تبدأ اليوم جولات المفاوضات بين الجزائر وباريس حول اتفاقية 1968 الخاصة بتنقل الأشخاص، وسط تمسك الجزائر بالامتيازات التي تمكنت من افتكاكها لصالح رعاياها، باعتبارها مكسب تاريخي· وأفادت مصادر دبلوماسية ”البلاد”، أمس، أن باريس تسعى منذ مدة لإقناع الجزائر بضرورة إجراء عملية تحيين على هذه الاتفاقيات وفق ما يتماشى وتطور الأوضاع، لكنها تحمل نوايا مبيتة لحمل الجزائر على التراجع عن الامتيازات التي افتكتها بموجب هذا الاتفاق· ويلتقي الوزير حليم بن عطا الله، اليوم، بنظيره الفرنسي في جلسة تفاوض جديدة ترغب فيها باريس إلغاء بعض بنود الاتفاقية في حين تصر عليها الجزائر· وتعثرت المفاوضات بين البلدين منذ ,2008 على خلفية مسألة ترحيل الجزائريين المقيمين بصفة غير شرعية على التراب الفرنسي، وقال المصدر ”إن الإشكال بات مطروحا بشدة بين البلدين· وكانت الأمور تسير ببطء قبل سنة 2008 لكن بشكل إيجابي لتتوقف المفاوضات بعد هذا التاريخ بشكل نهائي، بسبب سوء تفاهم حول عدة نقاط حاولت باريس فرضها على الطرف الجزائري، التي رأت فيها مساسا بمضمون الاتفاقيات وتعديا على حقوق الجزائريين، موضحا أن فرنسا تراجعت عن ما أقدمت عليه، وسارعت إلى برمجة لقاءات بين السفير الفرنسي بالجزائر ومسؤولين من وزارة الداخلية والخارجية وإطارات من مديرية الأمن الوطني، وأضاف المصدر إن الجزائر رفضت مواصلة التفاوض في موضوع ترحيل ”الحرافة” الجزائريين وفق المنظور الفرنسي، وأجلت الحديث عنه إلى وقت لاحق· وقررت باريس والجزائر إعادة إحياء المفاوضات بشكل فعال خلال الزيارة التي قام بها كلود غيون، وزير الداخلية الفرنسي إلى الجزائر في ديسمبر من العام المنقضي، رغم رفض الجزائر المساس بروح الاتفاقية، خاصة في الشق المتعلق بالعمل والإقامة والاستفادة من نظام التقاعد، في ظل ترسانة القوانين التي شرعت باريس في سنها بخصوص الهجرة والعمل بفرنسا والتي وصفها المراقبون ب”المخنقة”· هذا وتقترح الجزائر ضمن قرار مراجعة الاتفاقية تسوية ملفات العمال الجزائريين من دون وثائق في فرنسا والحفاظ على الإجراءات الخاصة بالزواج وخاصة التجار· وتحاول باريس عن طريق مراجعة الاتفاقية، التعامل مع المهاجرين الجزائريين بنفس المعاملة التي تعامل بها المهاجرين في دول مغاربية كتونس والمغرب، مقابل تسهيل منح تأشيرات التنقل، وهو الأمر الذي ترفضه الجزائر حسب تصريح وزير الخارجية مراد مدلسي مؤخرا الذي قال ”إن اتفاق 1968 هو ميزة العلاقات التاريخية الخاصة بالفرنسيين ونحن مصرون على الحفاظ على هذه الاتفاقية”· وأوضح الوزير أن هدف الجزائر هو التوصل إلى اتفاق على أساس اتفاقية 1968 بإضافة بعض البنود لتسهيل إقامة الجالية الجزائرية في فرنسا وشروطها المسيرة حاليا بالقانون العام الفرنسي· واعتبر مدلسي أن سنة 2012 يجب أن تكون ”سنة اعتبار اتفاقية 1968 مكسبا لا رجعة فيه”·