بعث حكومة عبد العزيز جراد مشروع الطاقة الشمسية ديزيرتيك مجددا، بعد أزيد من عشر سنوات منذ أول ظهور له، ليعيد لأذهان الجزائريين هذا المشروع الذي أثار الكثير من الجدل سواء على مستوى الخبراء أو الإعلام. وكان وزير الطاقة، محمد عرقاب، قد أكد عل هامش عرض مخطط عمل الحكومة في البرلمان، على إعادة بعث مشروع انتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية "ديزيرتاك"، وقال "إننا في مشاورات منذ ثلاثة اشهر مع الشركاء الالمان للتحضير لاتفاقية تسمح بوضع إطار للمحادثات و إعادة بعث الاتصال بخصوص مشروع "ديزيرتاك"، وأضاف عرقاب انه من المرتقب توقيع اتفاقية بين المؤسسة الوطنية "سونلغاز" و الشركاء الالمان قبل شهر ابريل المقبل و هذا "لإنشاء اطار مشاورات بين الجهتين على اسس سليمة", مضيفا ان الهدف هو "انجاز محطات الالواح الشمسية بهدف تحقيق انتقال طاقوي على اسس تكنولوجية عالية". ما هو مشروع ديزيرتيك؟ ديزيرتيك أو ديزارتيك هو مشروع للطاقة الشمسية في شمال أفريقيا مقترح من قبل مؤسسة ديزيرتيك التابعة لنادي روما، حيث تتجاوز تكلفة الاستثمار 400 مليار يورو، ويعتمد على الطاقة الشمسية الحرارية، على أن تصدر الكهرباء المنتجة من هذا المشروع الى أوربا كما تستفيد منها دول شمال افريقيا. وأنشئت مؤسسة ديزيرتيك في جانفي 2009 بهدف تسريع وتعزيز تنفيذ مشروع ديزيرتيك، وهي منظمة غير ربحية تمتلك مكاتب في هامبورغ وهايدلبرغ بألمانيا. وفي جويلية 2013، انفصلت مؤسسة ديزيرتيك غير الربحية عن باقي الشركاء التسعة عشر (19) الآخرين في المبادرة الصناعية، متعللة بانها "لم تعد مرتاحة للأهداف التجارية التي عبرت عنها الأطراف المشاركة" في المشروع. ويتضمن المشروع إقامة شبكة ضخمة متصلة من المرايا لتحويل أشعة الشمس إلى طاقة حرارية تسخن زيتا خاصا يستخدم في تشغيل توربينات بخارية لتوليد كهرباء. وسيتم نقل الكهرباء بعد ذلك إلى أوروبا عبر خط كهرباء الضغط العالي الموجود حاليا بينها وبين شمال أفريقيا. ويمكن للمشروع أن يوفر حوالي 15 بالمائة من احتياجات قارة أوروبا من الكهرباء. إفشال المشروع في الجزائر وفي الوقت الذي كانت الأنظار صوب هذا المشروع، لم تولي الحكومات المتعاقبة في فترة الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة أي اهتمام له،بل بالعكس اعتبرت أنه عديم الجدوى. ونجد في أرشيف المشروع تصريحات لوزير الطاقة الأسبق نور الدين بوطرفة يقول إن "مستقبل المفاوضات التي تجريها الجزائر مع ألمانيا بشأن هذا المشروع الضخم لا فائدة من استكماله في ظل وجود فائض في الطاقة الكهربائية في معظم بلدان أوروبا". وبحسب بوطرفة فإن الجزائر غير مستعدة لقبول مشروع "ديزيرتيك" الأوروبي الذي يهدف إلى إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية، بسبب أن "مجمع سونلغاز كان أجرى دراسة تقنية سنتي 2012 و2013 بالتعاون مع المركز الألماني "ديزيرت أندوستري" التابع لمشروع "ديزرتيك" وأن "الدراسة خلصت إلى ضرورة مراجعة الشروط القانونية الأوروبية المرتبطة بنشاط إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية الشمسية ومراجعة سعر بيع الكيلواط الساعي للكهرباء الشمسية في الفضاء الأوروبي والذي يبقى غير تنافسي في الوقت الحالي". صراع ألماني فرنسي ؟ المشروع ونظرا لأهميته خلق الكثير من الجدل سواء في داخل الجزائر أو خارجها، وانتشرت أخبار متفاوتة الصحة تتحدث عن صراع الماني فرنسي بشأن هذه الطاقات المتجددة في شمال افريقيا. ومن ذلك التصريح الذي انتشر عبر العديد من المواقع على لسان وزير الطاقة الألماني جاء فيه "كنا نريد الاستثمار مع الجزائر في أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم في الصحراء الجزائريّة، كان بإمكان الجزائر أن تزوّد أوروبا بالطاقة الكهربائية وتجني الملايين من الدولارات، لكن الحكومات السابقة رفضت لأن فرنسا عارضت الفكرة بشدّة لكى لا تستطيع الجزائر النموّ وتنويع الاقتصاد والخروج من التبعية". لكنه السفارة الألمانية بالجزائر نفت ذلك وكتب: "التصريحات المنسوبة لوزير الاقتصاد والطاقة الألماني، السيد بيتر ألتماير، حول مشروع "ديزيرتيك" والتي نشرتها بعض صفحات الفايسبوك والصحافة الالكترونية، هي غير صحيحة، بل هي "فايك نيوز"، أي أخبار كاذبة. عودة المشروع مع الرئيس تبون ويتضمن برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الاعتماد على الطاقات المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، وهو ما جعل حكومة جراد تعيد ديزيرتيك للواجهة. وكان الرئيس تبون قد أعطى الاولوية للطاقات المتجددة من خلال تسطير برنامج لإنتاج 15 الف ميغاواط من الكهرباء آفاق 2030. وكان الرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز شاهر بولخراص قد اكد في تصريح سابق ان هناك ارادة في الانضمام مجددا الى المبادرة ديزرتيك الصناعية لطاقة الصحراء (Dii Desert Energy) المتعلقة بتطوير الطاقات المتجددة. وكان قد اوضح بهذا الشأن انه تم تكليف سونلغاز بإنجاز برامج لتطوير الطاقات المتجددة بالنظر الى اهمية مورد الطاقة الشمسية الذي تتوفر عليه الجزائر و كذا بالنظر الى شساعة مساحتها. واعتبر ان التعاون مع "ديزرتيك" الصناعية لطاقة الصحراء يكتسي اهمية كبيرة بالنظر الى الاهداف الطموحة و الواعدة التي سطرتها الجزائر في مجال الطاقات المتجددة .