البلاد - عبد الله نادور - أثار التفاعل السريع لرئاسة الجمهورية مع مبادرة ما يسمى بمنتدى المجتمع المدني للتغيير، في ظل عدم التفاعل أو "تجاهل" مبادرة المنتدى الوطني للحوار المنظمة من قبل المعارضة، العديد من التساؤلات، حيث قرأ البعض على أن الأمر مرتبط بقوة تأثير هذا التيار داخل أروقة السلطة، في حين يرى البعض أن الخلل يكمن على مستوى المعارضة التي "لم تفهم" رسائل السلطة من خلال خطاب رئيس الدولة. وفي السياق ذاته، قال المحلل عامر رخيلة، أن من يتتبع الأمور "يدرك شيء وهو وجود الأقلية المتنفذة" التي "لديها حظوة لدى السلطة"، رغم أنه "ليس لها أطروحات نفسها، وأفكار المجتمع الجزائري، غير أنه ما يزال عندها تأثير في دواليب السلطة"، وأيضا "نفوذ قوي وفاعل في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والثقافي". ويضيف المتحدث، أنه "لا يمكن مقارنتها مع معارضة مدجنة وليس لها استقلالية في القرار". وذكر رخيلة، أن السلطة الفعلية تتعامل حاليا مع طرفين، طرف "يمكن تدجينه وترويضه واستدراجه" يتمثل في المعارضة الحالية، وطرف ثاني حسبه "يبقى متنفذا في مختلف مرافق المؤسسات الإعلامية والسياسية والاقتصادية وحتى الثقافية"، ويرى رخيلة أن هذا الطرف أيضا "يتمتع بدعم خارجي ومعروف انتماءه السياسي، ناهيك عن الدعم الإعلامي الأوروبي الذي يحظى به". وقال رخيلة، إنه "على السلطات إذا أرادت إحداث تغيير جذري عليها العودة إلى الديمقراطية، والعمل مع الأغلبية المهمشة". كما ألقى المتحدث اللوم على المعارضة والفضاءات الأخرى التي "تفتقر للتنظيم وقوة الفصل"، محذرا في السياق ذاته من البقاء أو الدخول أكثر في عنق الزجاجة، قائلا "إن هذا الاتجاه لا يؤدي للتغيير". ومن جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة "الجزائر 3"، إدريس عطية، أنه منذ بداية الانسداد السياسي، الرئاسة كمؤسسة ترى في المجتمع المدني "فاعل حقيقي"، رغم أن الحراك لم يحدد ممثلين له، ما جعله يرى تفاعل الرئاسة مع المنتدى المدني بأنه "إيجابي"، بعد أن اعتبرت المبادرة "مقبولة جدا". ومن جهة أخرى، اعتبر عطية أن ما طرحته المعارضة يحمل الكثير من النقاط الإيجابية، غير أنه حمّلها مسؤولية ما يحدث لها، بعد أن طرحت فكرة "سجناء الرأي"، مشددا على أن هذه الفئة "قليلة جد وتقترب نسبتها من الصفر"، معتبرا أن السلطة تتخوف من أن يفتح هذا الأمر "باب جديد لمراوغة جديدة". وقال الأستاذ عطية، إن "المعارضة أقصت نفسها بهذا الطرح"، وهي التي "لم تفهم رسالة السلطة" من خلال خطاب رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، معتبرا أن السلطة كانت "تبحث عن من يطرح حلولا سريعة، وإجابات دقيقة عن الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات"، قائلا "المعارضة لم تفهم المطلب الحقيقي للسلطة". للإشارة، فقد رحّبت رئاسة الجمهورية بالاقتراح الذي تقدم به "منتدى المجتمع المدني للتغيير" بخصوص الشخصيات الوطنية التي ستقود مسار الحوار، معلنا عن "مباشرة مشاورات" لتشكيل هذا الفريق. وجاء في بيان رئاسة الجمهورية، أنه "تناهى إلى علم رئيس الدولة فحوى المداخلة التي تقدم بها منتدى المجتمع المدني للتغيير"، والتي اعتبرها "خطوة إيجابية" في سبيل تجسيد المسعى الذي اقترحته الدولة، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح من شأنه أن يكون "أرضية لتشكيل فريق من الشخصيات الوطنية التي ستوكل لها مهمة قيادة مسار تسهيل الحوار". وبعد أن ذكّر بأنه "وقوفا عند رغبة مواطنينا، وكما أكد عليه رئيس الدولة، يتعين أن تتوفر لدى هذه الشخصيات شروط المصداقية والاستقلالية، وأن لا يكون لها انتماء حزبي أو طموح انتخابي، شخصيات تبرز بفعل سلطتها المعنوية أو شرعيتها التاريخية، السياسية أو الاجتماعية المهنية"، أكدت رئاسة الجمهورية أنه "من هذا المنظور، وشريطة أن تبدي استعدادا لذلك"، تعد الشخصيات التي اقترحها المنتدى "مؤهلة تماما لأداء هذه المهمة النبيلة خدمة لوطننا".