بعد التألق والنجاح الذي حققه خلال مشاركته في الطبعة السادسة من المهرجان الدولي للموندرام الذي احتضنته إمارة الفجيرة في جانفي الفارط، ها هو اليوم العرض المسرحي الموندرامي "مايا" لفرقة موزاييك من سيدي بلعباس، يحقق نجاحا أخر و حضورا قويا و مميزا بعد اكتساحه و حصده للجوائز الكبرى لمهرجان البقعة الدولي للمسرح بالسودان في دورته الرابعة عشر و الذي اختتمت فعالياته أول أمس، بعد أسبوع من العروض المسرحية عكست إبداعات مسرحيين من مختلف جهات أقطار الوطن العربي والعالمي. مسرحية "مايا" لمؤلفها و مخرجها هواري هشام بوسهلة و التي جسدت دور البطولة فيها الممثلة الواعدة سعاد جناتي حصدت جوائز المهرجان الذي أعلن ختامه مساء الخميس، و كانت النتائج على النحو التالي ، الجائزة الأولى (أفضل ممثلة) كانت من حصة الممثلة سعاد جناتي ، فيما حصل المؤلف هواري هشام بوسهلة على الجائزة الثانية و هي جائزة "أحسن تأليف"، كما عادت له جائزة الثالثة و هي جائزة "أحسن مخرج"، أما الجائزة الرابعة في السينوغرافيا المصممة في العرض، و الخامسة إلى المؤثرات الصوتية له،أما الجائزة الكبرى فهي جائزة "أكبر عمل متكامل بين الأعمال المشاركة" وهو العمل المسرحي"مايا"، حيث اختير هذا العرض أحسن عمل متكامل إخراجا و أداءا، و قد شاركت إلى جانب الجزائر هذا العام في المهرجان فرق مسرحية من ليبيا ، تونس، مصر، بالإضافة إلى عرضين من البلد المضيف الذي نال جائزتين من ضمن جوائز المهرجان وهما جائزة لجنة التحكيم و جائزة أحسن أداء رجالي و الذي أخذت مناصفة مع ممثل ليبي عن مسرحية "العمق". وكانت مسرحية "مايا" التي عرضت بالمسرح القومي" لمدينة "أم درمان" استطاع أن يكسر صعوبة اللهجة الجزائرية في مختلف المهرجانات الدولية، وهذا بشهادة الكثير من النقاد، الذين أثنوا على العمل و على مجسدة العمل التي رأوا فيها أنها ممثلة مبدعة ذات أداء مميز، و استطاعت هذه الأخيرة أن تنقل مأساة الشباب التي تنتهي بهم دائما إلى الهجرة، كذلك طرح الكثير من القضايا الحساسة في المجتمع الجزائري من خلال أدائها الذي كان ممزوج بمجموعة من العناصر الصوتية واللغوية والحركية، و حسب ما أجمع عليه النقاد خلال الندوة التي نشطت بعد تقديم العرض "أن مسرحية مايا هي مقطوعة لسيمفونية عنوانها الأنثى والوطن ، تحاكي الأمل و الأماني في شكل دراميّ يربط الماضي بالحاضر، والحاضر بالمستقبل ، تبحث عن الذات في وسط مليء بالفوضى وزخم الأمنيات اللامتناهية" من جانبه عبر صاحب العرض هواري هشام بوسهلة في تصريحه للجزائر الجديدة عن فرحته بهذا الفوز الذي قال عنه "أنه سيكون حافزه القادم للأداء ما هو أفضل و أحسن، فهو أن يضيف لي في رصيدي المهني و الفني، فهو تكليف أن يكون القادم أحس من هذا"، مضيفا "أن هذا الفوز هو سوى إضافة له فقط، بل هو إضافة أيضا للمسرح الجزائري الذي هو بحاجة لنا من أجل النهوض به، و إعادته إلى مكانته التي كان عليها أيام علولة و كاتب ياسين"، و عن تجربته في عرض "مايا" يقول " تجربتي في الكتابة والإخراج في حقل المونودراما هي الأولى من نوعها، و هو ناتج عن تجارب عديدة حملتنا على خوض غمار التجربة والمجازفة بالكتابة والإخراج في هذا الحقل من الفنون المسرحية ألا وهو المونودراما، حاولت أن أمنح الممثلة فيه كلّ طاقتها وروحها الفنية والإبداعية، طبعا كان الأمر صعبا لكنه يستحقّ العناء بحكم موهبتها وامتلاكها للعديد من المزايا التي تحثّ أي مخرج أن يستثمر في ذلك بجمالية وإبداع، صرحت كان العمل ممتعا في إنتاجه و في عرضه، أينما قدمناه نال إعجاب الجمهور والنقاد، فقد سبق و أن نلنا به جائزة "كلثوم" في الطبعة الثانية من المهرجان النسوي في عنابة، و شاركنا به مؤخرا في إمارة الفجيرة في الطبعة السادسة من المهرجان الدولي للمونودراما، كضيوف شرف، ونال الكثير من الإعجاب و الامتنان، فشكرا لكل من يمنحنا فرص المشاركة و كل يشجعنا لإعطاء الأكثر و للاحتكاك مع باقي التجارب الذي ستفتح لنا أفاق جديدة سنستفيد منها في أعمالنا القادمة، شكرا للسودان و تحديد لأم درمان، هذه الأرض التي أسعدت الجزائريين و ها هي اليوم تعيد فرحتنا بمنحها لنا فرصة المشاركة التي نلنا من خلالها شرف الفوز الذي أهديه إلى كل المسرحيين الجزائريين و الذي يثبت أن المسرح الجزائري مازال بخير". لإشارة، مهرجان البقعة الذي حمل هذه السنة شعار "المسرح لعموم أهل السودان"،هو مهرجان يقام سنوياً تزامناً مع اليوم العالمي للمسرح بإشراف من الدكتور علي مهدي نوري و إدارة الأستاذ عبد المنعم عثمان، وعن اختيار شعار "المسرح لعموم أهل السودان" هي الدعوة التي أطلقها الدكتور يوسف عيدابي قبل أكثر من ثلاثة عقود ونصف، من أجل الاستقاء من التراث،و لأجل تشكيل وعي نوعي للمسرح السوداني من حيث المضمون و من حيث الفُرجة على حد سواء.