في ظرف ''متصارع'' شهدت ساحة مصر، تصريحين أحدهما من طرف يحكُم الآن بمبرر أنه حامي الثورة والآخر من طرف ''يحاكَم'' في ذات الآن كونه مجرما أسقطته الثورة، وبين تصريح حاميها وتصريح من كان ''حراميها'' تظهر مفارقة أن الريس ''الحرامي'' لا يزال هو حدث مصر وحديثها، فمبارك الذي قيل إنه يعيش عزلة الإقامة الجبرية، أظهره شريطه ''الفني'' الذي بثته ''عربية'' الطرب والعطب الثوري أنه لا يزال الرمسيس الذي يتحدى ويقارع·· مفارقة الصفعة الإعلامية التي تلقاها ''عسكر'' وشباب الثورة، أن مبارك سجل هدفا نظيفا ضد المقتاتين من طبق ''مات الملك''، ففي الوقت الذي كان فيه جيش المشير الطنطاوي يدافع عن أمن ''السفارة في العمارة'' وعن أمن خفارة ''الماما أمريكا'' بمصر ببسالة لم يشهدها ميدان التحرير يوم هجمت ''الجمال'' والحمير والبغال على العزل، فإن ''مبارك'' مصر السابق اخترق جدار الصمت وورط ذابحي الثور إذا ما سقط في معركة أنه ''أنظفهم'' وأكثرهم حبا لمصر سواء كان في وضع ''الرئيس'' أو في موضع ''الخسيس'' الذي يراد له أن يكون الشجرة التي تغطي صراع الغابة في مصر الآن ··الثورة التي خلعت آل مبارك ببساطة مطلقة لكنها عجزت على الاقتراب من ساحة ''السفارة في العمارة'' كخط أحمر غير قابل للتجاوز من طرف العسكر، تحتاج إلى إعادة قراءة وصياغة للأحداث، بعدما اختزلت شطارة الثورة في طعن جثة ''مبارك'' أعزل ومنتهي الصلاحية، يسعى آل ''طنطاوي'' إلى شغل مصر به عن أمهات ''السفارات'' والحفارات المتغاضي عن دورها الإقليمي، فمتى تخرج مصر من ''فتونة'' طعن الجثث فالمفروض أن ''السفارة'' هي لب ''الشرارة'' كما أنها مكمن الداء منذ أصبحت جزءا من ''العمارة''