لا يزال قانون العقوبات الذي صادق عليه نواب المجلس الشعبي الوطني، يثير الجدل وسط مختلف الفئات الجزائرية، بين من يرى تحسن مكانة المرأة الجزائريّة خلال السنوات الأخيرة، من خلال ترسانة قوانين وتشريعات كفلت لها حقوقها ، ومن يرى أنها قوانين ظالمة و ستسهم في تفكيك الأسرة. بعيدا عن الرأيين، يرى الحقوقي حسين خلدون أن القانون، ليس من إبداع الجزائر، إنما هو التزامها الطوعي بتطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الجزائر، وقال خلدون في اتصال هاتفي بالجزائر الجديدة، إن الجزائر صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الإنسان، وبذلك أصبحت "ملزمة" بتطبيق بنودها بما فيها محاربة العنف ضد المرأة، و بالتالي فإن الأمر لا يتعدى تجسيد المنظومة القانونية مع ما يتفق مع كل المعايير الدولية. ونفى خلدون أن تكون للقانون تداعيات سلبية على واقع الأسرة ، وقال إن العدالة هي ملزمة بتطبيق آليات القانون وتطبيق الاتفاقية التي تحمي الحريات دون المساس بخصوصية الأسرة، مشيرا إلى أن حقوق الإنسان لا تتنافى أبدا مع خصوصيات المجتمع. من جهته، رئيس حزب "الجزائر الجديدة" جمال بن عبد السلام أكد أن القانون مكسب للجزائر والمرأة على حد السواء، لأنه جاء ليعزز كرامة المرأة ويحمي ويحفظ حقوقها في مجال العمل والشارع، موضحا أن العنف ضد المرأة حقيقة وواقع لا يمكن إنكاره، غير أنه يرى في المقابل أن المسألة تعالج بالتربية و والتوعية و ليس بالقوانين، كما أبدى تخوفه من توظيف القانون بطريقة سلبية، وحول موضوع الدعوة لتعزيز مكانة المرأة في الأحزاب السياسية، قال بن عبد السلام، إنه ليس خطأ، وبما أن القوانين تسمح بذلك، على المرأة لعب كامل أدوارها بما فيها السياسية، و هو ما لا يوافق عليه عبد الرحمان سعيدي رئيس المجلس الشوري السابق لحركة مجتمع السلم، الذي يرى "خطورة" في توظيف المرأة لأغراض سياسية بحتة بما فيها الانتخابات، وقال إن الخطأ ليس في تعزيز مكانة المرأة السياسية بل في استغلالها لبلوغ أهداف سياسية، و بخصوص قانون العقوبات الجديد أوضح المتحدث أن التخوفات مشروعة و أن القضية بيداغوجية تربوية أكثر منها قانونية. من جهته الرئيس السابق للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجمعة غشير، عارض الآراء التي تذهب إلى أن القانون يمس بالشريعة الإسلامية، وقال إن الشريعة الإسلامية لا تجيز ضرب المرأة وهذا غير وارد بدليل ما أوصى به الرسول الكريم في خطبة حجة الوداع. ويوافقه الرأي، القانوني الأستاذ مختاري الذي يرى أن هذا التعديل جاء ليحمي كرامة المرأة ويمنع التفكك الأسري، نافيا ما صرحت به بعض الأطراف من أن هذا القانون يؤدي إلى التفكك الأسري . وقال رئيس المجلس الوطني المستقل للائمة ،جمال غول إن القرارات المتعلقة بتشديد العقوبات على الأزواج الذين يرتكبون العنف ضد زوجاتهم، لا تساهم في تقليص نسبة العنف الممارس ضد الزوجة أو المرأة بصفة عامة ، موضحا بأنه من الواجب على العائلات الجزائرية محاولة حل المشاكل وديا والعمل على الحفاظ على الهدوء والاستقرار والسكينة حتى لا يصل الأمر للمحاكم والقضاء، حفاظا على الكيان الأسري.