خلال أقل من شهر كرّر مؤسس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، أن ضباط متقاعدين في الجيش التحقوا بحزبه الجديد وهذا ضمن حركية جعلت عددا كبيرا من الإسلاميين في أحزاب أخرى توصف بالإسلامية أيضا تدخل في ”دين” الجبهة العادلة أفواجا أفواجا! ومع أن جاب الله اختبر السلطة والشارع معا في أكثر من مناسبة وقد يتميز بحنكة عالية وقدرا كبيرا من المناورة، إلا أن تكراره مقولة أن ضباطا دخلوا حزبه، دون أن يحدد مستواهم إن كانوا ضباط صف (وقسم) أم ضباط سامين (وسماويين)، يجعل البعض يشك في عقلية جاب الله (العسكرية) نفسها، بعد أن كانت عقلية سياسية منحازة للمعارضة في الواجهة على شاكلة سلطة الواجهة! ربط النضال السياسي (وليس النضال الخبزوي) بالعسكر أمر مستهجن، لم يجرؤ على التصريح به حزب مثل الأرندي لصاحبه أحمد أويحيى، فهذا الحزب الذي ولد بشلاغمو من رحم أجهزة الدولة، لم يقل ذات يوم أن مناضليه (الكسراويين من كسرة وطاس لبن)، معظمهم من الشنابيط والعساسين وكل من يلبس كوسيتم! فهو يدرك أن ذلك يسيء إليه أكثر مما ينفعه، لأن الأحزاب إنما تولد من رحم الجماهير، وهي التي تحتضنها وتعسها وتحرسها! وعندما يحرص جاب الله عبد الله على التذكير بأن حزبه الجديد يضم ضباطا في الجيش، فإن ذلك يطرح ثلاث فرضيات على الأقل قابلة للنقاش، الفرضية الأولى أن جاب الله يريد أن يوجه رسالة اطمئنان لضباط الجيش بأن مكانهم مضمون في الحزب بعد تقاعدهم وقدرهم غير مهضوم أو مذموم، ويهدف من وراء ذلك إلى كسب دعمهم على كونه إسلامي معتدل يريد فقط تحقيق التنمية والعدل! ولا يريد أن يسأل عما فعلوا أو كسبوا! الفرضية الثانية، أنه يريد أن يذكر خصومه من الإسلاميين والعلمانيين والجهل(يين) بأنه الأقوى مادام أن العسكر القديم يؤازره! وهذا شيء يشبه تحايل البعض على أفراد ومؤسسات بانتحال صفة ضابط في الأمن أو إطار سامي في الرئاسة! الفرضية الثالثة أن جاب الله الذي يحيط نفسه في كل مره بدائرة سوء ودائرة انقلابية جردته من حزبيه السابقين الذين أسسهما (النهضة والإصلاح)، أراد أن يحتمي بالضباط المتقاعدين ليأمن شر أعدائه من أي انقلاب ثالث محتمل، خاصة أن هؤلاء ليس لهم بحكم السن طموح في القيادة، وهذا مصداقا للحديث النبوي ”لايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين”، وقد لذع·