يعتبر الكثير من سكان عاصمة ولاية برج بوعريريج أن واقع التنمية بالولاية لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب الذي يؤهلها لمصاف الولايات الهامة والعصرية رغم عمليات البناء والتشييد التي شهدتها في السنوات الأخيرة واستهلكت مئات الملايير. فبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن لاتزال مظاهر الترييف والتخلف تحاصر العديد من مناطق الولاية ولم تتحسن مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمواطني ولاية برج بوعريريج الذين سئموا وعود المسؤولين المتكررة والتي تتزامن مع كل موعد انتخابي، ولعل هذا الانطباع لايزال سائدا لدى الكثير من المواطنين. فالمتجول عبر شوارع وأزقة عاصمة الصناعات الإلكترونية يدرك مدى فشل كل التجارب التي قادها المسؤولون المحليون بغية النهوض بواقع التنمية. والأمطار الأخيرة كشفت العديد من العيوب التي تظهر كل موسم في قلب المدينة، فقنوات شبكة الصرف الصحي وقنوات تصريف مياه الأمطار والمياه القذرة تشهد تدهورا واسعا بفعل الأتربة والسيول وتشكل بركا مائية وأوحالا. ناهيك عن المناطق المجاورة كبلدية حسناوة التي تحولت إلى مستنقع للمياه القذرة بفعل تدهور واهتراء شبكة الصرف الصحي، مما حول حياة السكان إلى جحيم لا يطاق نظرا للروائح الكريهة التي تتسبب فيها ظاهرة صعود المياه القذرة التي أصبحت مألوفة لدى سكان المنطقة، الأمر الذي جعل حركة السير بالنسبة للراجلين أمرا عسيرا، وجعل البعض يسميها المدينة الغارقة، وكان الأوحال لعنة تطارد سكان البرج منذ عقود، حيث ارتبط بها هذا الاسم وأصبح من السمات التي تميّزها عن باقي الولايات الأخرى. ووفق هذه المعطيات التي يرجعها العديد من المتتبعين للشؤون المحلية إلى غياب إستراتيجية وسياسة واضحة لتسيير المدن، مما جعل منها مخبرا للتجارب الفاشلة على مدار ثلاثة عقود من الزمن أغرقت الولاية في التخلف والفوضى العمرانية، ولم تثمر إلا مشاريع ترقيعية لبعض الطرقات يتزامن إعادتها مع كل موسم صيف الأمر الذي استغربه الكثير من المواطنين من سياسة ''اخدم وعاود'' التي لم تثبت نجاعتها إلى حد الآن. أحياء سكنية تهددها الفيضانات وأخرى فوضوية لم تجد حلا منذ زمن بعيد يصف العديد من المختصين في مجال التهيئة العمرانية ببرج بوعريريج الخطأ الفادح الذي لم تنتبه إليه السلطات المحلية، وهو السماح للعديد من المواطنين بالامتداد العمراني على منطقة من أخطر المناطق الفيضانية بمدينة برج بوعريريج. ويتعلق الأمر بكل من التجزئات الثلاث المتجاورة 106، 295، 264 مسكن، وتقع كلها في الجهة الجنوبية أسفل مستشفى لخضر بوزيدي الموجود بالمدينة ذاتها. حيث أكد العديد من أصحاب مكاتب الدراسات قيامهم بمراسلة السلطات المحلية أثناء قيامهم بالمسح الشامل للمنطقة أو ما يعرف بمراجعة مخططات التهيئة العمرانية لإشعارهم بالخطر الذي يهدد سكان المنطقة الذين سمح لهم بالامتداد العمراني بشراء قطع أرضية تقع بمحور فيضاني مما يهدد فعلا سكان المنطقة بالكارثة في حالة تساقط أمطار فيضانية نظرا لوقوعها بمحاذاة مجرى الواد الذي يصب أسفل مستشفى لخضر بوزيدي، وهي المنطقة التي صنفتها مصالح الحماية المدنية ببرج بوعريريج بدائرة الخطر. وأوضح مهندس بمكتب دراسات ببرج بوعريريج ل''البلاد'' أن المنطقة تقع بمحور فيضاني ينبئ بكارثة لا تقل خطورة عن التي شهدتها ولاية غرداية مؤخرا، مؤكدا على ضرورة إسراع السلطات في إيجاد حل ولو مؤقتا لتغيير مجرى الواد الذي يصب بكل روافده في شوارع التجزئات الثلاث التي ما فتئت تتحول بمجرد تساقط كميات معتبرة من الإمطار إلى أحياء شبه غارقة في الأوحال، مما سينعكس سلبا على صحة سكان المنطقة إذا لم تحرك الجهات المعنية ساكنا لإيقاف الامتداد العمراني وإعادة النظر في مخططات التهيئة العمرانية لتجنيب الولاية خطر الفيضانات التي تهدد نصف سكان مدينة برج بوعريريج. والمشكل نفسه يعاني منه حي الجباس الفوضوي الموجود بقلب المدينة والذي يعود تشييده إلى الفترة الاستعمارية، والذي تهدده السيول والفيضانات. فمعظم بناياته هشة اعتمد في بنائها على الأعمدة الخشبية والطوب والقصدير، بحيث لا تتوفر فيها أدنى الشروط الأساسية للحياة الكريمة رغم صدور قرار الهدم في مطلع سنة 2000. ويخيل إليك وأنت تتجول في أزقته أنك وسط قرية بقلب مدينة البرج مفتوحة على مصراعيها للفيضانات والسيول التي أصبحت تخيف سكان الحي الفوضوي في كل موسم ممطر، زيادة على افتقادها شبكة صرف صحي قادرة على استيعاب السيول الجارفة، نظرا لاهترائها الشديد وعدم تجديدها، إذ يرجع بعضها إلى زمن الاستقلال. ناهيك عن الخطر الذي يتهدد المباني الهشة في حالة تعرض المنطقة لزلزال أو هزات أرضية عنيفة. فمعظم المباني عبارة عن أكواخ قصديرية مما أدى إلى تشويه النسيج العمراني للمدينة رغم صدور قرار الهدم من طرف السلطات المحلية، إلا أن المشكل بقي عالقا لرفض سكان المنطقة التخلي عن سكناتهم دون تعويض يرضي جميع الأطراف، مما يجعلنا نتساءل عن جدوى السكن الاجتماعي الذي أخذت منه الولاية نصيبا معتبرا إذا لم تستفد منه مثل هذه العائلات الفقيرة التي مازالت متشبثة بسكناتها الهشة التي لا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة. وقد أوضح أحد المواطنين (س.ع) القاطنين بحي الجباس منذ الاستقلال ل''البلاد'' أنه رغم مراسلاته العديدة للسلطات المعنية للحصول على سكن لائق يؤويه هو وعائلته المتكونة من 7 أفراد إلا أنه لا حياة لمن تنادي، مؤكدا أن ملف السكن الاجتماعي أودعه منذ عدة سنوات على أمل الحصول على مسكن رغم الأولوية التي تتطلب الاهتمام ببعض الحالات الاستثنائية وفق الترتيب المعمول به في عملية توزيع السكن الاجتماعي التي أصبح يشوبها الكثير من الغموض وسياسة المحاباة. وما زاد الوضع تأزما هو انعدام مناصب الشغل وانتشار البطالة التي وصلت نسبتها إلى 70 بالمائة، مما انعكس سلبا على فئة الشباب التي انجرت إلى تعاطي المخدرات والسرقة والانحلال الإخلاقي هروبا من الظروف الصعبة والواقع المزري. شبكة طرقات متدهورة وأغلفة مالية معتبرة بالرغم من استفادة ولاية برج بوعريريج في مجال الطرقات بعدة برامج تنموية رصدت لها الدولة أغلفة مالية معتبرة قدرت ب 2085 مليار دينار طيلة ثلاثة عقود وتسجيل 1027 عملية، إلا أن هذا القطاع لايزال في مؤخرة القطاعات المتخلفة نظرا للتدهور الذي تشهده العديد من الطرقات داخل المدينة وخارجها رغم التجديد الذي طال بعض الطرقات الرئيسية التي تحتل الواجهة في سلسلة العمليات التجميلية والترقيعات التي تزامنت مع زيارة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أثناء الحملة الانتخابية. وهذا ما يؤكد غياب سياسة واضحة في تسيير المدن وإنجاز مشاريع وفق مقاييس عصرية تضمن الدوام والاستمرارية.