مراقبون يتساءلون عن خلفيات الخطوة الأوروبية بعد 7 أشهر من المسيرات البلاد- بهاء الدين.م - قدّم البرلمان الأوروبي دعمه لمتظاهري الحراك الشعبي في الجزائر وأعلن تنظيمه لجلسة سماع ناشطين حول مستجدات الوضع في البلاد. وتثير هذه الخرجة المفاجئة لواحدة من أكبر الهيئات الأوروبية استغرابا ليس فقط لتوقيتها المتزامن مع الشروع الفعلي في التحضير للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر المقبل، وإنما أيضا من خلال المصطلحات التي طرأت على موقف البرلمان الأوروبي بوصفه للمسيرات السلمية بأنها "ثورة لقلب نظام الحكم"، ناهيك عن استضافة ناشطين لمناقشة "الوضع الداخلي للجزائر". وذكرت رئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي، ماري أرينا، في مقطع فيديو بثته على شبكات التواصل الاجتماعي، أن "الجزائر تعيش على وقع الأسبوع 32 لمسيرات الحراك الشعبي الذي لا يزال يستقطب حشودا من مختلف الفئات. ما يجري هو ثورة لقلب نظام الحكم، ونحن نعلن دعمنا لهم هنا في برلمان الاتحاد الأوروبي، بتنظيم جلسة سماع خاصة مع بعض الفاعلين في الثورة الحالية". وحسب المتحدثة، فإن هؤلاء المتظاهرين "يطالبون بتنظيم انتخابات، لكن ليس بالنموذج الجاري حاليا، ليس تحت إشراف النظام الحالي ولا بقواعد اللعبة التي يحاول فرضها. هم يطالبون بتعديلات على مستوى الدستور وبالتعديدية السياسية وحرية التعبير والتجمع والتجمهر، وهذا غير مسموح به اليوم في الجزائر".
دلالات التوقيت وتابعت أن "الحكومة الجزائرية اعتقلت تعسفيا أكثر من 83 متظاهرا منذ انطلاق المسيرات، ونحن نطالب بإطلاق سراحهم ووقف الاعتقالات السياسية وفتح المجال لنقاش ديمقراطي حقيقي، نحن في البرلمان الأوروبي نؤكد دعمنا الواضح والصريح لكل المتظاهرين، وسنبقى نؤيدهم ونواصل متابعة الأوضاع عن كثب في الجزائر". ويأتي موقف البرلمان الأوروبي بعد نحو ستة أشهر من انقطاع المجموعة الأوروبية عن إبداء أي موقف من المسيرات التي تشهدها البلاد أسبوعياً، والتعليق الأخير سُجل في مارس الماضي، أي قبل استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حينما أكدت المتحدثة باسم الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، مايا كوسيانتشيتش، "الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر"، وأن بروكسيل "ملتزمة باستمرار علاقاتنا وتعميقها من أجل خلق فضاء مشترك من الاستقرار والديمقراطية والازدهار". وتثير الخطوة الأوروبية تساؤولات عديدة خاصة بتوقيتها ولغتها ومدلولاتها وكذا مآلات انعكاسها على العلاقة بين الهيئة الأوروبية والحكومة الجزائرية. ولعل إقدام البرلمان الأوروبي على تنظيم جلسة خاصة مع ناشطين وفاعلين في الحراك هو أكبر "استفزاز" للسلطات الجزائرية، التي تبدي "حساسية كبيرة" من أي تدخل خارجي على خط الأزمة الحالية.
كيل بمكيالين وتشير مصادر متطابقة، إلى أن السلطات الجزائرية ظلت تراقب علاقة الاتحاد الأوروبي بمنظمات شبابية في الحراك من البدايات، وركزت مراقبتها بدعوى "اعتماد أطراف في الداخل على كيان وليس على دولة بحد ذاتها يمكن مخاطبتها في حال تسجيل ما يمكن اعتباره تدخلاً في الشأن الداخلي"، بل إن الجزائر تعتقد بوجود تأثير فرنسي في تعليقات الاتحاد الأوروبي من باب إبعاد "الشبهة" عن تدخل في خيارات دستورية تقترحها المؤسسة العسكرية وترفض التنازل عنها. ويتسم الموقف الأوروبي بالازدواجية في المعايير على صعيد التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، على غرار ما عاشته بعض بلدان الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا بخصوص السترات الصفراء مثلا، حيث اكتفى البرلمان الأوروبي بإدانة استعمال بعض فئات الأسلحة أثناء المظاهرات في بعض البلدان الأوروبية. ورغم أن نواب البرلمان لم يذكروا فرنسا بالاسم، لكن الحديث المبطن كان يخصها، لا سيما بعد أن استعملت قوات أمنها قاذف الكرات الدفاعية الذي نسبت إليه العديد من الإصابات الخطيرة في مظاهرات "السترات الصفراء".