تسببت تكنولوجيا الاتصالات والتطوّر السريع في عالم الهواتف النقالة و الأنترنيت في استفحال أخطر ظاهرة باتت تهدد استقرار العائلات الجزائرية التي لطالما عرف عنها أنها محافظة و تقليدية ، و أخذت المواضيع التي لها صلة بهذا التطور حيزا لابأس به في الساحة القضائية، تمثلت في ظاهرة الابتزاز التي خلفت حصيلة من الضحايا يصعب على الجهات القضائية المختصة إعطاء أرقام حقيقية عنها ، غير أنها أكدت أن للمرأة حصة الأسد منها ، لما تتعرض له من أنواع الابتزاز وحتى المساومة بعرضها. سارة.ب كثيرة هي جرائم الابتزاز وطرقها، لكن أخطرها تلك المتعلقة بالتهديدات والمساومات الجنسية التي عادة ما تكون عن طريق الرسائل الإلكترونية أو الصور الفوتوغرافية أو المسجلة في سيديهات، باعتبارها سهلة الانتشار والتوزيع ، وغالبا ما تنتهي بحالات الانتحار أو القتل أو الطلاق ، بعد علم الزوج أو الأخ أو حتى الأب ، وهو سبب صمت العديد من النساء والفتيات سواء المتزوجات أو غير المتزوجات ، خوفا من العواقب الوخيمة التي قد تترتب عنها ، و هو ما يدفع بالكثيرات للرضوخ لنزوات وتهديدات المبتز مهما كانت صفته أو علاقته بها ، غير أنه في الكثير من المرات لا تستطيع الضحية كتم الأمر فتنهار وتقرر أخيرا وضع حدّ للمساومات التي لا تنتهي ، رغم ما يترتب عن ذلك من ردود أفعال من المحيط العائلي . الفتاة الساذجة.. صيد ثمين في الحصول على المال يؤكد مختصون في علم الاجتماع أن الفتاة أصبحت سلعة يحصل من خلالها الرجل على المال عن طريق الابتزاز ، بعد أن تشبع رغباته و ميولاته العاطفية ، معتقدين أن الفتاة التي تقبل بنزواتهم سهلة المنال ، وترضخ لطلباتهم بسهولة ، وتكون بذلك فرصة لا تعوض، هذا وإن دل على شيء إنما يدل على أن الانحلال الخلقي لكلا الجنسين وراء استفحال الظاهرة ، وهو ما جعل مثل هذه العلاقات تتحوّل إلى الابتزاز، مؤكدة أن الرجل يعتقد أن المرأة التي كانت على علاقة مع شاب لا تعرف عنه شيئا ، يحق له أن يفعل معها ما يشاء ، وهو أمر غير مقبول إطلاقا لا من الناحية الدينية ولا من الناحية الأخلاقية و لا من منظور العادات والتقاليد المحافظة التي تختص بها المجتمعات العربية ، لأن الكثير من الفتيات وحتى السيدات المتزوّجات يقعن بين أيدي منحرفين ينظرون إليها بعين الفريسة ، فإذا سها صيدها سهل ابتزازها . الابتزاز طلّق سيّدات وزعزع علاقات أسرية ترى الأستاذة " نفيسة "محامية أن العديد من القضايا التي تطرح في المحاكم المتعلقة بالابتزاز تكون الضحية فيها غالبا امرأة، بسبب ضعفها وخوفها من الفضيحة، غير أنها هي السبب في تعريض نفسها لمثل هذه المواقف ، وهذه الظاهرة باتت تعرف مؤخرا انتشارا واسعا ، وتتخذ منحى خطير ، ورغم العدد الهائل من القضايا المطروحة أمام المحاكم والتي تعالج في جلسات سرية أو علنية حسب الوقائع، إلا أن الكثير من الضحايا ترفضن التبليغ عن المجرمين ، وتفضلن دفع المال أو إقامة علاقات جنسية لإبقاء الأمر سرا خوفا من الفضيحة ، وكم من واقعة مماثلة تضيف المتحدثة دفعت بكثيرات إلى التفكير في الانتحار أو الهروب من المنزل، ومن بين القضايا التي عالجتها مؤخرا محكمة بئر راد رايس ، قضية سيدة زنت مع شاب وابتزها، فسرقت لأجله، وفي الأخير تطلقت ودخلت السجن، قضية الحال سردتها لنا محامية الضحية وتحدثت عن خلفياتها، إذ تقول عن موكلتها أنها سيدة متزوجة ولها إبن وبنت ، وكانت تزور شقيقتها بولاية تيبازة، فترصدها شاب بطال في العشرينات ووضعها نصب عينيه ، كونه على علم بأن السيدات البالغات أكثر من 40 عاما يسهل خداعهن، وحاول مرارا التحدث معها وأبدى لها إعجابه بها، و من ثمّ استغل الفرصة وأقام معها علاقة جنسية واحدة ، كانت كافية لتدمير حياتها، وهدفه الثاني لم يكن إقامة علاقة مع سيدة في سن أمه على حد تصريحه للقاضي ، وإنما جني المال ، حيث طلب منها أن تؤمن له مبلغا من أجل الفيزا والسفر لأوروبا أو إخبار زوجها بالحقيقة ، فاضطرت إلى سرقة مجوهرات من المنزل الذي تعمل فيه كمنظفة ، ولكنه لم يكتفي بذلك ، فما كان منها إلا أن تخبر زوجها ،وكانت النهاية وخيمة ، حيث بلغ عنها وتم حبسها لمدة عامين بتهمة الخيانة الزوجية ، وعامين بجنحة السرقة، كما عالجت المحكمة عدة قضايا تتعلق بفتيات قام أصدقاؤهن بتهديدهن بنشر صورهن الفاضحة في الهواتف النقالة عبر الأنترنيت ، و المطلوب هو دفع المال ، فاضطرت واحدة لسرقة مجوهرات أمها ، وأخرى لسرقة مال أبيها وبعد أن يتم اكتشاف الأمر يتم التبليغ عن المتهم ، وغالبا ما لا تجد الشرطة الدليل الكافي لتوقيفه، لأن التهديد يتم عبر الهاتف برقم مجهول أو إيميل أو حتى رسالة يصعب من خلالها تحديد هوية الفاعل . ضحيا الابتزاز يواجهن مشاكل نفسية تقودهن للانتحار تعاني ضحايا الابتزاز لاسيما النساء منهن ، من مشاكل نفسية وأخرى عائلية ، حيث ترتكب مجموعة من الجرائم سواء حقيقية أو مفتعلة لتتم عملية الابتزاز، وعادة ما تبدأ بالتهديد بالفضيحة ونشر الصور أو التسجيل الصوتي، و سامية إحداهن ، هي فتاة تبلغ من العمر 25 سنة قاطنة بالعاصمة، لم تكمل دراستها الثانوية، ماكثة بالبيت ، تقول أن أخطر ما تتعرض له الفتاة في حياتها هو الابتزاز، وأكدت على قولها باعتبارها تعرضت في يوم من الأيام إلى ابتزاز من طرف صديقها الذي تعرفت عليه في إحدى المحلات التجارية ، حيث سلّمته رقم هاتفها النقال في البداية ، وبعد ذلك راح يتصل بها مرارا وتكرارا ، حيث كانت تظن أنها علاقة عادية مثل باقي العلاقات العاطفية التي تعيشها الفتيات اليوم، لكن تطوّرت الأمور وأصبح يطلب منها الخروج للتنزه معه ، فكانت توافق في كل مرة ، ومرت عدة شهور على هذا النحو ، إلى أن أتى اليوم الذي طلب منها إقامة علاقة غير شرعية معه فوافقت بعد تردد كبير، حيث أن تعلقها به كان أقوى من مبادئها، لكن الأخطر من ذلك - حسب سليمة - أنه كان يضرب لها المواعيد الغرامية في شقة صديقه، في لحظة تهور تحول الحب الموهوم الذي كانت تعيشه سليمة إلى جحيم يطاردها ، بعد أن أصبح يهددها بصور التقطها لها وهي في أحضانه دون علمها ، و راح يبتزّها بها كلما رفضت الخروج معه، مؤكدا أنه سيوصل الصور إلى أهلها إن لم ترضخ لنزواته . وما كان عليها سوى الانتحار ظنا منها أنه الحل الأمثل للخروج من كابوسها، لكنها فشلت في كل محاولاتها، وظلت على هذا الحال حوالي 6 أشهر ، إلى أن قررت الرحيل والهروب من منزل والديها ، الذين لم يدركوا لحد الآن سبب فرارها وخروجها من المنزل بهذا الشكل. وتضيف أنها لم تتجرأ على تبليغ مصالح الأمن خوفا من الفضيحة، وبعد أن تمت حديثها قالت أنه يتوجب على الفتاة أن لا تثق بأي أحد مهما يكن، وألا ترضخ له حتى تتأكد من نواياه الحسنة ، مشيرة إلى أنه لو كان الابتزاز ماديا لكان الأمر هينا، إذا ما قارناه بالابتزاز الجنسي الذي يهتك عرض الفتاة ويدمر حياتها ومستقبلها ، والسبب هو السذاجة لا أكثر .