أكد المدير العام المساعد للمعهد الوطني لحماية النباتات حميد بن سعد، أن التحكم في المكافحة البيولوجية ضد الآفات الفلاحية أضحى "أولوية وطنية" بغية تقليص استعمال المبيدات التي ثبت تأثيرها السلبي. وكشف حميد بن سعد في حديث مع وكالة الانباء الجزائرية ، أن المكافحة البيولوجية هي "أفضل سلاح ضد الحشرات المتلفة للمحاصيل الفلاحية"، معربا عن ارتياحه لمستوى الوعي لدى الفلاحين الجزائريين بشأن أهمية هذه الممارسة الجديدة. وعلى سبيل المثال، ذكر السيد بن سعد المكافحة البيولوجية و البيوتكنولوجية ضد حفارة الطماطم و هي فراشة تلحق خسائر فادحة تصل إلى 100 بالمائة في بعض البيوت البلاستيكية. ولمواجهة هذه الآفة، أوضح ذات المسؤول أنه "تم استيراد حشرات للقضاء على هذه الفراشة ، يطلق عليها اسم "نيزيديوكوريس (Nésidiocoris)" حيث أدخلناها داخل مراكز تربية قصد تكاثرها و من ثم إطلاقها في محاصيل الطماطم، الأمر الذي سمح بتقليص تكاثر حفارة الطماطم". وبالموازاة، تابع ذات المسؤول يقول أن تقنيي و باحثي المعهد قاموا بتنصيب مصائد الفيرومون في الأماكن الاستراتيجية قصد التقاط الذكر بشكل كبير، ما سمح بتقليص تكاثر هذه الحشرة المتلفة بشكل ملحوظ. من جهة أخرى، كشف ذات المسؤول أن المعهد الوطني لحماية النباتات يحوز ثلاث مراكز خاصة بتربية هذه الحشرات النافعة. وبعد أن أشار إلى فعالية المكافحة البيولوجية، أكد بن سعد أن اللجوء إلى المبيدات في عمليات مكافحة الآفات الفلاحية غالبا ما يكون مفروض بفعل الاجتياح أو تفاقم هذه العدوى الفلاحية. واعتبر ذات الخبير أنه يُفضل اتخاذ تدابير أولية من خلال حملات الوقاية المتمثلة في تعليم الممارسات الجيدة للفلاحين و تحفيزهم على الاحترام الصارم لتقنيات المكافحة قصد المحافظة على الصحة البشرية و البيئة. وفي هذا السياق، اعتبر مدير مكافحة الجراد بالمعهد الوطني لحماية النباتات، محمد لازار، أن الوقاية تسمح في الوقت المناسب بالمعالجة في مساحات صغيرة و محددة، الأمر الذي يحد من انتشار الحشرات الضارة دون اللجوء إلى الاستعمال الكبير للمواد الكيميائية عن طريق معالجة جميع المحاصيل مع جميع الأضرار البيئية و الاقتصادية التي قد تنجم عن ذلك. ولتأييد أقواله، تطرق الدكتور لازار إلى عمليات الوقاية في مكافحة الجراد التي بدأت تعطي ثمارها في السنوات الأخيرة، قائلا ان "هناك مساحات صغيرة تمت معالجتها بالمبيدات تتراوح ما بين 3.000 إلى 4.000 هكتار في السنوات الأخيرة مقابل 5 ملايين هكتار تمت معالجتها سنة 2005". واعتبر أن تسيير مكافحة الجراد استلزم 30 مليار دينارا دون احتساب الأثر السلبي للمبيدات المستعملة ضد اجتياح الجراد آنذاك، في حين أن تكلفة حملات الوقاية لم تتجاوز 1 في المائة من هذا المبلغ. ومن جانبها أبرزت مديرة مكافحة الآفات الفلاحية بالمعهد بشرة بوداود دور المكافحة البيولوجية في المحافظة على النظام البيئي، مشيرة إلى مشروع للمعهد مع مديرية الغابات لتطوير الضواري المعروفة باسم جرذ الحقول. وأوضحت أن الأمر يتعلق بإطلاق الجوارح الليلية في المناطق البعيدة حيث لا يوجد نشاط فلاحي بسبب أن هذا القارض يتكاثر خارج المناطق الفلاحية ليغزوا المزروعات منذ بداية الخريف". ومن جهة أخرى، كشفت أن استعمال مبيدات القوارض يضر بالنظام البيئي ويؤدي غالبا الى تسميم مفترسي الجرذان، مثل البوم. وأكدت بوداود أن تكاثر هذه الآفات سجل انخفاضا معتبرا، مضيفة أن معدل 35.000 هكتار قد تم تخريبه خلال موسم 2017/2018 مقارنة بموسم 2004/2005 الذي قام خلاله هذا القارض بتخريب ما يزيد عن 500.000 هكتار من محاصيل الخضر عبر 29 ولاية في البلد ما تسبب في خسارة تقدر ب 30 في المائة من الإنتاج. وأوضحت هذه الخبيرة في الأوبئة الفلاحية أن أول اجتياح لهذا القارض يرجع الى سنوات التسعينيات حيث اجتاح أكثر من 200.000 هكتار عبر 20 ولاية لاسيما في الولايات المعروفة بزراعة الحبوب في الهضاب العليا. وأضافت أن الكثير من المزارعين كانوا قد هجروا أراضيهم بسبب الوضع الأمني إبان العشرية السوداء وطوال هذه المرحلة لم يتم الاعتناء بالتربة. وهذا ما يفسر تفاقم هذه الآفة التي وجدت البيئة المواتية للتكاثر بكل أريحية. ويعيش هذا القارض الضار جدا تحت الأرض حيث يحفر من 10 الى 30 جحرا في الهكتار وأحيانا أكثر، "علما أن كل جحر يحتوي على قارض يزن ما بين 520 و500 غرام، والذي يستهلك ما يعادل 10 في المائة من وزنه يوميا لمدة ثلاث أشهر "ما يؤدي الى خسائر معتبرة".