تحدى الماليون الاحد الامطار الغزيرة للخروج والتصويت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الحاسمة للاختيار بين المرشحين ابراهيم ابو بكر كيتا وسومايلا سيسي من اجل اخراج البلاد من ازمة سياسية عسكرية مستمرة منذ 18 شهرا. وسيختار نحو سبعة ملايين ناخب من سيقود البلاد خلال فترة النهوض من انقلاب عسكري السنة الماضية ادى الى تمرد اسلامي في شمال البلاد وتدخل الجيش الفرنسي. لكن مسؤولين عبروا عن قلقهم من ان يؤدي الطقس الرديء الى عرقلة عمليات التصويت فيما افادت مراكز اقتراع في العاصمة باماكو ان اعدادا اقل من الناخبين توجهت الى صناديق الاقتراع مقارنة مع الدورة الاولى حين بلغت نسبة المشاركة حوالى 50% ما اعتبر مؤشرا مهما الى ان العملية الانتخابية ستحظى بمصداقية. وفتحت معظم مكاتب الاقتراع في الوقت المحدد على ان تغلق في الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش في كل مناطق البلاد، لكن العديد منها التي زارها مراسلو فرانس برس لم يكن فيها سوى قلة من الناخبين بينما تهطل امطار غزيرة في العاصمة باماكو. وقال عمر توري احد الناخبين القلائل في مكتب اقتراع بمدرسة وسط المدينة "وكأن المطر يريد تعكير هذا اليوم، لكني آمل ان يتوقف والا فسيتعين تمديد التصويت". وتشهد مالي حاليا موسم الامطار خصوصا في جنوبها. وفي مركز التصويت نفسه لاحظت مريم كانتي انه خال تقريبا من الناخبين بينما "في الجولة الاولى في الساعة الثامنة كان الناخبون عديدين". وقال احد مندوبي اللجنة الانتخابية في مركز اقتراع اخر في باماكو لوكالة فرانس برس "في الوقت الراهن، انها كارثة" مشيرا الى ان اعداد الناخبين قليلة جدا مقارنة مع حوالى 300 شخص كانوا يدلون باصواتهم في الوقت نفسه في 28 جويلية. واضاف "اليوم بالكاد يبلغ عددهم 20 ناخبا، ونامل في ان تتوقف الامطار وان ياتي المواطنون للتصويت". ويفترض ان تعيد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الاحد بعد اسبوعين من الاولى التي تكللت بالنجاح في 28 جويلية رغم مخاوف من اعتداءات مقاتلين اسلاميين، النظام الدستوري المعطل منذ الانقلاب العسكري الذي جرى في 22 مارس 2012 وسرع في سقوط شمال البلاد بين ايدي جماعات اسلامية مسلحة موالية لتنظيم القاعدة. ويشرف على الاقتراع مئات من المراقبين المحليين والدوليين كما يتولى مسؤولية امنه الجيش المالي وقوات الاممالمتحدة لمساعدة مالي (مينوسما) والجيش الفرنسي. وتنحصر المنافسة في الدورة الثانية بين مرشحين كلاهما مخضرم في الحياة السياسية، هما ابراهيم ابو بكر كيتا (68 عاما) رئيس الوزراء السابق وسومايلا سيسي (63 عاما) وزير المالية السابق والمسؤول السابق في الاتحاد الاقتصادي والنقدي في غرب افريقيا، وقد تصدرا نتائج الدورة الاولى من الانتخابات مع حصولهما على التوالي على 39,79% و19,70% من الاصوات. ويعتبر ابراهيم ابو بكر كيتا الذي يتقدم بفارق 20 نقطة على منافسه، الاوفر حظا في الفوز لا سيما انه نال دعم 22 من المرشحين ال25 الذين تم استبعادهم من الدورة الاولى. لكن منافسه يراهن الى حد كبير على تعبئة اقوى من الدورة الاولى حيث بلغت نسبة المشاركة 48,98% وهي نسبة تاريخية في مالي وعلى قسم من حوالى 400 الف بطاقة اعتبرت لاغية في 28 جويلية اي نحو 10% من اصوات المقترعين. وقال سومايلا سيسي "الامر لا يتعلق باستكمال نتائج الدورة الاولى، بل هي انتخابات جديدة". ويبدو ابو بكر كيتا الذي يقول انه ينتمي الى اليسار ويتمتع بكاريسما في نظر انصاره "رجل دولة قويا" والوحيد الذي يستطيع النهوض بمالي. اما انصار سيسي الخبير الاقتصادي المحنك واللبق فيشددون على كفاءاته، ويقول احدهم "لقد انتهت الحرب، والان يجب العمل بكد". وستكون مهمة الفائز شاقة لان مالي شهدت اكثر الازمات خطورة في تاريخها الحديث اغرقت هذا البلد البالغ عدد سكانه 14 مليون في الفوضى. وقد بدأت تلك الفترة الصعبة في جانفي 2012 بهجوم شنه المتمردون الطوارق على شمال البلاد تبعه في مارس 2012 انقلاب اطاح بالرئيس المنتخب امادو توماني توري ثم استيلاء جماعات مقاتلين اسلاميين مسلحين على الشمال واهانت الجيش وارتكبت تجاوزات عدة قبل ان تطرد منه اثر تدخل عسكري دولي لا يزال مستمرا بمبادرة من فرنسا. ودفع النزاع بنحو 500 الف شخص الى ترك منازلهم والنزوح داخل وخارج البلاد وزاد في تفاقم الفقر وايقظ الاحقاد القديمة بين مختلف قوميات البلاد بين طوارق وعرب المحسوبين على المقاتلين الاسلاميين، من جهة والسود من جهة اخرى. ويقيم طوارق مالي الذين يقدر عددهم بمئات الالاف خصوصا في شمال البلاد الصحراوي الذي شهد حركات تمرد عدة منذ استقلال مالي في 1960. ويحلم قسم منهم بالاستقلال او بالحكم الذاتي على الاقل. وهذان الطرحان يرفضهما بحزم المرشحان للرئاسة لانها سيؤديان الى تقسيم البلاد. ويعتبران ان مطالبة الطوارق بتطوير منطقتهم التي يطلقون عليها اسم "ازواد" (شمال مالي) وباخذ هويتهم الخاصة في الاعتبار يمكن ان تتم تلبيتها عبر اعتماد نظام لامركزي اكثر فاعلية.