جنب مع مشكل انعدام ضروريات العيش الكريم كالماء والغاز الذي دفع بالسكان للاحتطاب كوسيلة للتدفئة· سكان الحي البلدي المستاؤون تساءلوا عن سبب التهميش والإقصاء من عمليات الاستفادة من السكنات الريفية كغيرهم من المناطق ذات الطابع الريفي، وطالبوا بضرورة الاستماع لانشغالاتهم والتكفل بمطالبهم· نقص مناصب الشغل والمرافق الترفيهية طرح شباب المنطقة مشكل عدم استفادتهم من مناصب شغل تعطى لبلدية أولاد رحمون تجنبهم مخالب البطالة والانحراف خاصة في ظل افتقار بلديتهم لأبسط الهياكل التي من شأنها أن تهون عليهم معاناتهم اليومية القاسية في ظل نقص المرافق الترفيهية والرياضية على غرار دور الشباب والملاعب، الأمر الذي يؤثر سلبا على حياة هؤلاء الشباب اليائس· هذه الوضعية دفعت بالعديد منهم للوقوع في أحضان عالم المخدرات والسموم والانحراف هروبا من واقع مرير وقاس· كما تساءلوا عن سبب عدم ترحيلهم إلى سكنات لائقة كغيرهم من سكان الأحياء·