يبدو أن السينما الفلسطينية في المرحلة الحالية خرجت من صمتها، لتواكب ما تشهده السياسية من نزاعات بين قطاع و قطاع أخر في أراضي فلسطينالمحتلة، فقبل سنوات فقط كانت معظم الأفلام التي تنتجها السينما الفلسطينية تعايش الثورة و حياة المواطنين على الأغلب، لكن الوضع لم يعد كذلك بعدما توجهت أقلام سيناريست إلى نقد الساسة و السياسيين، تحول التعريف بالقضية الفلسطينية من باب أخر و هو البحث بدائل ملموسة لقضيتهم اليوم. هذا ما لمسناه في فيلم "فلسطين ستريو" الذي وقع حضور دولة فلسطين في الطبعة الرابعة من المهرجان الدولي للسينما، أيام الفيلم الملتزم. فيلم "فلسطين ستريو" هو عمل سينمائي للمخرج رشيد مشهراوي شارك البطولة فيه كل من محمود أبو جازي و صلاح حنون الذي حضر العرض، عرين عمري، ميساء عبد الهادي و آخرون، يحكي الفيلم طيلة ساعة و نصف من الزمن حكاية شقيقين "ستيريو" و"سامي"، اللذان قرار الهجرة إلى كندا، بعد أن ضاقت بهم الحياة في فلسطين. الهجرة إلى كندا استدعت منهم أن يكون في حسابهم الشخصي مبلغ مالي لم يكن متوفرا لديهم، ما اضطرهم للعمل و البحث عن طرق لجمع الأموال في سبيل هجرتهم، فكرة"ستريو" كانت العمل على تأجير وتشغيل معدات صوت لجميع المناسبات السعيدة والحزينة في فلسطين كوسيلة سهلة لتوفير المال للهجرة من مخيم جنين إلى كندا. "ستيريو" الأخ الأكبر، صاحب فكرة الهجرة، توقف عن الغناء في الأعراس بعد فقدان زوجته خلال قصف الطيران الإسرائيلي لمنزل العائلة ما دفعه للتفكير بالهجرة، أما "سامي" الذي فقد حاستي السمع والنطق من خلال القصف ذاته، يحاول احترف مهنة تشغيل أجهزة الصوت، وألغى مشروع الزواج من حبيبة الطفولة "ليلى"، ليضمن من خلال ذلك استمرارية مشروع الهجرة. وخلال العمل عمل على تأجير وتشغيل أجهزة صوت للاحتفالات والمظاهرات والتظاهرات والخطابات في فلسطين، وأثناء الانخراط في تفاصيل الواقع المر الذي يعيشه المواطن الفلسطيني في كنف الخطابات التي أضحت بالنسبة لهم "لا تغني ولا تسمن من جوع" شعارات حفظها المواطن عن ظهر قبل من كثرت ما توالت عليه من سياسي لأخر، و هنا حاول المخرج أن يدخل من السخرية عن طريق "ستريو" الذي حاول أن يبرز من خلال الصورة أن ما يقوله الساسة هو فقط لغو سياسي الذي لم يعد يجدي نفعا، ولم يعد يحصد أتباعا. و مع صيرورة الأحداث التي دائما لم تكن لصالح المواطن الفلسطيني و أمام القصف اليوم و قع سامي و"ستريو" في صراع مع نفسهم "الهجرة" أم "البقاء" من أجل المواجهة ، لا أن الحياة صارت بالنسبة للكثير من الفلسطينيين هي المواجهة من أجل إسترجاع أراضيهم. فيلم "فلسطين ستريو" رغم أنه لم يكن بتقنيات عالية إلا أنه أستطاع أن يفي بالغرض و يقدم رسالته للجمهور، استطاع أن ينقد السلطة و يخرج من المعهود الصمت الذي كان غالبا على مشاهد الفيلم زاد في تبليغ الرسالة ، مخرج الفيلم لم يعتمد كثيرا على لغة الحوار، فأحد البطلين كان أصم لكن إيماءاته و لغة جسده كانت كفيلة بالحديث عن ما يدور في خاطره، كما ركز في الفيلم على الاستعانة كتابة على الجدران و بعض الشعارات التي لازمت فيلم منذ بدايته منها "على هذه الأرض من لا يستحق الحياة"، "الحياة مواجهة" فمعظمها كانت إما تدعوا الشباب للعزوف عن الهجرة، إما تدعو لموجهة العدو.