يعيش التلاميذ في هذه الآونة المرحلة الأصعب من حياتهم سواء بالنسبة للأقسام النهائية أو غيرها، فمثلما تقول الحكمة المعروفة ،يوم الامتحان يُكرم المرء أو يُهان ، لهذا تجدهم يعدون العدّة لخوض معركة يكون الفاصل فيها الرسوب أو النجاح، والنتيجة هي وحدها التي يمكنها حسم الموقف والانتقال إلى الشوط الذي يليه و الحصول على تأشيرة المرور . عائلات تدخرن كل جهودها في مُساندة أبنائهم
يحتاج التلاميذ والطلبة في فترة الامتحانات إلى الكثير من الرعاية والاهتمام من طرف أوليائهم، فهم شغلهم الشاغل الذي يحتل الصدارة من بين اهتماماتهم، فيصبح المنزل جوا يسوده النظام والانضباط ، ولا يحق التهاون في هذا الظرف الطارئ الذي لا يتحمل أي خطأ مهما كان بسيطا، وبالمقابل يدخر الأولياء كل جهودهم في مساعدة أبنائهم من أجل تجاوز هذه المرحلة ، فيعدون العدّة الكافية لذلك من اهتمام مادي أو معنوي، في هذا الصدد تقول السيدة "عقيلة" أم نجم الدين، الذي يدرس في القسم النهائي أنها تشعر بأنها هي المعنية بالامتحانات بالأخص امتحان البكالوريا ، حيث تعيش معه هذه المرحلة بكل تفاصيلها وضغطها ، وتقاسمه مشاعره وأحاسيسه، وهي تدرك جيدا أنه ليس بالشيء السهل عليه، وأنها ستقبل نتائج الامتحانات بكل روح وتفاءل، لأنها تدرك جيدا أن ابنها "نجم الدين" لم يقصر في التحظير للشهادة التي يأمل و تأمل هي أيضا في الحصول عليها لأنه بذل ما بوسعه خلال العام الدراسي و الآن هو ينتظرها بتحصيل ثقيل . وفي ذات السياق حدثتنا السيدة "نادية" أم منال التي تدرس في قسم الرابعة متوسط ، وهي في صدد تحضيرها لامتحانات آخر السنة أنها تنهض باكرا مع ابنتها "نبيلة" قصد تحضير لها وجبة فطور الصباح والتي تعدها خصيصا من أجلها، فتحرص أن تحتوي على الفيتامينات والبروتينات والسكريات التي تساعد الجسم على التركيز ومده بالطاقة اللازمة لذلك، علاوة على مساندتها المعنوية لابنتها، كون الجانب النفسي يلعب دور أساسي في التفوق والنجاح. الخوف هاجس يُسيطر على الممتحنين
لكن يبقى الخوف الإحساس الذي يُسيطر عموما على جميع التلاميذ، بما فيهم النجباء ، ولا يمكن السيطرة على هذا الشعور إلا بعد تجاوز هذه المرحلة والانتقال إلى مرحلة أخرى ، و بهذا يتحول الخوف من مجرد شعور إلى هاجس لدى البعض وكابوس لا يمكن السيطرة عليه، وهذا ما لمسناه بعد حديثنا مع "أمال.ب" ، طالبة في القسم النهائي، تقول أنها لا تشعر بطعم الراحة أو الهدوء ، وهاجس البكالوريا يطاردها في كل مكان و زمان لدرجة أنها أضحت ترى كوابيس مزعجة في منامها وكلها تنصّب على امتحان البكالوريا ونتائجه. أما "توفيق" تلميذ في قسم الثالثة متوسط، فقد لمسنا من خلال حديثه تخوفه الشديد من الرسوب وعدم الانتقال إلى القسم النهائي من المرحلة المتوسطة، فهو لم يذق طعم الرسوب طيلة مشواره الدراسي، وقد تعوّد على النجاح بتفوق إلا أنه عان من بعض الظروف العائلية التي جعلت مستواه الدراسي يتأخر هذه العام، الأمر الذي جعله يشعر بالخوف والقلق من النتائج التي أفقدته الراحة والطمأنينة ليعيش أصعب مرحلة في حياته. وفي ذات السياق كان لنا حديث مع السيدة "ياسمين" 33 سنة، مراقبة بمؤسسة تربوية، حيث أكدت لنا أن الخوف هو السبب الرئيسي وراء رسوبها في امتحان البكالوريا كونها كانت من التلاميذ النجباء، لكن الخوف سيطر عليها بأشهر قبل موعد الامتحانات، هذا ما جعلها ترسب للمرة الثانية في شهادة البكالوريا ، وتضيف "ياسمين" أنها لا تزال تُعاني من هذه العقدة إلى يومنا هذا، فكلما اقتربت امتحانات البكالوريا يُصاحبها نفس الإحساس . نفسيا: الخوف والارتباك تكون نتيجته سلبية
هذا الإحساس بالخوف من الامتحانات كثيرا ما تكون عواقبه وخيمة ، ففي حالات كثيرة يتعدى إلى الهروب من المنزل أو الانتحار ، بشكل آخر قد ينجر عنه عقد نفسية لدى الأطفال لا يمكنهم التخلص منها طيلة مشوار حياتهم . في هذا تقول الأخصائية النفسانية "حورية-ل"، أن ممارسة العنف والقسوة من طرف بعض الأولياء على أطفالهم من أجل الحصول على نتائج جيدة يعد أكبر خطأ يرتكبه الأولياء في حق أولادهم، فهذا التصرف لا يزيدهم إلا خوفا وينقص من ثقتهم بنفسهم وفي حالات أخرى يكون الدافع الأكبر وراء هروبهم من المنزل أو انتحارهم أمام الضغوطات الممارسة عليهم . وفي ذات السياق كان لنا حديث مع السيد "محمد ,م " مدير مدرسة ابتدائية، حيث أخبرنا عن الحادثة الأليمة التي حدثت لأحد تلاميذه في السنة الرابعة الذي هرب من منزله الموسم الفارط بعدما وجد نفسه بين سندان معاملة والده القاسية له و مطرقة تهديداته وتوعداته القاسية في حال رسوبه ، خاصة أنه كان يمارس عليه الضرب المبرح، وهذا ما جعل الخوف يسيطر على الطفل وأفقده الثقة بنفسه ، فلم يعد قادرا على الاستيعاب مما جعله يرسب في الدراسة ، وخشية من ردة فعل والده هرب من منزله، ليعثر عليه في الأخير بولاية البليدة والحمد لله أنه رجع لحضن عائلته أملا في أن تجنبه المعاملة القاسية .