إذا كانت المنظمات الحكومية لحقوق الإنسان تركز في تقاريرها الدورية على الإشادة بمكاسب حكوماتها في مجال ترقية حقوق الإنسان وحمايتها , مع تمرير بعض الملاحظات و الإشارة إلى سلبيات لا يمكن إخفاؤها ؛ فإن المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان توظف من جهتها كل شاردة وواردة حول ما تعتبره انتهاكات (صارخة) لحقوق الإنسان متغافلة عن الإيجابيات أو مقللة من فعاليتها , كي يحظى تقريرها السنوي باهتمام وسائل الإعلام العالمية . وغالبا ما تصب هذه المنظمات جم انتقاداتها على الدول الأقل تقدما, وخاصة منها تلك التي لا تتوفر على إمكانيات الرد على تقارير هذه الهيئات بما يفحمها ويهز مصداقيتها . وتعتبر منظمة العفو الدولية , أبرز المنظمات غير الحكومية التي تصدر سنويا تقاريرها حول أوضاع حقوق الإنسان عبر العالم , و منها حول الجزائر التي تحظى بحيز لا بأس به في التقارير السنوية التي تصدرها هذه المنظمة , كتقريرها لسنة 2015/2016 , الذي سجلت في مستهله عموميات باطلة وغير مستندة لأساس (...) فمن خلال هذه المقدمة التي تنهل من العموميات ما شاءت, تقدم المنظمة ملخصها الفضفاض حول وضع حقوق الإنسان في الجزائر . وهو ملخص يناسب الخط الافتتاحي لطيف عريض من وسائل الإعلام التي تكتفي هي الأخرى بعرض نصف الكأس الفارغة لبيع بضاعتها للمتربصين داخل وخارج الوطن . كالذين يسارعون إلى التحذير من التوجه إلى الجزائر عقب صدور أي تقرير من هذا النوع. وقد انتقد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الانسان سابقا السيد فاروق قسنطيني, مرارا تقارير المنظمات الدولية كونها لا تنصف الجزائر، وتساءل ما «إن كان لديها حسابات تريد تصفيتها مع الجزائريين؟»، وأكد أن جل هذه التقارير تبنى على معطيات بعيدة عن الواقع وتحليلاتها مجانبة للصواب، وذكر كيف أنها كانت تسمي محاربة الجزائر للإرهاب، بمحاربة المعارضة المسلحة ,و حتى بعد أن طال الإرهاب بلدان العالم الأخرى لم يعترفوا بخطئهم. غير أن مثل هذه الردود تبقى غير كافية لتفنيد الاتهامات الباطلة التي تكيلها المنظمات غير الحكومية للجزائر بخصوص ملفات حقوق الإنسان ما لم تدعم بتقارير مضادة تفحم بالحجة البالغة و البراهين الدامغة ادعاءات هذه الهيئات المزيفة .و هي المهمة التي ينبغي أن يضطلع بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي صدر منذ أسبوعين المرسوم الرئاسي الذي يحدد تشكيلته, كونه يتوفر على كل الإمكانيات و الصلاحيات التي تخوله ذلك .