نشرت وسائل إعلام أوروبية خبرا مفاده أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، فرض على ثلاثة مسؤولين بينهم وزير الطاقة في حكومته، قضاء ليلة رأس السنة الميلادية في ظلام إحدى ضواحي موسكو المعزولة، عقابا لهم على تقاعسهم في تصليح خطوط الكهرباء المنقطعة بسبب العواصف الثلجية التي اجتاحت المنطقة·حادثة أخرى كان بطلها رئيس الوزراء التشيكي الذي قام بصفع وزيره للصحة أمام الملأ، تعبيرا عن غضبه من تردي الوضع الصحي في بلاده، بل وزاد على ذلك بإصدار قرار يمنع كل مسؤول في الدولة من التوجه للعلاج بإحدى الدول الأوروبية إن نزلت بأحدهم نازلة·· وهناك في اليابان لايزال الجميع يذكر قصة انتحار وزير الزراعة الذي قام بشنق نفسه بعد تعرض سياسته في تسيير القطاع للنقد، بل لعل إقدام الرئيس الألماني السابق هورست كوهلر على التنحي من منصبه بسبب ''زلة لسان'' قالها، كانت العلامة الأبرز في عالم السياسة خلال العام المنصرم، دون أن نتحدث عن عشرات الوزراء الغربيين ممن قدموا استقالتهم اعتذارا منهم عن فشل واجهوه···هكذا هي الصورة في دول الضفة الأخرى، فكيف هو الحال عندنا يا ترى؟بالأمس فقط لم يجد وزيرنا للتجارة ما يبرر به الارتفاع الجنوني في أسعار الزيت والسكر، غير التعلق بمشجب غلاء المادتين في الأسواق الدولية، وقبله بأسابيع كان زميله في الحكومة يغطي فضائح الحج الأخيرة بتحميل الحجاج مسؤولية ''الويل'' الذي عاشوه بالبقاع المقدسة، بل إن وزير الاتصال هو الآخر راح يبرر ضعف المستوى الإعلامي لتلفزيون ''اليتيمة'' بانعدام الصحفيين ''الأكفاء'' في الجزائر·· ومن الطرائف المحزنة في هذا البلد أن تسمع أحد الوزراء المتعاقبين على قطاع الصحة، يقول إن حالة الاكتظاظ داخل مستشفياتنا يتحمل مسؤوليته المرضى الذين لا يعتمدون نظاما غذائيا وقائيا يكون فيه السمك والفواكه متصدرا لموائدهم اليومية، دون أن يكلف هذا الأخير نفسه عناء شرح طريقة الوصول إلى استحضار السمك في كل وجبة نأكلها·غياب مفهوم تحمل المسؤولية عند القائمين على تسيير شؤوننا، جعل أحدهم لا يجد حرجا في أن يعترف صراحة بأنه ''لم يكن ذكيا'' في تعاطيه مع ملف ''فضيحة القرن'' أيام إشرافه على وزارة المالية، ولم نسمع عنه بعد هذا التصريح أنه طلب التنحي من منصبه كعربون اعتذار عن ''قلة ذكائه'' التي كلّفت الدولة ملايير الدولارات·هذه النماذج تحيلنا إلى نتيجة واحدة وواضحة وضوح الشمس، تفسر لنا سبب تقدمهم وتطورهم وتفوقهم، وبالمقابل أسباب تخلفنا وتقهقرنا وبقائنا نتخبط في الوحل رغم مقومات الإقلاع المتوافرة، ذلك أنهم فهموا أن المسؤولية تكليف لا تشريف بخلافنا نحن الذين استحكم فينا شعار ''الكل في خدمة الواحد'' ومقولة ''أنا وبعدي الطوفان''··