افتتح أمس الدكتور محمد مشنان ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف اليوم الدراسي حول "المرأة في الحضور الصوفي المغاربي " بمسجد عبد الحميد ابن باديس بوهران، الذي نظمته كل من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف، مديرية النشاط الاجتماعي و مخبر الدراسات المغاربية النخب و بناء الدولة الوطنية التابع لجامعة وهران. حيث نوّه الدكتور مشنان بعظمة الإسلام الذي كرم المرأة من خلال سورة النساء و أعطاها كامل حقوقها وتخرج على يدها العديد من المشايخ الأجلاء. من جهته رحّب كل من مسعود عمروش مدير مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف بوهران والدكتور حدادو الذي قدم ورقة نيابة عن كل المشاركين في هذا اليوم الدراسي الذي اقترح فكرته الدكتور بوزيد بومدين ، معدّدا أسماء النساء المتصوفات مثل لالا سعيدة ، لالا صفية ، ومنهن من قدمت أراضي للمقابر كوقف كالعالية ، و القايدة حليمة ، و منهن من ساهمت في بناء كمسجد بن كابو و غيره في وهران ، كما تحدث عن تراث المتعبدات وزمن هؤلاء المتصوفات اللائي ارتبطن بحب الوطن والدفاع عنه . وقبل انطلاق الاشتغال تم تكريم في ميدان التأليف الصوفي كل من الدكتورة حفيظة طالب ، سعيدية خيثر ،الزهرة جبر ، درقام نادية ، أما فيما يخص الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ عيسى ميقاري ، فقد عرفت تدخل الدكتورة خيثر صافرية من قسم علم الاجتماع بجامعة معسكر التي تطرقت إلى المنهج الصوفي و تكوين هوية المرأة من خلال التربية و الأخلاق، مركزة في دراسة ميدانية على مريدات الزاوية العلوية ممن تترواح أعمارهن بين 30 و 54 سنة من أرامل و عازبات و متزوجات، حيث يقمن مرة في الأسبوع حلقة ذكر و تسبيح، لتنكشف روح الأنثى في حقل الصوفية كذات حالمة. رابعة العدوية وحب الله تحدثت الدكتورة زهيرة جبر من معسكر عن الحب الإلهي عند المتصوفات، حيث قالت في تدخلها إن المحبة في مفهومها هي الصفاء عند لقاء المحبوب بحبيبه ،فالمتصوفة يعشقون الذات الإلهية حيث يوجد 80 موضعا في القرآن الكريم يتضمن آيات تنص على حب الله لعباده وحبهم له، كما ركزت على أول امرأة تغنت بحب الله وهي رابعة العدوية التي كانت تحب الله سبحانه و تعالى لدرجة أنها سميت ب« إمامة العاشقين" ، و هي أول من حوّلت الزهد إلى حب ، كما تحدثت عن المرأة العجوز في الجزائر التي تمثل هي الأخرى التصوف المرتبط بفطرة العلاقة القوية بالله سبحانه و تعالى،وإذا كانت الأنثى حاضرة بامتياز في التجربة الشعرية الصوفية، فإن حضورها يكتسي لونا خاصا في كتابات ابن عربي عامة، وفي أشعاره الوجدانية خاصة، إذ أن الأنثى في تجربته الذوقية كانت ذات مرجعية واقعية، وحبه الروحي كان من منطلقات إنسانية، لتختم الجلسة في المرحلة الأولى الأستاذة شرقي ميمونة من قسم الفلسفة جامعة وهران بورقتها العلمية حول " التفاعل الوجداني للمرأة والخطاب الصوفي " . التصوف الحقيقي بعيد عن اللغة الذكورية فيما يخص الجلسة الثانية التي ترأستها الدكتورة طالب حفيظة قدم الدكتور صالح بارودي من قسم التاريخ بتلمسان مداخلة حول " مغنية المرأة العالمية ( 1758- 1798 ) واصفا المرأة التي عاشت في منطقة خضراء مدة 40 سنة كمتعبدة لله تعالى ، في حين تطرقت الأستاذة رقام نادية من قسم الفلسفة بجامعة وهران إلى المتصوفات من الغرب الإسلامي، و تلت هذا اليوم الدراسي مناقشة عامة دارت حول جوانب إضافية حول المرأة في الفكر الصوفي الذي كان لها موقع أفضل مما هي عند رجال الدين في جميع النواحي التي تمس جوهرها البشري فهي إنسان سوي كالرجل ، فالتصوف الحقيقي لا يستعمل اللغة الذكورية في أي شأن يمس المرأة ، فهناك مريد ومريدة وسالك وسالكة ، وعارف وعارفة ، وقد تتصوف الزوجة دون زوجها أو يتصوف الاثنان لا ضير في ذلك ، كما أكد الشيخ ابن عربي الذي استشهد به الكثير على أن الرجال والنساء يشتركان في جميع المراتب حتى في القطبية.