*- بمبادرة من الفنانة نور شيراز *- تشجيع الاحتكاك الفني والنقد البناء بأسلوب حضاري راقي افتتح نهاية الأسبوع الماضي، برواق المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشتارزي معرض جديد في الفن التشكيلي عنوانه "أوقات لا تنسى" تحتفظ بها الذاكرة، وتكتنزها حافظة الفنانين ممن حضر الافتتاح الكبير، والمنظم بمبادرة من التشكيلية نور شيراز، التي سبق لها وأن نظمت معارض لذوي الاحتياجات الخاصة. المعرض من توقيع 37 فنانا وفنانة من مختلف الأعمار والأجيال والتوجهات الفنية، وتعرض فيه أكثر من 40 لوحة. حضر الافتتاح عدد كبير من المدعويين والفنانين والولوعين بعالم الريشة والألوان، كانت الرغبة تحدو نور شيراز لجمع شرائح مختلفة من الرسامين وقد تحقق لها ذلك، وترى مثلما يرى الكثير من العارضين أن المعرض هو لحظة لقاء ووقت للتقاسم بين كل الأعمار والأساليب الفنية، قديمة وحديثة، من 18 إلى77 سنة، احتكاك حضاري إنساني ومناقشات بناءة، بأسلوب حضاري راقي أنيق وغير جارح، وتتمنى أن تتلتقي بالفنانين الذين تعجب بعم وبأعمالهم. وحسب البراعم المشاركة فالحاجة ماسة إلى النقد الفني والتوجيه، لذلك هو لقاء لا ينسى بين من هم في بداية رحلتهم ومشوارهم الفني ومن سبقهم على درب التشكيل من الجيل القديم ممن رسموا معالم طريقهم، ويبقى المعرض وقت يربط الجميع ويوحدهم من أجل الفهم والتعلم بروح وحرية واستقلالية. وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة تشارك ممثلة نيابة عنهم سهام عوض بلوحة "التراث الجزائري". وتشارك الفنانة لحسن حسيبة بلوحة واحدة عنوانها "ضجيج" وهي مستوحاة من معاناتها وأحاسيسها ومشاعرها، لوحة أنجزتها بتقنية الزيت على القماش، تبدو بشكل جميل وهي تعيد رسم التشابكات العصبية كما في الدماغ وألوان رائقة وجميلة، وترى الفنانة نفسها على آثار "فان غوغ"، وهي الفائزة بجائزته في 1991-1992، وهي مغرمة ترسم الطبيعة، وانطباعية. من جهته قدم طميش عمار بلوحتين من مجموعته "علاقات إنسانية"، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها في رواق المسرح العتيد بالعاصمة، لوحته الأولى "مفترق الطرق"، وفيها يبرز أن قرارات الإنسان التي يرى نفسه حرا فيها ومبادرا لا تخرج عن المطلق المتحكم في زمام الأمور، اللون الأصفر طاغ في اللوحة، وهو دليل على القلق، وما ليس متأكد منه، أما الأزرق وهو الطريق الواضح الجلي. اللوحة الثانية هي "علاقات" يبدو فيها الصفار كما "عجة البيض" أو "أومليت"، لأنه و-حسب الفنان- كل القرارات تصدر حول طاولة الأكل، العلاقات الأسرية، والغذاء يتقوى به على العمل وعلى العبادة. أما الأحمر في اللوحة فلون الطاقة، وهناك ربط بين اللوحتين كونهما من نفس المجموعة. يستعمل طميش التقنية المختلطة وهو يجرب في الألوان، الأكريليك، اللون الزيتي، ولالاك، وفي العادة يعرض طميش ضمن موضوعات مختارة سابقا، لكنه هذه المرة أحب مشاركة الآخرين من جيل الشباب. أمينة بلعزيز تشارك بلوحة واحدة أنجزت بتقنية الأكريليك على القماش، وهي بلا عنوان، لها قراءات متعددة، عالم مفتوح بين السماء والبحر، الأزرق يطغى في اللوحة، وتبدو كما العين، وهي رؤية للعالم، والهدف حسب أمينة التشكيلية وأستاذة العلوم الطبيعية في الثانوية، هو ترك الحرية للمشاهد لكي يفكر، ويصنع عالمه لوحده، وتتغير القراءة وفق الإطار المرجعي للشخص، الوضع الإجتماعي، الدين، الحالة الإنسانية في اللحظة ذاتها، الحالة الذهنية، والفكرة الأساسية أن ما هو موجود داخل الإنسان يتجلى ويبرز للعيان، وتبقى فكرتها الرئيسة هي التفاؤل في الحياة، وإعادة ترتيب الخراب الداخلي، لجعل الإنسان يعيش في انسجام جسميا، ونفسيا وفكريا وروحيا، وهو مطلب ونشدان العقول السليمة التي ترتقي بالجمال إلى الجمال. بن زاوي طيب شارك بلوحتين "أبواب القصبة" و"غرداية" وهو من جيل المخضرمين، في أول مشاركة له بالمسرح العريق، ويرى أن لوحات المعرض فيها أساليب متعددة، فهناك شباب وعصاميين، مستويات مختلفة، عالية ومتوسطة، وهناك من لا يزال في طور التكوين، الألوان متحكم فيها، لكن هناك أخطاء أكاديمية ، في المساحة البينية، التركيب، المنظور، وهي أخطاء بدائية تتدارك بالدراسة والممارسة، فهناك أعمال، تجريدية ونصف تجريدية، واقعية عفوية وطفولية. لوحات بن زاوي هي نصف تجريدية، لا يخرج عن التراث، وهو مهتم بالعمارة الإسلامية، والمحلية كالقصبة وغرداية بأسلوبه الخاص في الألوان، وقد رسم جوهر القصبة وسر جمال هذه العمارة، تتجلى فيها عفوية البناء والمهندس المغاربي الذي يعرف كيف يستغل ما هو متوفر في الطبيعة وربطها مع الجماليات، القبب والأقواس هو ما يميز العمارة في القصبة وغرداية، السقيفة ملتقى الرجال والأعيان، الأبواب، الجامع والزاوية والمركزية الروحية، واللون الأخضر الطاغي والموجود بكثرة في لوحة القصبة، لون التفاؤل والمرابطين. الهلال والشمس والعلاقة مع الزمن ومع الكون. لوحتاه أنجزتا بتقنية الزيت على القماش. شريف سعدية تشارك بلوحة "طبيعة ميتة" غاية في الجمال، استعملت فيها أقلام التلوين، وزينتها بالقارورات، وموضوعها جديد غير متناول، شاركت في معرض مع جمعية الفنون الجميلة جرموني محمد، يشارك بلوحتين عن القصبة بقلم الرصاص على الورق ، وهو محب للطبيعة والقصبة، لأنه يحب التراث، ولا بد من زيارة كل شيء في بلادنا، هو خامس معرض له وأول مرة في المسرح مع نور شيراز. جاء ولد الشيخ عز الدين بلوحة "غروب" وهي تحكي عن منطقة من الساحل الجزائري، أنجزت بتقنية الزيت على القماش، أتحفها بالألوان، ففي اللوحة يلتقي الجبل بالرمل، النخيل، والخضرة، مزج بين الصحراء والبحر، وهي دعوة للاهتمام بالسياحة الداخلية، في بلد فيه كل تستلطفه العين ويستريح له الفؤاد. قام بثلاثة معارض، أحدها فردي، ولديه جداريات تستدعي حياة المجاهدين، وهو يكتب الشعر أيضا بالإضافة إلى مداعبة الريشة. فريد حسن شارك بلوحة يتيمة في فن "النقش على ورق التصوير الفوتوغرافي"، عن طريق الإبرة، عنوانها "بدو شمال إفريقيا" وهي غاية في الجمال، وتتطلب وقتا طويلا لإنجازها، وهي المرة الأولى التي يعرض فيها في المسرح. ولديها لوحات بالحبر الصيني وفي تقنيات أخرى، فهو يحب تجريب كل شيء، وغالبا ما يهدي أعماله المنجزة للأصدقاء.