على الرغم من أن المساحات الخضراء تعتبر ضرورة حتمية يجب أن تتوفر بمختلف مناطقنا خاصة بعد النزوح الذي عرف هو الآخر توسعا شديد النطاق بولاية الجزائر، والذي أضحى يعفس على كل ما هو أخضر، إلا أن حديقة الحامة شهدت سنوات من النوم العميق وغيبوبة طويلة، حتى صرنا نتساءل إن كانت ستستفيق منها أم أن مآلها سيكون مثل باقي المساحات الخضراء المتواجدة بالعاصمة على غرار حديقة الوئام ببن عكنون، والتي أصبحت تشكل فضاء للمشاهدة اللاأخلاقية، وكذا حديقة "صوفيا" التي هي تشكو من الإهمال، فخلال السنوات الماضية شهد هذا المعلم التاريخي تدهورا كبيرا في هياكله وتجهيزاته، ما أدى إلى هجرانه، حيث أصبحت العائلات تعزف عن زيارته بسبب الحالة التي كانت عليها، كما أنها كانت تعتبر مسكنا يأوي أصحاب العقول المنحرفة وفضاء يرتاده المنحرفون قصد ممارسة طقوسهم اللاأخلاقية، الأمر الذي دفع بالمسؤولين إلى غلقها خلال أواخر التسعينات بغية تجهيزها من جديد وإعمارها وتحديث الهياكل، مع إعادة ترميمها قصد إعادة جلب زوارها الذين اعتادوا هم الآخرون على زيارتها كلما أتاحت إليهم الفرصة، ولكن مع الوضعية التي عرفتها بات من المستحيل دخولها والتجول فيها والتمتع بمناظرها. ماي 2009 ميلاد حديقة جديدة بعد سبات عميق استفاقت حديقة الحامة بحلة جديدة ومميزة، أضفت عليها طابع جمالي رائع، فأصبحت لوحة لا تقدر بثمن وأضحت المؤسسة تملك ثروة علمية ونباتية وتقنية، ففتحت أبوابها للدراسة والبحث والاستكشاف وكذا التعريف والنشر لجميع الأنواع والأصناف النباتية الهامة، في مناخ رطب، ولعل قرب الحديقة من الساحل الحماية التي تضمنها لها هضبة غابة الأقواس من الرياح الآتية من الجنوب، كل هذه الظروف شجعت تطور وتكيّف العديد من الأنواع والأصناف النادرة والأجنبية فمجموعتها النباتية البارزة المتميزة قد منحتها الشهرة، الاعتراف والتقدير بحيث صنفت من بين أوائل الحدائق العالمية.