يبدوا أن رياح التغيير الديمقراطي والسياسي في مصر التي يقودها الشارع، هبت بما لم يشتهيه نظام الرئيس حسني مبارك من جهة من يعتبرهم حلفائه في الغرب وبخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي كانت بمثابة الدرع الواقي طيلة 30 سنة لسياسة الحزب الحاكم في القاهرة. ولم تنتظر أمريكا كثيرا لتعلن عن موقفها مما يحدث داخل مصر بعد ''جمعة الغضب'' لتغيير النظام القائم في تصريحات وصفها المتتبعون بأنها الأكثر انتقادا للحكومة المصرية. حيث جاء خطاب ''رجلها الأول'' شديد اللهجة بعد نصف ساعة من توجيه حسني مبارك خطابه إلى ''الأمة المصرية'' لطمأنة المصريين و''بعث أمل التغيير الديمقراطي والسياسي والاقتصادي الواعد، بعدما خاطب العالم بأنئ''شعب مصر لديه حقوق عالمية''، تشمل ''الحق في التجمهر السلمي وتشكيل أحزاب والحق في حرية التعبير وتحديد مستقبله'' في وقت كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تؤكد أن بلادها تتابع الوضع عن كثب وهي ''قلقة جدا'' لاستعمال العنف ضد المتظاهرين، داعية السلطات المصرية السماح بالمظاهرات السلمية والتراجع عن قطع الاتصالات والاستماع إلى ''تظلمات'' الشعب المصري. ولم يتوقف الموقف الأمريكي عند هذا الحد بل جاوزه إلى حد تهديد الحكومة الأمريكية بمراجعة سياسة المساعدات الاقتصادية المقدرة ب 250 مليون دولار و 1,3 مليار دولار كمساعدات عسكرية عام 2010 ، لتي تقدمها لمصر بناء لما ستسفر عليه الأحداث خلال الأيام المقبلة، خاصة مع تأكيد المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبز بأن قرار أمريكا يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات بناء على وجهود الحكومة المصرية في التصدي للاحتجاجات التي خرجت عن طابعها السلمي بعد ورود أخبار مقتل العشرات من المصريين من طرف قوات الأمن. وغير بعيد عن الموقف الأمريكي، لم تختلف بريطانيا العظمى حول حق ''الشعب المصري في التظاهر سلميا'' على اعتبار أن لندن ترى أن ما يحدث في مصر بعد ''جمعة الغضب'' هي ''فرصة هامة لتحقيق إصلاحات جذرية'' بحسب تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي طالب بدوره الحكومة المصرية بالامتناع عن استخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين، في حين تركت الأمور للشعب المصري لاقتراح ''ما يراه مناسبا'' رغم أن بريطانيا عبرت عن ''قلقها البالغ'' لما تشهده الساحة السياسية المصرية. ورافعت ألمانيا من اجل تحقيق الاستقرار في مصر، غير أنها أكدت على لسان أنجيلا ميركل بأن ذلك لا ينبغي أن يكون على ''حساب حرية التعبير'' بعدما دعت مبارك إلى السماح ب ''التظاهر والاحتجاج السلمي''، في وقت وحث زير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني بدوره على دعم مبارك، لكن دعاه أيضا إلى دعم الإصلاحات. وقد أدانت فرنسا بدورها عملية تقتيل المتظاهرين من طرف السلطات الأمنية في عدد من المحافظات المصرية، حيث دعت وزيرة خارجيتها ميشال آليو ماري مصر إلى تحقيق ديمقراطية أكبر، مؤكدة أن ''موقف فرنسا الدائم هو أن من حق الناس التظاهر دون أن يتعرضوا للعنف أو الموت''.