قبل 17 سنة من اليوم، فقدت أمّ أول مولودة لها بعد سرقتها منها ساعات قليلة بعد ولادتها بمستشفى مصطفى باشا لتجدها بعد 15 سنة، بفضل ابن شقيقتها الذي تربطه بها علاقة عاطفية كونهما كانا يدرسان بصفّ واحد وتكتشف أن ابنتها ظلت قريبة منها كونهما يقيمان بسكنات متقاربة بحي الرويسو لا تفصلهما سوى بناية مجلس قضاء الجزائر· قضية مأساة الأم بدأت عند توجهها إلى مصلحة الولادة بمستشفى مصطفى باشا لوضع أول مولود لها كان من جنس أثنى وتم ذلك في حدود الساعة الثالثة صباحا من يوم 22 جانفي ,1995 ولكون زواجها تم بالفاتحة، كونها لم تبلغ سنّ الرشد ألزمتها إدارة المستشفى بضرورة استحضار دفتر عائلي لتجبر على مغادرة المستشفى في حدود الساعة الثامنة صباحا بأمر من إدارة المصلحة، وهناك تم حبك خيوط القضية بعد استصدار أمر لخروج الرضيعة بعد مضي ساعتين من الوقت وبالرغم من إلحاحها على استلام فلذة كبدها إلا أنّ مسؤولي المصلحة تماطلوا وافتعلوا لها حججا واهية بإقناعها أن تسليم الطفلة سيتم بإحضار الدفتر العائلي، وبرجوعها إلى المستشفى تفاجأت بفاجعة اختفاء ابنتها وأنها قد تنازلت عنها مع أنها لم توقع على أي وثيقة رسمية كونها قاصر· ارتباط الأم الضحية العاطفي بفلذة كبدها زاد عزيمتها قوة ولم تيأس في البحث عنها إلى أن تمكنت من الحصول على لقب العائلة التي تبنت ابنتها· ·· ويعود بصيص أمل اللقاء قبل سنتين عاد ابن شقيقة الأم الضحية إلى المنزل ليخطر خالته باحتمال وجود طريقة للعثور على ابنتها المفقودة لكون زميلته تحمل نفس لقب العائلة التي تبنتها، لتطلب منه الاستفسار منها عن فتاة يكون قد تبناها أحد أقاربها لتخطر البنت أمها (بالتبني) التي أكدت لها عدم وجود أي فتاة متبناة وسط العائلة، ومع ذلك كان دافع الأمومة سبيلا لاكتشاف لبس قضية مضى عليها 15 عاما دون أن تفقد الأم الأمل في إعادة رؤية ابنتها لتلح على ابن شقيقتها لرؤيتها وهناك زعزعتها مشاعر الأمومة وزادها أكثر فأكثر اندهاش ابن شقيقتها للشبه الواضح بين صديقته وخالتها، ليتأكد لها صحة مشاعرها وتباشر وزوجها بحثهما عن الحقيقة وتكتشف أنّ ابنتهما التي حرمت منها كانت تعيش بالقرب منها ولا يفرقهما سوى بناية مجلس قضاء الجزائر الكائن بالرويسو· تزوير شهادة ميلاد وبيان الولادة لحرمان أمّ من ابنتها سعي الوالدين الطبيعيين لاسترجاع أول فرحة لهما قادهما لاكتشاف الحقيقة وإحالة القضية على العدالة، ليتضح أنّ والدة الطفلة كنزة بالتبني التي صارت الآن شابة، هي من وقعت على شهادة التنازل عن المولود ووقعت وبصمت عليها مدونة اسمها الكامل، لتحول المولودة حينها وبعد يوم من ولادتها وبتواطئ مع شقيقة زوجها التي تعمل بمصلحة التخدير بمستشفى مصطفى باشا إلى مركز رعاية الطفولة بالأبيار لتسلم إلى عائلتها بالتبني، دون أن تعلم بالحقيقة إلى غاية يوم كشف الستار عن الواقعة· كما كشفت التحريات أنّ الأب بالتبني الذي يعمل كهربائي وكان يقدم نفسه على أساس أنه عسكري هو من وقع على وثائق استلام الرضيعة ليستخرج لزوجته بيان ولادة صادرة عن إحدى العيادات الخاصة بسيدي يحيى ليتم استخراج لها شهادة ميلاد صادرة عن مصلحة الحالة المدنية لبلدية بئر مراد رايس وقع عليها ضابط الحالة المدنية المدعو (ب· م) والذي خضع للتحقيق على خلفية هذه القضية واستفاد من انتفاء وجه الدعوى، حيث أكّد فعلا تحريره لشهادة الميلاد بناء على تصريح الأب (المتبني) بموجب تقديمه لبطاقة تعريفه الوطنية التي أخذ منها معلوماته الشخصية، غير أن الأبوين بالتبني فنّدا ما نسب إليهما مع أن الأم بالتبني كانت قد صرحت في محاضر سماعها أن والدتها المرحومة هي من قامت بتسجيل الطفلة يوم 19 أفريل ,1995 مع أن زوجها استخرجها في اليوم الموالي من ميلادها، وبمقابل شهادة الميلاد المزورة راح المتهمان يستخرجان بعد بلوغهما متابعتهما القضائية شهادة كفالة ظنا منهما أنهما سيتمكنان من تدليس ما ارتكباه من جرم· كيف يمكن للأبوين الطبيعيين نسبة ابنتهما لهما؟ ونظرا لخطورة الوقائع، ألّح دفاع الأبوين الطبيعيين ممثلا في الأستاذ، مولود زيدوك، على ضرورة اتخاذ السلطات القضائية التدابير اللازمة التي تمكن الوالدين الطبيعيين من إعادة انتساب ابنتهما لهما، وأكّد الدفاع أنّ وقائع هذه القضية جدّ خطيرة وهي لا تختصر في جنحة، بل تتعداها مطالبا بإعادة تكييفها إلى جناية وضرورة إعادة فتح تحقيق معمق واحتياطيا إلزام الوالدين بالتبني المتهمين بالتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية بتعويض الأبوين الطبيعيين بما قيمته 100 مليون سنتيم حتى وإن لم يكن ذلك تعويضا فعليا لما افتقداه من فلذة كبدهما والتي حسبه لم تلق الرعاية الحسنة مثلما كانت ستكون عليه بدفء عائلتها الفعلية المحافظة· وعلى أساس ذلك كانت طلبات نيابة محكمة بئر مراد رايس التي نظرت في القضية يوم أمس الأربعاء، الإقرار بعدم الاختصاص النوعي في هذه القضية ذات الطابع الجنائي طبقا للمواد 163 من القانون الجزائي الجزائري والمواد 215 ,214 و321 من قانون العقوبات