عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس صديق طفولته فؤاد عالي الهمة، مستشارا ملكيا، وذلك رغم كونه شخصية موضع ارتياب وكراهية من الحزب الإسلامي الجديد المكلف بتشكيل الحكومة والمحتجين الذين تدفقوا إلى الشوارع هذا العام· وينظر إلى عالي الهمة على نطاق واسع على أنه من أركان ما يعرف ب”المخزن” وهو نخبة في البلاط الملكي احتفظت دائما باليد العليا فوق صندوق الاقتراع بتعيين مسؤولين حكوميين وتحديد السياسات الرئيسية· والمخزن هو أحد الأهداف الرئيسية للحركة المغربية الداعية للتغيير والتي استلهمت انتفاضات شعبية في أرجاء العالم العربي· وعلى وجه الخصوص كانت مهمته منذ 2007 مواجهة النفوذ المتنامي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل الذي فاز الشهر الماضي في الانتخابات التي قدم الملك موعدها حوالي عام لمنع امتداد انتفاضات الربيع العربي إلى مملكته· وقال الديوان الملكي في بيان إن تعيين عالي الهمة يستند إلى الخبرة التي اكتسبها في تنفيذ المهام التي عهد إليه بها· وعين عالي الهمة أمينا بوزارة الداخلية في 1999 ثم نائبا لوزير الداخلية في الفترة من 2002 حتى .2007 وأسس بعد ذلك حزب الأصالة والمعاصرة في محاولة لتحدي صعود حزب العدالة والتنمية، لكنه استقال من الحزب في ماي الماضي مع تصاعد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية بمحاسبته ومحاكمته· ويسعى عبد الإله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية حاليا لتشكيل الحكومة التي يشارك فيها الإسلاميون للمرة الأولى في المغرب· وكان بن كيران دعا الملك أكثر من مرة إلى كبح جماح عالي الهمة الذي مارس ضغوطا شديدة على حزب العدالة والتنمية أثناء عمله في وزارة الداخلية عقب تفجيرات انتحارية في 2003 ألقى فيها بالمسؤولية على ”متشددين” وأسفرت عن مقتل 45 شخصا في الدار البيضاء·
كما اتهم بن كيران عالي الهمة باستغلال علاقته الوثيقة بالملك للضغط على المسؤولين الحكوميين والقضاة بل ومسؤولي الأمن لإحباط مسعى الحزب للوصول إلى السلطة· وفي السياق ذاته، قال دبلوماسي غربي مقيم في الرباط إن تعيين عالي الهمة مستشارا ملكيا ”ربما يضع حدا للغموض الذي يحيط بدوره الحقيقي”، مضيفا ”تعيين عالي الهمة لن يؤدي في الحقيقة إلى تعطيل الأمور، ورغم ذلك؛ فهو ليس أقل الشخصيات المثيرة للجدل المحيطة بالقصر، ومن ثم ربما يكون هناك رد فعل قوي، من الشارع أكثر منه من حزب العدالة والتنمية”· وقال المتحدث
”ستحدث اضطرابات أكبر إذا اصطدمت مساعي بن كيران في تشكيل الحكومة مع إصرار البلاط الملكي على الاحتفاظ بالحقائب الوزارية السيادية”، حيث جرت العادة على أن يعين الملك وزراء العدل والداخلية والدفاع والخارجية·
من ناحية أخرى، أكد عضو بارز في العدالة والتنمية أنه لن يفرض نظاما أخلاقيا متشددا على المواطنين وسيدعم، على العكس من ذلك، الفنون التي تعبر عن التراث الثقافي المغربي· وقال محمد يتيم، وهو عضو الأمانة العامة للحزب ”نحن في العدالة والتنمية لا نبالي بالحياة الخاصة للأشخاص وليس من مهامنا التدخل لا في عقائد الناس ولا في تصرفاتهم”، مضيفا ”لا بد أن تكون للحكومة الجديدة سياسة في هذا المجال لكن لن تكون شرطة الأخلاق مثلا·· وفيما يخص الآداب العامة والأخلاق العامة، هناك قوانين تنظمها لكن لن نرغم النساء على ارتداء الحجاب لأن ديننا دين تسامح”·