لقي الشاب الفرنسي من أصول جزائرية محمد مراح مصرعه فجر الأربعاء المنصرم على يد القوات الخاصة للشرطة الفرنسية بعد أسبوع مؤرق للساسة الفرنسيين، على خلفية ما شهدته فرنسا من اغتيالات غير مسبوقة طالت ثلاثة عسكريين ثم عائلة يهودية فيما بعد. الضحية المشتبه بضلوعه حسب الرواية الفرنسية الرسمية في هذه العمليات الإجرامية يبلغ من العمر ثلاث وعشرين سنة، ولد وترعرع في مدينة تولوز حيث تعيش عائلته منذ هجرة جده مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، مما يعني أنه فرنسي الثقافة والتنشئة الاجتماعية، على خلاف ما حاول الإعلام الفرنسي ترويجه باستهداف الأصول الجزائرية والمغاربية عموما للجالية العربية من خلال تحميلها وزر الآفات التي تنخر المجتمع الفرنسي، حيث أصبح يهتز دوريا على وقع أحداث العنف، لا سيما مع تقلد ساركوزي سدة الحكم، إذ يبدي جزء معتبر من المواطنين الفرنسيين شعورهم بالعنصرية والتمييز. وزير الداخلية كلود غيان نسب الشاب محمد مراح إلى تنظيم القاعدة وذلك في ندوة صحفية عقدها يوم الخميس، مدرجا إياه ضمن لائحة المتطرفين الإسلاميين حسب شهادات يكون قد أدلى بها الضحية للشرطة التي استجوبته من خلف باب الشقة التي كان يتحصن بها!، مضيفا أن هذا الأخير تلقى عرضا من قيادة القاعدة بتنفيذ عمليات انتحارية في أي مكان من العالم، لكنه فضل المسرح الفرنسي وفق تصريحات المسؤول الفرنسي، الذي ذكر أن المتهم كان قد زار أفغانستان وباكستان في مرحلة سابقة. عملية التصفية التي تعرض لها المجرم المفترض قابلتها كثير من الأوساط الإعلامية والسياسية في فرنسا وخارجها بكثير من الريبة والتشكيك في صدقيتها ودقة روايتها التي تفتقد فصولها إلى التناغم والصلابة حسب هؤلاء المنتقدين. كريستان بورتو مؤسس وحدة التدخل للدرك وجه ضربة قاسية للأمن الفرنسي، عندما صرح قائلا: «هناك مسحوق يمكن استعماله مثل الطحين لا يمكن لأحد مقاومته»، ليطعن بذلك في الرواية الرسمية ويضع بذلك عملية الاغتيال الجسدي بدل إلقاء القبض على المتهم موضع الشك والتأويل، علما أن مصادر أمنية فرنسية نقلت أن الشاب محمد مراح كان يحاول الهروب عبر النافذة من الطابق الأول للشقة عندما أصابته رصاصة في رأسه وأخرى في صدره!. بعض المواقف النقدية لتصرف الأمن الفرنسي تقدم قراءات مثيرة للجدل حول الحادثة، ترتبط بمجريات الحملة الانتخابية، حيث فرضت الوقائع المتتالية خاصة بعدما شملت العائلة اليهودية، على الرئيس نيكولا ساركوزي طي صفحة الأزمة، بعدما توجهت أصابع الاتهام نحو اليمين المتطرف الذي يسعى الرئيس المترشح جاهدا لاستمالته إلى صفه الانتخابي، وفي الوقت ذاته قدمت ورقة أخرى للسجال الانتخابي، تتعلق بإثارة موضوع الهوية والاندماج والمواطنة الفرنسية من جديد في ثوب عنصري على حساب الجاليات التي تعيش فوق دولة شعارها: العدالة، الأخوة والمساواة، لكنها تختار دوما كبش الفداء من مواطنين تصنفهم الثقافة الفرنسية في الدرجة الثانية والثالثة والأخيرة.