"هذا الريف واحنا ناسو .. والمخزن يجمع راسوا".. بهذا الشعار انطلقت ثاني شرارة من الغضب في استمرارية واضحة للاحتجاجات التي أعقبت مقتل بائع السمك محسن فكري، وذلك في مناطق الشمال والشمال الشرقي من تراب المغرب. وهي جغرافيا "التمرد" التاريخي ضد المخزن التي ترفض الحڤرة، وظلت تسمى بقلعة الصمود منذ أن رفضت تهديدات الملك الحسن الثاني في مطلع ثمانينيات القرن الماضي. وكانت الشعارات ترجمة هذا التاريخ عندما ردد المحتجون في قلب الريف المغربي شعار: "يا مخزن يا جبان.. شعب الريف لا يهان''...''81 المجيدة.. 1000 شهيد وشهيدة''.وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها أمس السبت إلى أن الاحتجاجات تجددت في المغرب، في إشارة إلى المنحى الذي تتخذه الحركة الشعبية العفوية التي أعقبت طحن بائع السمك محسن فكري الذي فجرا كبتا شعبيا ضد حڤرة المخزن وطحنه لفئات اجتماعية فقيرة، و ترى أوساط إعلامية من داخل المغرب وخارجه أن الحركة الاحتجاجية قد تشمل مدنا أخرى من خارج نسيج الريف المغربي، حيث من المرتقب أن تعرف العاصمة الرباط مسيرة وطنية ضد أساليب الحڤرة، بعد أن حشدت جمعة الغضب آلاف المغاربة الذين ساروا في الحسيمة، والتطوان ومدينة وجدةوالرباط ومدن أخرى. ويخشى مراقبون من تحول تلك الاحتجاجات إلى ظاهرة على نحو مسيرات "الربيع العربي" في منطقة محفوفة بالكثير من المخاطر، حيث بدأت تأخذ بعدا إجتماعيا بإقامة العدل والتوازن الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة، وأثرت تلك الاحتجاجات في أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية التي بدأت تعرف ارتفاعا محسوسا، ما يقلق السلطات المغربية التي تأمل في أن تقف الاحتجاجات عند قضية محسن فكري وأن لا تمتد إلى مطالب اجتماعية تخرج الطلبة والعمال إلى الشارع. وزاد من تعقيد أزمة المخزن الضغط الكبير الذي تمارسه منظمات حقوقية أحرجت المخزن والقصر على حد سواء وكشفت عن هوة كبيرة بين الخطاب الرسمي الذي تسوقه الرباط عن حقوق الانسان وبين الوضع البائس الذي تعيشه طبقات اجتماعية مسحوقة ومقهورة.هذا وسيتعيش معظم المدن المغربية عودة ثانية للاحتجاجات، فيما سبق وأن عاشت 20 مدينة مغربية احتجاجات بعد طحن بائع السمك محسن فكري في شاحنة لرمي النفايات بعدما حاول إدراك بضاعته التي رمى بها رجال الشرطة في تلك الشاحنة، وطالبت منظمة حقوقية السلطات بمعالجة شفافة لقضايا حقوق الانسان وفي مقدمتها قضية فكري التي أثارت نقاشا وحراكا كبيرين في المغرب وخارجه.