يعتبر الأكاديمي عبد القادر لصهب، أن المسرح الجامعي بات ممارسة مناسباتية في ظل غياب أو تغييب الفعالية المسرحية في المؤسسة الجامعية، مضيفا أن وجود مسرح جامعي لم يتحقق بعد رغم وجود 8 أقسام للفنون الدرامية بالجزائر، مرجعا السبب إلى غياب رغبة حقيقية بالنهوض بهذا التخصص وكذلك ندرة الهياكل المسرحية داخل هذه الأقسام وغياب تنسيق فعلي بين الجامعة والمؤسسات المسرحية والثقافية. زينة.ب وأصر الدكتور لصهب، لدى تنشيطه للعدد 22 لمنتدى المسرح الوطني بصفحة هذا الأخير ب”فيسبوك”، على ضرورة وضع رؤى واضحة للنهوض الفعلي بالممارسة المسرحية بالجامعة، فهو ظاهرة إيجابية للإسهام في تطور الظاهرة المسرحية عموما بالجزائر وإبعادها عن الخطاب النقابي والأيديولوجي، قائلًا أنه يجب أن يكون ضمن المناهج التعليمية من خلال ما يسمى “مسرحة المواد التعليمية” والذي يساهم في تقديم المادة التعليمية في قالب درامي يساهم في ترسيخ المعلومة للتلميذ ويحوله من مجرد متلقي للمعلومة إلى مشارك في بثها، فالمسرح المدرسي لبنة جد هامة في تكريس الثقافة المسرحية لدى النائشة. وأضاف لصهب أن مهرجان المسرح الجامعي المنظم من لدن الديوان الوطني للخدمات الجامعية وبرغم أهميته إلا أنه يبقة لقاء مناسباتيا بعيدا عن التطلعات التي نبتغي من خلالها التأسيس الحقيقي لمسرح جامعي يسجل حضوره عبر يوميات المؤسسة الجامعية واهتماماتها، مشيرا في عموم الأمر إلى ابتعاد الجامعة عن المؤسسات الثقافية وغياب سياسة أو رؤية حقيقية للتواصل الثقافي والمعرفي بين الجامعة وغيرها من المؤسسات الثقافية، مؤكدا أن مسألة غياب التمويل ليست العائق وإنما العائق الحقيقي هو توجيه ميزانية النشاطات الثقافية إلى أمور ثانوية لا تخدم الثقافة في شيء. وبشأن قلة إقبال الطلبة على تخصص المسرح، أرجع لصهب الأمر لأسباب عديدة على غرار الطلب في سوق الشغل، نقص إيلاء الأهمية اللائقة بالفن المسرحي عموما من لدن الدولة، وكذا عامل غياب الثقافة المسرحية لدى كثير من الطلبة الجامعيين في ظل غياب سياسة حقيقية للنهوض بالمسرح ككل، ومن بين الطروحات -يضيف- التي تمت المناداة بها ولا تزال، هي تكريس المسرح المدرسي كفعالية نشاطاتية داخل المؤسسات التربوية التي تعدّ مهادا لتكوين مسرحي جامعي، مشيرا في السياق ذاته إلى أن تكوين الطلبة في المضمار المسرحي يعرف نقائص جمة، أولها الممارسة المسرحية عند كثير من أساتذة المسرح أنفسهم، إضافة إلى غياب قاعات للعرض المسرحي، كما أن السياسة التعليمية للجامعة في حد ذاتها باتت تركز على المعطى الكمي دون الكيفي أو حشو مجموعة كبيرة من المعلومات بغية إعادة استنطاق الطالب عبر الامتحان دون التركيز على تكريس المسرح كثقافة ممارساتية عند الطالب، زد أن أغلب الطلبة الذين يدرسون المسرح يجدون أنفسهم بهذا التخصص دون رغبة منهم. ولكن من جهة أخرى، يؤكد الدكتور لصهب، أنه بالمقابل هناك الموهوبون في المسرح وذلك ما وقف عليه خلال تأسيسه لفرقة مسرحية بجامعة تلمسان حيث كان كل الأعضاء بعيدين عن تخصص المسرح كدراسة أكاديمية، وما كان يجمعهم هو حب المسرح كفن، ولكن -يضيف- أنه كان يعمل على تلقين أعضاء الفرقة بعض الرؤى الأكاديمية للممارسة المسرحية، أما عن تموقع المسرح الجامعي بين الهواية والاحتراف فيظن أنه لو أولي العناية اللائقة به لكان مسرحا محترفا مؤسسا على رؤية علمية بحق. يقول الدكتور “تعدّ الجامعة منارا معرفيا يؤصّل لثقافة تواصلية تقوم على الطرح الواعي لقضايا الفرد والجماعة، ومن ثمّ اكتست الرسالة الجامعية بعدها الحضاري المتسامي، غير أنّ ما نلحظه على مؤدى المؤسسات الجامعية بالجزائر هو غياب -أو تغييب- الممارسة المسرحية، باعتبارها منبرا تعبيريا يؤصّل لثقافة “الاختلاف” وكذا بسط القضايا الرئيسة التي تشغل حيزا لا بأس به من الوجدان الجمعي، سواء كان هذا البسط إجراءً وصفيا تشريحيا أو طرحا للبديل؛ فالمسرح الجامعي مدونة تؤطرها البصمة الأكاديمية، في منحى “منظور” / “مرئي”، فهو يستثمر البحث النظري ليجليه عبر “العرض” ترسيخا لأبجدياته المؤسسة له، ومن ثمّ يكتسي المسرح الجامعي أهميته البالغة كونه يجمع بين منظومتين؛ المنظومة الأكاديمية التي تؤسسها الرؤى المنهجية الصارمة والإشكاليات البحثية من جهة وكذا المنظومة الفنية القائمة على (جمالية البسط) من جهة أخرى. وهنا نقف إزاء إشكالية معرفية مفادها: ما موقع المسرح في المنظومة الجامعية الجزائرية؟ وكيف يمكن النهوض بالممارسة المسرحية انطلاقا من اسهامات المؤسسة الجامعية في تجديد وتطوير المرتكزات الفنية والمعرفية لها؟”. وأشار لصهب من جانب آخر، إلى ضرورة طبع النصوص المسرحية وكذا وضع خزانة مرئية للمسرح الجزائري بالمؤسسات الجامعية تكون في متناول الطلبة والباحثين”. يُذكر أن الأكاديمي عبد القادر لصهب، حائز على درجة الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة تلمسا تخصص تحقيق، شغل منصب أستاذ بقسم الفنون لذات الجامعة ثم التحق بمعهد الآداب واللغات بالمركز الجامعي مغنية، ترأس قسم اللغة والأدب العربي بالمركز ثم مديرا لمعهد الآداب واللغات إلى غاية الساعة، له عديد المؤلفات المطبوعة ومقالات منشورة بدوريات وطنية ودولية، وعديد المشاركات في ملتفيات علمية ومناسبات بحثية داخل وخارج الوطن محاضرا ومنظما. يُشار إلى أن المنتدى منصة تفاعلية لطرح القضايا والإشكالات المرتبطة بالمنجز في المسرح الجزائري خاصة وفي الصيغ التي تميز الفن المسرحي على جميع مستوياته الأدائية من فنية وجمالية، يشرف عليه الناقد المسرحي بوبكر سكيني بكل حماس حيث ينشر كل ليلة منشورا يتعلق بالموضوع والضيف المنشط مع فتح المجال للنقاش من خلال التعليقات.