تقرر بصفة رسمية في اجتماع الثلاثية الأخير المنعقد يومي الأربعاء والخميس الماضيين بجنان المثياق، رفع الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون إلى حدود 15 ألف دينار، أي بزيادة مقدرة بنسبة 25 بالمائة، حيث حصل لأول مرة إجماع من طرف الأطراف المتفاوضة على رفع الأجور بنسبة معتبرة، بعد أن كانت في المرات السابقة وفي كل مراحل التفاوض بين الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل لا تتعدى عتبة الزيادة في الأجور 10 بالمائة، وتمثل هذه الزيادة التي حصل الإجماع بشأنها نسبة معتبرة مقارنة بالزيادات السابقة، وقد رصدت الحكومة في قانون المالية 2010، أزيد من 100 مليار دينار لتغطية هذه الزيادة في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون للعاملين بالقطاع، فلقد حرص الوزير الأول أحمد أو يحيي، على دعوة ممثلي الباترونا للالتزام بتنفيذ هذه الزيادات على مستوى القطاع الخاص، فخلال الاجتماع، اتفق أطراف الثلاثية على إلغاء التقاعد دون شرط السن الذي كان استفاد منه ما يقارب 400 ألف عامل منذ تطبيقه سنة 1997، وكلف خزينة الدولة فاتورة تجاوزت 360 مليار دينار، إلا أنه تم الاتفاق على تشكيل فوج عمل بقيادة وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مهمته تحضير مشروع نص يتم بموجبه إلغاء الترتيب بالإحالة على التقاعد دون شرط، أي قبل بلوغ السن القانونية المحددة ب 60 سنة للرجل و 55 عام للنساء، بعد تسعة أشهر من الآن، وقد أمهلت الحكومة أرباب العمل فترة إضافية لن تتعدى 2010، لتتحمل المؤسسات بنفسها دفع المنح العائلية عوض الخزينة العمومية، وحتى وإن حصل إجماع حول الزيادة في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون اعتبارا من الفاتح جانفي 2010، فإن أطراف الثلاثية فضل تشكيل لجان مشتركة لدراسة باقي الملفات المطروحة للنقاش، وذلك لتمكين الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين من تحضير أنفسهم والاستعداد لتنفيذ قرارات الثلاثية المنبثقة عن الاجتماع الأخير، وهو ما تجسد من خلال تكليف فوج عمل مشترك للثلاثية بدراسة الملف وتقديم توصياته في مدة تنتهي قبل حلول 2011، وفيما يتعلق بملف التعاضديات الاجتماعية، فقد تم تكليف فوج عمل مشترك لوضع مقترحات قصد تكييفها مع الإصلاحات المنتهجة، على أن تعرض نتائج عمله على اللجنة المديرة للثلاثية التي تجتمع كل ثلاثة أشهر للمصادقة عليها وإعداد مشروع قانون جديد ينظم التعاضديات، وهو نفس الإجراء الذي اعتمد بخصوص العقد الاقتصادي والاجتماعي الذي سينتهي في أكتوبر القادم، بحيث تقرر تشكيل فوج عمل برئاسة ممثل عن الوزير الأول لتعميق التشاور وتعزيز فضاء الحوار بين الشركاء الاجتماعيين ودفعهم للمساهمة في مكافحة الغش الاقتصادي الموازي وتطهير محيط المؤسسات وترقية العقد للمرحلة المقبلة، ولتحسين القدرة الشرائية، اتفق أطراف الثلاثية على تحيين اتفاقيات الفروع في القطاع الاقتصادي على أن يأخذ في الحسبان واقع كل مؤسسة، ولذات الغرض تم الاتفاق على فتح المفاوضات حول الأجور في القطاع الاقتصادي بدءا من العام القادم، وفي هذا السياق، دعا الوزير الأول مسؤولي القطاعات الوزارية جمعية المديرية العامة للوظيف العمومي إلى الإسراع في إنهاء ما تبقى من القوانين الأساسية الخاصة بالموظفين، وذلك حتى يتسنى الشروع في تنفيذ نظام المنح والعلاوات الجديد، وقد أخد هذا الملف حيزا كبيرا في النقاش بين منظمات أرباب العمل والحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين، بالرغم من أنه لم يكن مسجلا كنقطة أساسية في جدول الأعمال، وحسب الحصيلة الظرفية، فإن المديرية العامة للوظيفة العمومية لم تسجل على مستواها سوى المصادقة على 30 قانونا أساسيا، ولا يزال هناك 25 مشروع قانون أساسي آخر قيد تعليمات إلى مختلف الدوائر الوزارية المعنية بالقوانين الأساسية على الإسراع في إنهاء إعدادها كي يتمكن الموظفين في الوظيف العمومي من الاستفادة من زيادات في الأجور، عن طريق إعادة النظر في نظام المنح والعلاوات، وبهذه التعليمات، يكون أحمد أو يحيى قد رمى بالكرة في مرمى القطاعات الوزارية بمعية النقابات العمالية، وفي موضوع متعلق باجتماع الثلاثية، ذكرت الأطراف الثلاثة في بيان مشترك لها أصدرته عقب انتهاء أشغال الاجتماع، أنها تسجل بارتياح النتائج المسجلة في شتى المجالات خاصة وأن بلوغها قد تم بمساهمة ميدانية من العمال والمؤسسات المحلية، ويبرز من خلال هذا البيان، مستوى هام من نفقات الاستثمارات العمومية تقدر ب 11،500 مليار دينار من بداية 2004 حتى نهاية جوان المنقضي من السنة الجارية، مع العلم أن هذه النفقات سترتفع أيضا بنسبة 23 بالمائة عام 2010، لتبلغ 45 مليار دولار لحصة أولى من البرنامج الخماسي العمومي للاستثمار 2010،2014، الذي سيفوق 150 مليار دولار، ونموا خارج المحروقات بمعدل 6 بالمائة، في السنوات الأربع الماضية على أن يصل إلى 9 بالمائة مع نهاية العام الجاري، وتوقعات نموا سنويا الناتج الداخلي الخام بعد استئناف قطاع المحروقات اعتبارا من السنة القادمة، بنسبة 5 بالمائة خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى 2014، مع تسجيل متواصل لتراجع البطالة التي تقلصت إلى 11،3 بالمائة واستحداث 700 ألف منصب شغل، وينتظر أن تصل البطالة مستوى أدنى من 10 بالمائة في نهاية 2014، بفضل استحداث ثلاثة ملايين منصب شغل في المجموع على مدى الخماسية القادمة وفقا لمقاييس المكتب الدولي للعمل، وفي هذا الإطار، ثمنت الثلاثية الجهد المتواصل من أجل إنعاش المؤسسة المنتجة بفضل التدابير المتخذة لهذا الغرض سواء تعلق الأمر بتقليص الأعباء الاجتماعية مقابل استحداث مناصب شغل، أو بتخفيف الأعباء الجبائية لدعم الاستثمار، أو بتعزيز مكانة المؤسسة المحلية في سياسة الاستثمار، أو بحماية السوق المحلية من الممارسات المضاربية والطفيلية، أو بتطهير عملية الحصول على العقار الصناعي، أو تعلق أخيرا بدعم القروض الممنوحة للمؤسسات، مع الإشارة، إلى أن القروض البنكية الموجهة للاقتصاد قد شهدت تقدما تجاوز 15 بالمائة، بما فيه القروض على المديين المتوسط والبعيد التي ارتفعت بقرابة 20 بالمائة سنة 2008، استنادا لبيان الثلاثية المشترك الصادر مباشرة عقب انتهاء أشغال اجتماع الحكومة واتحاد العمال ومنظمات الباترونا أول أمس.