أقرت بصعوبة الوضع المالي للبلاد فؤاد ق أكدت حكومة أحمد أويحي، في وثيقة مخطط عملها الذي سيحال على البرلمان بغرفتيه قريبا، بعد أن حاز على الضوء الأخضر من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد صعب للغاية بسبب استمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية ونضوب الأموال الموجودة في الصناديق السيادية، واستبعدت من جهة أخرى أي تحسن محسوس لأسعار النفط على الأمدين القصير والمتوسط، ما يعني أن الأزمة الاقتصادية التي طرقت أبوابها منذ ثلاث سنوات تقريبا ستسمر على الأقل لعامين آخرين. واستند مخطط عمل الحكومة الجديدة، المكون من 44 صفحة و 5 أقسام، على ما يتضمنه الدستور الجديد الصادر عام 2016، وبرنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعام 2014 ومخطط النموذج الاقتصادي الجديد المصادق عليه جويلية2016. الاستدانة الخارجية خط أحمر لا ينبغي تجاوزه و وضعت حكومة أويحي، الأزمة المالية الصعبة التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، ونضوب الأموال في صندوق ضبط الإيرادات وصندوق احتياطي الصرف حيث تبقى منها فقط حسب تصريحات ممثلي القطاعات الاقتصادية في حكومة تبون السابقة 105 مليار دولار فقط، ضمن أولوياتها ولمواجهتها ركزت الحكومة على تعزيز المجال الاقتصادي والمالي من خلال البحث عن السبل الكفيلة بتنويع الاقتصاد من خلال تشجيع الصادرات خارج المحروقات وإعطاء العناية اللازمة لاتفاقات الشراكة والنتاج الاقتصادي الموجود أو القادم، ويتمثل التحدي كذلك في الحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد من خلال تصحيح ميزان المدفوعات، كما إن تشجيع الصادرات خارج المحروقات سوف يفتح في ا واسعة وواعدة أمام تطوير الإنتاج المحلي في جميع الميادين. وركزت الحكومة في مخطط عملها على تشجيع كافة أوجه الشراكة سواءا بين القطاعين الخاص والعام وتشجيع الصادرات خارج المحروقات وترقية الشراكة مع المستثمرين الأجانب والعمل بفضل اعتماد دفاتر شروط على رفع نسبة الإدماج الوطني في نشاطات التركيب والتجميع في الصناعات الميكانيكية والكهربائية والالكترونية وتنمية اقتصاد الطاقة، إلى جانب مواصلة دعم و تطوير الطاقات التقليدية من خلال دعم الشركة العمومية للمحروقات المملوكة للدولة الجزائرية " سوناطراك ". ووفقا لما تضمنته وثيقة مخطط عمل الحكومة الجديدة، فإن الجزائر غير مستعدة لتكرار سيناريو الثمانينات والمتمثل في اللجوء إلى الاستدانة الخارجية والوقوع بين مخالب صندوق النقد الدولي، وهذا تنفيذا للوصايا التي وزعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الحكومة خلال المجلس الوزاري الأخير، وأمر بمواصلة تنفيذ سياسية ترشيد الميزانية مع التحكم في الواردات والحفاظ على السيادة الاقتصادية للبلاد بتفادي اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، ودعا بوتفليقة الحكومة إلى الاهتمام بالتمويلات الداخلية غير التقليدية التي يمكن حشدها خلال سنوات الانتقال المالي، دون مزيد من التفاصيل بشأن طبيعة هذه التمويلات غير التقليدية. سنة 2018 أكثر تعقيدا ماليا وتضمنت وثيقة مخطط عمل الحكومة اعترافا صريحا و واضحا بخصوص صعوبة الوضع الحالي الذي تمر به البلاد ووجود صعوبة لتمويل المشاريع التي تضمنها برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي اصطدم بانهيار النفط وتراجع مدخرات الجزائر. وقالت حكومة أحمد أويحي إن الوضعية المالية التي تمبر بها البلاد، " تبعث على الإنشغال "، وجد متوترة خاصة مستوى ميزانية الدولة، حيث من المتوقع في الوضعية الراهنة أن تختتم سنة 2017 بصعوبات حقيقية، في حين تبدو سنة 2018 أكثر تعقيدا، وستضطر الحكومة في مثل هذا الوضع إلى اتخاذ قرارات صعبة اقتصاديا واجتماعيا ومواصلة سياسية التقشف التي ستلقي بظلالها على القدرة الشرائية للمواطنين. لا زيادات في الأجور خلال العامين القادمين وحمل مخطط عمل الحكومة الجديدة بشرى سيئة للعمال الجزائريين الذين يناضلون من أجل تحسين أوضاعهم و قدرتهم الشرائية، حيث أنه ولمواجهة تداعيات الأزمة المالية، أكدت الحكومة مواصلة مسعى ترشيد النفقات المالية من خلال تحديد أقصى لنفقات التسيير على مستوى إيرادات الجباية العادية فقط، ويوحي هذا بأن الحكومة لن تقر أي زيادات في الأجور خلال العامين المقبلين بالنسبة للقطاع العمومي، كما تعتزم الحكومة إصلاح سياسة المساعدات العمومية، والالتزام بتعليمات الرئيس الذي منع من كل لجوء إلى الاستدانة الخارجية، حيث كلف الحكومة بالعمل، من باب الاستثناء، على ترقية التمويلات الداخلية غير التقليدية، التي يمكن تعبئتها خلال فترة انتقال مالي. وقالت الحكومة أن إدخال التمويل غير التقليدي هو موضوع مشروع قانون يتضمن تعديل قانون النقد والقرض. وسيتم تنفيذه على سبيل الاستثناء لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات ما سيسمح للخزينة العمومية بالاقتراض مباشرة لدى بنك الجزائر، من أجل مواجهة عجز الميزانية، وتحويل بعض الديون المتعاقد عليها لدى البنوك أو مؤسسات عمومية، وتموين الصندوق الوطني للإستثمار. وبالموازاة مع ذلك، ستستمر الدولة في تجسيد خريطة طريقها من أجل ترشيد النفقات العمومية قصد استعادة توازن الميزانية في أجل خمس سنوات. وسيتم انتهاجهما معا لاستبعاد خطر انزلاق تضخمي. مراجعة قانون المحروقات وعودة الغاز الصخري وأمام عجز كل الحكومة المتعاقبة في تنويع مصادر الدخل وبعث صناعة بديلة للمحروقات، أكدت حكومة اويحيي بأن قطاع الطاقة سيبقى لمزيد من الوقت المصدر الأول للموارد الخارجية للبلاد. وأعلنت عن قرار تطهير الديون المستحقة لسوناطراك على الخزينة العمومية تدريجيا في شكل سيولة نقدية، على نحو يسمح لهذه الشركة بتمويل استثماراتها بأموال خاصة وأكدت الحكومة استعدادها لمراجعة قانون المحروقات، وقالت بأنها ستظل في حالة الإصغاء الدائم لقطاع الطاقة بشأن أي مراجعة لقانون المحروقات، وذلك لتحسين تنافسية بلادنا تجاه المتعاملين الأجانب، فيما يخص التنقيب عن المحروقات واستغلالها، إضافة تثمين القطاع المنجمي. وقالت أنها ستعمل على تشجيع عمليات التنقيب الموجهة للتعريف بشكل أكبر بالقدرات الوطنية في مجال المحروقات من الغاز الصخري، ويرى متتبعون للشأن الإقتصادي في البلاد أن قانون 05/07 الصادر في 28 أفريل 2005 أصبح يمثل عائقا أمام تطوير الاستكشاف ودعم الاحتياطات. امتيازات بالجملة لصالح رجال الأعمال ومن جهة أخرى وكما كان متوقعا، جاء مخطط عمل حكومة أحمد أويحي الجديدة بمعزل عن الفصل بين المال والسياسية، وعكس ما سارت عليه حكومة عبد المجيد تبون، فقد منحت الحكومة الجديدة، حسب مخطط عملها امتيازات بالجملة لكبار رجال المال والأعمال في البلاد تماما وفقا لما وعد به أويحي خلال أول لقاء جمعه بمنظمات أرباب العمل. وجاء في نص المخطط " سوف تسهر الحكومة، في البداية، إلاّ في حالة الضرورة القصوى، على استقرار الإطار القانوني والتنظيمي للنشاط الاقتصادي، بكيفية تقدم تحسين الرؤية للمتعاملين ". وأبدت الحكومة نيتها في إزالة العراقيل البيروقراطية على حساب حركية الاستثمار ". وحسب وثيقة مخطط عمل الحكومة، فإن رجال الأعمال الجزائريين سيستفيدون من " لامركزية القرار " بالنسبة لمنحهم الرخص والإجراءات المتعلقة باستثماراتهم، باستثناء مشاريع الاستثمارات الكبرى والاستثمارات مع الشركاء الأجانب التي تظل خاضعة لدائرة اختصاص الأجهزة الوطنية المكلفة بالاستثمار، ولتحقيق هذا الامتياز يؤكد المخطط أن " الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار سوف تضع هياكلها المركزية في الولايات على المستوى العملياتي المناسب، وسيكون كذلك الشأن بالنسبة إلى جميع السلطات الإدارية الأخرى المشاركة في عملية الاستثمار ". وسيستفيد رجال الأعمال والمستثمرين في البلاد من العقار الصناعي حيث تعتزم الحكومة الاستجابة لمطالب رجال الأعمال على العقار الصناعي وفقا لما تضمنه نص مخطط الحكومة، الذي جاء فيه أن " الحكومة ستسهر على توسيع وتأهيل مناطق النشاطات الاقتصادية حيثما وجد الطلب على ذلك "، وأضاف "كما سترافق الحكومة عملية إعادة تأهيل المناطق الصناعية الموجودة قيد النشاط، وذلك بمساهمة المتعاملين الاقتصاديين الذين يوجدون على مستواها ". وتؤكد الحكومة أن "السلطات العمومية ستسهر على المتابعة الدائمة لملف العقار الصناعي، بالكيفية التي يتم من خلالها تفادي، وعند الاقتضاء قمع، أي محاولة لتحويل هذا الإرث عن الوجهة المرصود لها، أو تجميده إلى ما بعد الآجال المعقولة، دون إنجاز الاستثمارات المعلقة ".