البلاد - بهاء الدين.م - تظاهر اليوم قضاة ومحامون وأمناء ضبط وطلبة جامعيون وأطباء وتلاميذ مدارس ومتقاعدو الجيش عبر مختلف مناطق الوطن، رافعين شعارات تدعو إلى التغيير الجذري للنظام، واحترام الدستور، ورفض تمديد العهدة الرابعة، وتحوّلت بعض التجمعات إلى مسيرات سلمية، في عدد من الولايات دون أن تشهد انزلاقات، بفضل التأطير الأمني المحكم، ووعي المتظاهرين. ففي ولاية تيبازة تجمع أمس، عشرات القضاة والمحامين وأمناء الضبط، أمام مقر مجلس القضاء في وقفة ، معبرين عن دعمهم للحراك الشعبي ومساندتهم غير المشروطة لمطالب الشارع. وندّد المتظاهرون بقيادة فريق القضاة، في شعاراتهم بخرق الدستور، وعدم استقلالية السلطة القضائية وبقائها جهازا من أجهزة السلطة التنفيذية. وردّد المتظاهرون شعارات "لا لمصادرة إرادة الشعب"، "لا لاضطهاد القضاء"، "نعم لدولة القانون"، "لا لتضعيف وإذلال القضاء"، وهي شعارات من أسرة العدالة تعبيرا عن دعمهم للحراك الشعبي، ولرفض الإجراءات التي أعلن عنها بوتفليقة، مؤخرا. وفي عنابة، نظّم قضاة ومحامون وأمناء ضبط محاكم، مظاهرة احتجاجية أمام مجلس القضاء للتعبير عن رفضهم للنظام. وشارك أكثر من 200 محامي وموثق ومحضر قضائي، في هذا التجمع إلى جانب القضاة. وردّد المتظاهرون شعارات "لا لانتهاك الدستور"، "الشعب هو مصدر السلطة"، وغيرها من الشعارات واللافتات التي حملت التوجه نفسه. وقال ممثل عن القضاة، إن "ردّة فعلنا اليوم لا تعدّ انتهاكا لواجب التحفظ، إنها تهدف إلى التأكيد على أن السلطة القضائية هي سلطة مستقلة، لقد ناضلنا دائمًا وسنواصل النضال من أجل احترام مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء، نحن نحكم باسم الشعب الجزائري، والشعب قال كلمته وجميع مؤسسات الجمهورية يجب أن تحترم إرادة الشعب". وأكد مختلف القضاة المتدخلين في الوقفة الاحتجاجية، أن قضاة اليوم لم يعودوا قضاة الأمس، بعد كسرهم لحاجز الخوف، لافتين إلى أنهم لم يخرقوا واجب التحفظ بانضمامهم للحراك، كما أنهم يرفضون أية محاولة لإضفاء الشرعية على انتخابات غير شرعية. وفي سكيكدة نظم منتصف نهار أمس، قضاة وأمناء الضبط محاكم ولاية سكيكدة، وقفة احتجاجية أمام مجلس القضاء، رفعوا خلالها جملة من الشعارات المناهضة لتمديد العهدة الرابعة "لا لخرق الدستور وقوانين الجمهورية"، "لا للتدخل في سلطة القاضي" ،«نعم لاستقلالية القضاء"، "جزائر حرة ديمقراطية". القضاة ومن خلال وقفتهم هذه أعربوا عن تضامنهم المطلق مع الحراك الشعبي السلمي. وقد تزامنت هذه الحركة مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها صباح اليوم متقاعدو ومعطوبو الجيش الذين تجمعوا في ساحة أول نوفمبر 1954 بوسط مدينة سكيكدة. وفي المسيلة انضم القضاة للحراك الشعبي، وفق ما أعلنوه في وقفة احتجاجية نظموها أمس، أمام مقر مجلس قضاء الولاية. وقال أحد القضاة، في كلمة ألقاها باسم زملائه: "نحن قضاة مجلس قضاء المسيلة والأسرة القضائية عامة محامين أو كتاب ضبط أو مساعدو العدالة نؤيد ونؤكد ما جاء به الشعب الجزائري في حراكه الشعبي المبارك ونعلن تأييدنا ومباركتنا لمطالبه". وأعلنت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين، أمس، في بيان لها، عن مساندتها للحراك الشعبي المناهض لقرارات رئيس الجمهورية بتمديد الحكم وتأجيل الانتخابات الرئاسية. وأفاد البيان، أن التنسيقية عبر ولايات الوطن، تلتحق بالمظاهرات الشعبية التي عرفت مشاركة قياسية، رفعت خلالها مطالب سياسية تدعو للتغيير الجذري.
شرائح اجتماعية واسعة تلتحق بالمظاهرات ونظم أطباء مستشفى "محمد بوضياف" بعاصمة ولاية المدية، وقفة احتجاجية تعبيرا عن التحامهم بالحراك الشعبي وانسجامهم مع مطالبه، منادين بمواصلته والتشبث بروابط الأخوة والتآزر. المحتجون الذين التحقوا تباعا من مختلف المصالح الصحية بالمستشفى، بداية من العاشرة والنصف صباحا، رفعوا شعارات وهتافات "لا للتجديد أوالتمديد".."لا للتغيير الساذج".."لا أحزاب لا نقابة الشعب أمي وأبي"، مع ترديد النشيد الوطني، ليلتحقوا بعدها مجددا بمتابعة الإشراف على تشخيص وعلاج مرضاهم بمختلف مصالح المستشفى. وبولاية وهران نظم آلاف الطلبة من مختلف الجامعات والكليات والمعاهد، مسيرة سلمية انطلقت على الساعة الحادية عشرة صباحا، والتقى الجميع أمام مقر الولاية وسط تعزيزات أمنية مشددة، وتجمعت حشود الطلبة لساعات بالمكان في تنظيم جيد، مرددين شعارات التغيير. كما خرج مئات التلاميذ من ابتدائيات ومتوسطات وثانويات في كل من ولايات قسنطينةوعنابةوقالمة وسوق أهراس، حاملين الأعلام الوطنية ورافعين شعارات مطالبة بالتغيير في مسيرة سلمية، مرورا بعدة أحياء في أجواء منظمة وسلمية. وبولاية سطيف، نظم طلبة جامعتي فرحات عباس ومحمد لمين دباغين مسيرة، بدأت بوقفة احتجاجية لتتحول إلى مسيرة انطلاقا من منطقتي الباز والهضاب، والتقت جموع الطلبة عند مقر ولاية سطيف، رافعين شعارات تدعو إلى التغيير السلمي واحترام القانون والتداول على السلطة. كما شهد القطب الجامعي لولاية جيجل الحراك الطلابي نفسه، حيث خرج طلبة جامعة الصديق بن يحيى بوسط الولاية إلى الشارع الرئيسي للمدينة مرورا بمقر الولاية، رافعين الشعارات نفسها، ليلتحق بالمسيرة عدد من المواطنين دون تسجيل اضطرابات تذكر. وتجمع طلبة جامعة سكيكدة أيضا أمام القطب الجامعي للولاية، كما رددوا النشيد الوطني في ظل تواجد أمني حال دون خروج الطلبة إلى الشارع، والتحق بهذا الحراك الأطباء والمحامون. وبولاية قالمة، خرج طلبة جامعة 8 ماي 45 في مسيرة سلمية حاشدة باتجاه الشوارع الرئيسية لوسط المدينة، لتتوقف الحشود عند المعالم التاريخية للولاية، منها المخلدة لمجازر 8 ماي، وكذا أمام النصب التذكاري للرئيس الراحل هواري بومدين، وتواصلت المسيرة السلمية في تنظيم محكم في حضور واضح لعناصر الأمن. ومن جهتهم، نظم معطوبو ومتقاعدو الجيش الوطني الشعبي، مسيرات في عدة ولايات، رافعين لافتات وهاتفين بشعارات مؤيدة للحراك الشعبي ومناوئة للتجديد والتمديد. كما رفع المحتجون لافتات كتبت عليها شعارات للتعبير عن حسهم الوطني وترفض إقصاءهم ومواقفهم، أبرزها "أنا مشطوب أنا جزائري"، و«نحن أبناء الشعب".
تصاعد احتجاجات عمال الشركات البترولية وعلى صعيد آخر، تظاهر اليوم، المئات من العمال المتعاقدين مع الشركات البترولية الناشطة بقطاع المحروقات بمدينة حاسي الرمل الصناعية، جنوبالأغواط، أمام مقر المديرية الجهوية لمؤسسة "سوناطراك"، للتعبير عن رفضهم المطلق لتمديد العهدة الرابعة. ورفع المتظاهرون شعارات عديدة، أهمها "لا للتأجيل نعم للتغيير"، "خلوالشبيبة تخدم"، " تحيا الجزائر". وتشير المعطيات المتاحة إلى تصاعد الاحتجاجات التي قام بها مئات العمال بالشركات دعما للحراك الشعبي، قابلها قلق كبير لدى مسؤولي المؤسسات النفطية، الذين أصبحوا يتخوفون من تجدد الحراك داخل القواعد العمالية وورشات العمل. وكان مدير الإنتاج بمجمع "سوناطراك" قد حلّ بحاسي مسعود في ورقلة، حيث عقد لقاءً موسعا مع مديري المؤسسات البترولية الوطنية، تناول فيها عددا من الملفات المتعلقة بالتسيير داخل فروع شركة "سوناطراك". وقال مصدر عليم، إن اللقاء كان مغلقا، إلا أن انعقاده في الوقت المتزامن مع الحراك الشعبي الرافض لتمديد العهدة الرابعة، والمُطالب برحيل النظام ورموزه، يعكس حالة الارتباك التي أصابت السلطات العليا من انتقال الاحتجاجات الشعبية إلى قواعد الحياة بالشركات البترولية.