لم يكن العام 2015، الذي يتأهب للرحيل، كغيره من الأعوام المنصرمة بالنسبة للسينما العربية التي شهدت حركية ملحوظة، وبدرجات متفاوته من بلد عربي إلى آخر. عام 2015 تميز بانتاجات سينمائية عربية جديدة، وتميز أيضا ببروز حركة نقدية رافقت هذا السيل من الإنتاج الذي أحدث صخبا كبيرا في بعض الأحيان، كما هو الحال بالنسبة للضجة التي رافقت الفيلم المغربي " الزين اللي فيك"، فيما يلي نحاول في هذا الملف المصغر أن نركز على السينما العربية خلال عام 2015 في ثلاثة بلدان عربية هي الجزائر، مصر والمغرب. 2015.. سنة نجاحات الشباب السينمائيين في الجزائر يتفق مهنيو ومتتبعو الفن السابع، أن الأفلام في الجزائر سواء المنتجة من قبل الوزارة أو تلك المنتجة من طرف الخواص تعاني من مشكل الوصول إلى الجمهور العريض، بسبب نقص قاعات العرض. من الصعب اليوم على الجمهور، مشاهدة الأفلام الأخيرة التي تصنع الحدث مثل أعمال مرزاق علواش والياس سالم وسالم برا هيمي وحسان فرحاني، إذ نادرا ما تبرمج هذه الأخيرة في القاعات الجزائرية، إلا إذا تعلق الأمر بالمهرجانات أو المحافل السينمائية. وكان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، قد أكد أن 95 بالمائة من القاعات الموجودة عبر الوطن والمقدر عددها ب 400 هي مغلقة وغير مستغلة . وما انفك مهنيو السينما يدعون إلى إعادة فتح القاعات الموجودة، بل وحتى إنشاء قاعات جديدة لتقديم الأفلام العالمية الجديدة حتى تستغل عوائدها في تمويل الإنتاج السينمائي الوطني. وما دامت المعادلة بسيطة وحلها يتطلب تسخير إمكانيات مهمة، فإنه من دون صالات وعروض لن يكون هناك إقبال للجمهور ولا عوائد ومداخيل من شأنها أن تمول إنتاج أفلام جديدة. رغم كل ذلك، يلاحظ أن الحياة السينمائية في الجزائر سنة 2015 والتي شهدت حركية وزخما من المهرجانات واللقاءات والأيام المكرسة للفن السابع، تميزت بتألق أعمال السينمائيين الشباب المستقلين المتوجين في العديد من المحافل الدولية. ولم يمنع الإنتاج السينمائي الذي كان غير وافر بحسب النقاد من تكثيف الأنشطة وإقامة أحداث سينمائية جديدة في 2015 على غرار مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي والأيام السينمائية الأولى لفيلم المرأة بالجزائر العاصمة وكذا أيام الفيلم المتوج الذي احتضنته مؤخرا قسنطينة، رغم أن بعضها برمج في فترة زمنية لا تتعدى الشهرين. وقد حصدت السينما الجزائرية في هذه السنة العديد من الجوائز في تظاهرات دولية حيث توج المخرج الشاب أنيس جعاد مرتين في مهرجان الفيلم المغاربي القصير بمدينة وجدة المغربية عن شريطه "Le Hublot" وتوج أيضا خلال هذه السنة الفيلم الروائي الطويل "الوهراني" للمخرج إلياس سالم في المهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف "سويسرا" الذي عرف أيضا تتويج المخرجة بهية علواش -ابنة المخرج مرزاق علواش- عن فيلمها "سينما شكوبي". وتواصل تألق السينما الجزائرية بالخارج حيث انتزع فيلم "البئر" للطفي بوشوشي عدة جوائز في مهرجان الإسكندرية للفيلم المتوسطي الذي شهد أيضا تتويج الشريط الوثائقي "آخر كلام" للمخرج محمد الزاوي. وعاد أيضا فيلم "الآن يمكن أن يأتون" لسالم إبراهيمي بجائزة من مهرجان دبي. وكانت المشاركة الجزائرية مثمرة أيضا في الأيام السينمائية لقرطاج حيث توج فيلم "مدام كوراج" لمرزاق علواش و"لموجة" لعمر بلقاسمي. وحصد وثائقي "في راسي رومبوان" لحسان فرحاني الذي أنتج في جويلية الماضي لوحده ست جوائز دولية من بينها جائزتي "التانيت الذهبي" الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج كما حصل أيضا هذا الوثائقي على جائزة أحسن عمل دولي في مهرجاني تور ينو وامستردام وتوج مؤخرا بجائزة أحسن عمل في منافسة الأشرطة الوثائقية في مهرجان الجزائر الدولي للفيلم الملتزم. وعرفت هذه السنة إنجاز أعمال جديدة منها عملين تاريخيين "كريم بلقاسم" و"العقيد لطفي" لأحمد راشدي وهما إنتاج مشترك مع وزارة الثقافة بالإضافة إلى فيلمين آخرين في طور الإنتاج، الأول عن الشهيد العربي بن مهيدي من إخراج بشير درايس والثاني لراشدي بالإضافة لفيلم وثائقي لمؤنس خمار بعنوان "الشهيد ذو القبر المجهول". السينما التجارية في مصر عام 2015 .. كثير من الإيرادات.. قليل من الإعجاب أهم ما ميز السينما المصرية خلال عام 2015، أنه كرس كما كبيرا من الأفلام التجارية السطحية، التي استطاعت أن تحصد الكثير من الإيرادات والقليل من الإعجاب لدى النقاد والجمهور على حدّ السواء، وهي أفلام اعتمدت على ثيمة البلطجة والمخدرات والرقص، لتحقيق أرباح وإيرادات مضمونة. بدأت الانتعاشة السينمائية في 2015 باكرا، من خلال موسم منتصف العام، الذي يحرص المنتجون على الحضور فيه، طمعا في أرباح إضافية ومشاهدات أكثر، وشهدت الأفلام المعروضة تنوعا في المضامين المُقدّمة، كما كان للنجوم الشباب حضور قوي في هذا الموسم. من أبرز الأفلام التي عرضت في منتصف العام، الفيلم الكوميدي "يوم مالوش لازمة" الذي قام ببطولته الفنان محمد هنيدي والفنانة روبي، وفيلم "أسوار القمر" الذي أخرجه طارق العريان، واللذان تربعا على عرش الإيرادات. أما الأفلام ذات الطابع الشعبي، فكان على رأسها فيلم "ريجاتا" الذي قام ببطولته كل من عمرو سعد وإلهام شاهين ومحمود حميدة ، و"هز وسط البلد" الذي ناقش عواقب الإرهاب، وقام ببطولته كل من محمود قابيل وإلهام شاهين وحورية فرغلي، وعرض أيضا فيلم "خطة بديلة" للفنان خالد النبوي، وتيم حسن، وفيلم "قط وفار" الذي قام ببطولته محمود حميدة وسوزان نجم الدين ومحمد فراج. شهد موسم عيد الفطر السينمائي منافسة قوية بين عدد من النجوم الشباب، ونجح فيلم "شد أجزاء" الذي قام ببطولته الفنان محمد رمضان في أن يتربع على عرش الإيرادات، تلاه فيلم "ولاد رزق" للفنان أحمد عز، الذي كان له طابع شعبي. كما شهد موسم عيد الأضحى السينمائي منافسة بين أربعة أفلام، حسمت نتيجتها لصالح فيلم "أهواك" الذي قام ببطولته الفنان تامر حسني والفنانة غادة عادل، وهو فيلم كوميدي رومانسي. "زنقة ستات" كان من أبرز الأفلام التي عرضت خلال الصيف، وقام ببطولته الفنان الشاب حسن الرداد بالمشاركة مع أيتن عامر ومي سليم وإيمي سمير غانم. ويعتبر مهرجان القاهرة السينمائي من أهم وأبرز الأحداث المتعلقة بالسينما، التي تشهدها القاهرة كل عام، وقد شهدت الدورة 37 من المهرجان حضورا واسعا لنجوم الفن من الوطن العربي، وخرجت مصر خالية الوفاض بلا جوائز من مهرجان القاهرة السينمائي، رغم مشاركتها في المسابقة الدولية بفيلمين هما "من ضهر راجل" و"الليلة الكبيرة"، وسط انتقادات للفيلمين المشاركين لكونهما تجاريين وغير صالحين للمشاركة في المنافسة. كما انطلقت فعاليات الدورة الثامنة من بانوراما الفيلم الأوروبي أواخر شهر نوفمبر في مصر، وعرض خلالها 65 فيلما روائيا طويلا ووثائقيا وكلاسيكيا في عدة أقسام، كما حققت هذه الدورة اللامركزية في العروض، إذ توزعت على تسع قاعات في مدن السادس من أكتوبر والإسكندرية وطنطا بوسط الدلتا والمنيا الجنوبية، فضلا عن قاعات العرض في القاهرة. وبينما يلملم عام 2015 أوراقه، دخل عدد من الأفلام المصرية المميزة والبارزة لكبار النجوم حلبة المنافسة في مهرجان دبي السينمائي، وغيره من المهرجانات العربية، وعلى رأسها فيلم "قدرات غير عادية" للمخرج داود عبد السيد وهو الفيلم الذي عرض في مهرجانات دبي السينمائي، وعنابة للبحر المتوسط، ومهرجان قرطاج السينمائي بتونس. كما عرض عدد من صناع السينما أفلامهم خلال شهر ديسمبر الحالي في أكثر من دار عرض مصرية، ومن أبرز هذه الأفلام "الليلة الكبيرة" للمنتج أحمد السبكي، و"خانة إليك"، و"قدرات غير عادية" .