الحكومة الجديدة.. أول اختبار حقيقي للرئيس المنتخب البلاد - زهية رافع - ما تزال ملامح الحكومة الجديدة، التي سيختارها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتجسيد برنامجه في الظل، رغم إعطاء الرئيس مؤشرات قوية على أنها ستكون حكومة توافقية ومدججة بعناصر شابة، لكن إعداد هذه الكتيبة سيكون المهمة الشاقة والأصعب، بحيث ستكون تركيبتها أول امتحان للرئيس الجديد الذي سيشكل جهازه التنفيذي بعيدا عن ضغوط الكوطة، والتحرر النسبي من حكومة الأغلبية، لكنه سيواجه نص المادة 91 من الدستور، التي تحتم استشارة الأغلبية البرلمانية في تعيين الوزير الأول.
سقوط أحزاب السلطة يفقدهاأوراق اقتسام "الكوطة" ساعات فقط بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، اعترف الرئيس عبد المجيد تبون، بأن أصعب مهمة في طريقه هي تشكيل الحكومة، مكتفيا بوعود تتصل بتشبيب الطاقم الحكومي، وقال بصريح العبارة "أصعب مهمة تنتظرني هي تشكيل الحكومة الجديدة". وتابع "الشعب الجزائري سيتفاجأ بوزراء شباب جدد من كلا الجنسين، سترون فتيات وفتياناً في عمر 26 و27 سنة، في الطاقم الحكومي"، من دون أن يوضح إن كان سينظم مشاورات مع القوى السياسية الموجودة، أو مع الأحزاب التي نافسته في المرحلة الأخيرة من الرئاسيات، لكن الأمر الواضح في تأكيدات الرئيس هو أن تشكيل الحكومة الجديدة لتنفيذ خارطة الطريق السياسية التي أعدها تبون لن تكون سهلة، وسيكون من الصعب على تبون بناء حكومة على أساس تحالفات حزبية، لكنه سيكون متحررا من عقدة حكومة الأغلبية، التي كانت تفرض نفسها وتشكل عاملا في هندسة تركيبة الجهاز التنفيذي، خاصة أن أحزاب السلطة التي كان منها من هو خصما له في الانتخابات تعيش اليوم ظروفا غير تلك التي كانت عليها، ولا يمكنها أن تشكل ورقة ضغط على الرئيس الجديد، على اعتبار أن هذه القوى الحزبية التقليدية التي كانت تملأ الشارع والساحة السياسية تعيش اليوم صدمة كبيرة، فضلا عن ما تواجهه من رفض شعبي، أضف إلى ذلك وجود قاداتها في السجن، وهو ما يعطي الرئيس مبررات شرعية لتجاوز "الأغلبية" في تشكيل الحكومة. كما سيكون الرئيس عبد المجيد تبون، متحررا من ضغط الأطراف التي كانت تفرض خياراتها على الطاقم الحكومي وفق حسابات كل جهة، وهو ما يجعل الخيارات أمامه متاحة لتشكيل حكومة تكنوقراط. المادة 91 من الدستور تعقد مأمورية تشكيل كتيبة تبون لكن الرئيس تبون، الذي سيضطلع بأول مهمة فور آدائه اليمين اليوم، وهي تعيين الوزير الأول، سيصطدم بما تنص عليه المادة 91 من الدستور "وهي تعيين الوزير بعد استشارة الأغلبية البرلمانية"، بالإضافة إلى "تعيين أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول، الذي ينسق عمل الحكومة"، وتعد هذه الأخيرة "مخطط عملها وتعرضه في مجلس الوزراء"، حسب المادة 93 من الدستور. ويرى المحلل السياسي، عمار رخيلة، في هذا المقام، أن هذه المادة ستعرقل مهمة تبون في تشكيل الحكومة، فهو إن تجاوزها واعتمد على الواقع السياسي الذي يؤكد رفض هذه الأحزاب والطعن في شرعيتها، سيكون قد حاد عن نص الدستور، وإن استند في تشكيل الحكومة لنص هذه المادة، سيعقد من مأمورية الحوار وتحقيق التقارب مع الحراك بالنظر لأنها مرفوضة شعبيا، وبالتالي فإن مهمة تبون، حسب رخيلة، لن تكون سهلة، وسيكون بين سندان الدستور ومطرقة الواقع السياسي. الخبير رخيلة: من الصعب على الرئيس تشكيل حكومة من غير القوى السياسية لكن رخيلة يرى أنه صعب جداً على رئيس الجمهورية تشكيل حكومة من دون الاعتماد على قوى سياسة منظمة وتنظيمات اجتماعية من أجل الوصول إلى خليط بين التكنوقراط والفاعلين في الساحة السياسية، وليس المطلوب أن تكون حكومة متنوعة من أجل التنويع، فهو بحاجة إلى حكومة تكنوقراط بالاختصاص بعيداً من ممارسة السياسة، وتوقع أن تخضع هذه الحكومة إلى عملية جراحية بعد أشهر، وذلك وفق ما ستفرزه الساحة من مستجدات، خاصة بعد فتح ورشات تعديل الدستور، والحوار مع الطبقة السياسية، وفعاليات الحراك الشعبي. ويعتبر رخيلة أن خيارات تبون في الحكومة الجديدة سيكون فيها متحررا نوعا ما من نظام الحصص أو "الكوطة"، التي كانت تسيطر على تركيبة الجهاز التنفيذي، بحيث كانت الحكومات السابقة مرتبطة بتدخلات هيئات عدة، سواء رئاسة الجمهورية، أو قيادة الجيش، أو أحزاب الأغلبية. وقد يتبنى الرئيس الجديد في خياراته بشأن الوزير الأول رؤية المؤسسة العسكرية التي رافقت الأزمة، وكانت عاملا في نجاح هذه الانتخابات. وعن الأحزاب التي نافست تبون في الرئاسيات، وكذا القائمين على حملته والداعمين له، فيتوقع رخيلة أن تكون لها فرصة في هذه الحكومة.