الحكومة ستكون مجبرة على عرض السياسة المالية على البرلمان صوت نواب المجلس الشعبي الوطني، على مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، والذي يحمل في طياته العديد من التعديلات المتعلقة بسير وتنفيذ السياسات المالية، والتي تجبر الحكومة على عرض تقرير على البرلمان حول التسيير الجاري للمالية العمومية، بالإضافة لإدراج تقليص مدة السنة المرجعية لمناقشة قانون تسوية الميزانية من السنة التي تسبق مناقشة القانون بثلاث سنوات (ن-3) حاليا إلى السنة التي تسبق مناقشة القانون بسنة واحدة فقط (ن-1)، وسيكون قانون مالية سنة 2023 أول قوانين المالية التي ستعتمد على مشروع هذا القانون. ورغم الانتقادات الكبيرة الموجهة لمشروع القانون المتعلق بقوانين المالية، المتمثلة في كون الحكومة تنوي الاستمرار في التقشف ويرهن مؤسسة البرلمان، خاصة وأن قوانين المالية ستصاغ مستقبلا حسب معارضي المشروع - ليس انطلاقا من حاجيات المواطنين ولكن من خلال تسطير أهداف "مبهمة"، وهذا له علاقة حسبهم بالتقشف "المبرمج" منذ سنة 2016، وترى المعارضة وخاصة حزب العمال أن المشكل ليس في العجز الميزانياتي بقدر ما هو سياسي، يتمثل في ضرورة مكافحة الفساد وتحصيل الضرائب غير المحصلة وإشكالية تضخيم الفواتير وتهريب العملة الصعبة ووجود ضريبة عادلة، معتبرين أن مشروع القانون "يكرس تحويل طبيعة الدولة الجزائرية". أما الذين ثمنوا مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، وصوتوا عليه ب«نعم" مثل حركة مجتمع السلم، فبرروا موقفهم بأن النص كان محور نضالٍ ومطلبٍ للحركة والطبقة السياسية منذ أول برلمان تعددي، بالرغم من وجود بعض الملاحظات، ومنها ضرورة تمكين البرلمان والمجتمع المدني من تقييم السياسات العمومية ومراقبتها، إضفاء الشفافية وتمكين البرلمان من مراقبة الحسابات الخاصة. ويهدف هذا النص إلى "تكييف التشريع الساري في هذا المجال مع الدستور الذي يتضمن سن قانون عضوي متعلق بقوانين المالية"، كما يهدف إلى عصرنة القاعدة القانونية لميزانية الدولة وتعزيز العلاقة بين الحكومة والبرلمان فيما يخص هذا الملف. ويقضي مشروع القانون العضوي بتحديد الإطار الخاص بالميزانية على مدى ثلاث سنوات يتم تحيينه سنويا بغية استشراف أفضل لتسيير ميزانية الدولة. ويتضمن النص، تحديد مختلف الدوائر الوزارية لاحتياجاتها من القروض على أساس برامج وضمان تقييم أفضل للأداءات. وبالموازاة، ستتزود الحكومة استنادا إلى مشروع القانون العضوي بآليات تسمح لها بمواجهة كل وضعية طارئة، لاسيما إمكانية اللجوء إلى المراسيم المتعلقة بالاعتمادات الملحقة أو إعداد قانون المالية التصحيحي خلال السنة المالية. وسيساهم مشروع القانون العضوي في تحسين العلاقة بين الحكومة والبرلمان فيما يخص ملف ميزانية الدولة مما سيضفي "مزيدا من الشفافية" على تسيير المالية العمومية.وبهذا فإن الحكومة مطالبة مستقبلا بعرض تقرير على البرلمان حول التسيير الجاري للمالية العمومية ابتداء من الربيع. وسيكون قانون المالية لسنة 2023 أول قانون مالية سيتم إعداده ومناقشته والمصادقة عليه وتنفيذه طبقا لأحكام هذا القانون العضوي الجديد، كما ينطبق الشيء نفسه على القانون المتضمن تسوية الميزانية المتعلقة بسنة 2023. وعلى أساس انتقالي، تعد وتناقش مشاريع القوانين المتضمنة تسوية الميزانية المتعلقة بالسنوات 2023 و2024 و2025 ويصادق عليها بالرجوع إلى السنة المالية ن-2. وابتداء من سنة 2026، يعد ويناقش ويصادق على مشروع القانون المتضمن تسوية الميزانية بالرجوع إلى السنة المالية ن-1.