ماذا ينتظر الرئيس الجديد القديم عبد العزيز بوتفليقة من ملفات استعجالية خلال الخمس سنوات القادمة.. وماذا ورث الرئيس من العهدتين السابقتين من ملفات لم تغلق نهائيا، كالملف الأمني ومسار المصالحة الوطنية، أو كإنجازات لم تستكمل سواء في الميدان الاقتصادي أو في ما يخص إصلاح هياكل الدولة؟ يجمع الملاحظون أن أولوية الرئيس بوتفليقة بعد أن تم تزكيته بقوة من طرف الشعب الجزائري الخميس الماضي، سترتكز على جملة من الملفات المصنفة في خانة ''استعجالي للغاية'' وعلى رأس هذه الملفات ما يتعلق بالمصالحة الوطنية، وما يعتزم الرئيس تقديمه كجرعة ثالثة للارتقاء بالمصالحة الوطنية، التي مازالت تمثل بالنسبة لبوتفليقة أولوية الأولويات، لأن لا تنمية اقتصادية دون إرساء السلم والاستقرار التام في البلد. كما أكد ذلك الرئيس نفسه في عدة مناسبات. وبالنظر لواقع الحال، وبالرغم من أن عملية استعادة السلم الأهلي قطعت أشواطا لا بأس بها منذ أكثر من 10 سنوات، وهذا عبر مختلف المبادرات التي تصب في مجملها في هدف واحد، هو القضاء نهائيا على الإرهاب والعنف وعدم الاستقرار. ورغم هذا ينتظر الجزائريون تفعيل تدابير ميثاق السلم والمصالحة والذهاب لاستفتاء شعبي حول العفو الشامل الذي ألمح إليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أثناء الحملة الانتخابية حينما تحدث عن عفو شامل مشروط بإلقاء عناصر الجماعات الإرهابية السلاح وموافقة الشعب الجزائري- خاصة المتضررين منه- عبر الاستفتاء العام المرتقب. وعليه يمكن أن تشهد العهدة الجديدة لبوتفليقة تنظيم استفتاء شعبي لإقرار عفو شامل كثر عليه الحديث في الآونة الأخيرة. أما في المجال الاقتصادي والجبهة الاجتماعية، فيتساءل المتتبعون في هذا الشأن حول السبل والطرق الكفيلة بوضع الجزائر على السكة وفي الاتجاه الصحيح من أجل التمسك بزمام الأمور في المرحلة القادمة المتميزة بحراك اقتصادي عالمي وإقليمي رهيب، سيما وتزامنها مع الأزمة المالية والاقتصادية؟ ودون شك تتلخص أولويات الرئيس المنتخب في تحقيق الرخاء الاقتصادي واستكمال الإصلاحات المالية، بعد أن استتب الأمن وعاد الاستقرار إلى البلاد. وكان الرئيس المنتخب بوتفليقة قد أعطى الأهمية القصوى لهذا الجانب في خطاباته أثناء تنشيطه للحملة الانتخابية، وليس أدل على ذلك حين خصص للمرحلة القادمة ما قيمته 150 مليار دولار من أجل مواصلة معركة التنمية التي باشرتها الجزائر خلال عشر سنوات خلت. ومن بين التحديات الملحة التي تنتظر الرئيس ملفي الأمن الغذائي ومرحلة ما بعد البترول، حيث أشار إلى ذلك الرئيس خلال عهدته المنتهية، حيث أكد مرارا أنه أصبح لزاما على الجزائريين البحث عن بدائل. وستكون المعركة القادمة التي يجب خوضها هي خلق ثروة بديلة للمحروقات في الجزائر الغنية بسواعد أبنائها الشباب الذين يشكلون ثلثي المجتمع. فسياسة ناجعة موجهة لهؤلاء تعد الاستثمار المثمر في نظر المختصين، خاصة وأن المرحلة المقبلة ستكون الحاسمة والفاصلة للجزائر إذا ما أرادت اللّحاق بركب الدول المتطورة، وهذا ليس ببعيد، بالنظر إلى الإمكانيات الطبيعية والمادية والبشرية وتوفرت الإرادة السياسية لتحقيق الهبة المنشودة. ومع انتهاء البرنامج الخماسي الذي باشرته الجزائر مع بداية 2005 ستكون هذه المرحلة مناسبة لإجراء تقييم شامل ومعمّق لمسيرة سياسة الإصلاحات، وكذا تحديد أنجع السبل والآليات الكفيلة بالارتقاء بالجزائر إلى مستوى مكانتها الاقتصادية والسياسية بين الدول، وذلك من خلال الاستفادة من أخطاء المرحلة الماضية وتعزيز مكاسبها وتدارك الوقت الضائع، وهذا الأمر أصبح أكثر من ضروري، سيما بعد أن أعلن رئيس الجمهورية أن ''سياسة الخوصصة لم توصلنا إلى الجنة الموعودة''. واقترح في هذا الخصوص برنامجا طموحا من أجل ملء ثغرات. كما ستكون العهدة الجديدة للرئيس فرصة سانحة لاستكمال المشاريع القاعدية سواء تلك التي تشرف على الانتهاء منها كمشروع القرن - الطريق السيار شرق غرب- أو التي لم تنطلق بعد كمشروع المسجد الأعظم بالعاصمة. وفي انتظار استكمال تحقيق هذه المشاريع، وعد الرئيس بوتفليقة بالقضاء على أزمة السكن وهذا بإنجاز أكثر من مليوني وحدة سكنية خلال الخمس سنوات القادمة ونفس الشيء بالنسبة لملف البطالة التي تنخر فئة الشباب، رغم ما يعلن من نسب رسمية عن انخفاضها لمعدلات دنيا، فإن بوتفليقة يعد بتقليص نسبة البطالة في أوساط الشباب إلى أقل مستوى لها وهذا بتوفير كل الإمكانيات المادية من مشاريع وتوفير فرص للشباب المؤهل لإنشاء مؤسسات صغيرة منتجة بغية تحقيق سقف 3 ملايين منصب عمل، كما وعد به الرئيس خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.