يميّز الحراك الحزبي في الجزائر بالطغيان العددي للتشكيلات الحزبية التي بلغت حوالي ستين حزبا ، تدخل معظمها الانتخابات التشريعية التي تنظمها الدولة في الرابع ماي باستثناء قلة لا تحصى من الّأحزاب الجديدة التي لم تتوفر لها الشروط من أجل خوض غمار المنافسة الانتخابية . كل هذه الأحزاب التي فضلت الانخراط في العملية الانتخابية تحاول جاهدة الترسخ في الفعل السياسي من خلال نشاطها الذي غالبا ما يسبق الاستحقاقات الوطنية ، و كثيرا ما يغلب على الأحزاب المصنفة كموالية أو معارضة الخطاب الإيديولوجي الذي تستمد منه تموقعها . أحزاب الموالاة التي أعلنت عن نفسها بأنها تشكيلات سياسية تسبح في فلك السلطة و تدعم برامجها و تدافع عنها من خلال خطابها الموجه إلى الجماهير الشعبية حاضرة بقوة يشدها العمل من أجل ترسيخ قيم المواطنة و الدفاع عن الثوابت فتجمع أمل الجزائر الذي يقوده العضو السابق في حركة مجتمع السلم عمّار غول و حزب الحركة الشعبية الجزائرية الذي يقوده العضو السابق في التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية عمارة بن يونس ، و التحالف الوطني الجمهوري الذي أسسه رضا مالك و يتزعمه اليوم الأستاذ بلقاسم ساحلي ، أحزاب لا تخرج عن المألوف في ما تسميه خطابا سياسيا و تشترك كلها في الدفاع عن قيم الوطنية و تأكيد ثوابت الأمة و بالتالي تستمد خطابها " السياسي" من الإيديولوجية التي عهدتها الجزائر سواء في الحزب الواحد أو بعد التعددية . و في هذا الشأن ينقسم رد الفعل حول هذا الأمر إلى اثنين فمن المتتبعين من يعيب على الأحزاب المذكورة أنّها لم تجدد في الخطاب و لم تنقحه بما يمكن أن يوسع من دائرة مؤيديها من الجماهير التي سئمت إعادة الأسطوانة و بالتالي تفتقد لعنصر الاجتهاد و يتساءل بعض عن جدوى احتلالها لمكان داخل الساحة السياسية ، في حين يرى المدافعون أن هذه الأحزاب ذات ولاء للخط الوطني الذي يحمي مكتسبات الجزائر منذ الثورة إلى الاستقلال وصولا إلى مرحلة البناء بكل ما يتطلبه الراهن من تحديات و تضحيات و بالتالي هذه الأحزاب إذا كان لها وعاء جماهيري حقيقي يمكن لها - و هي مجتمعة - أن تشكل ورقة ضغط في الحياة التشريعية للأمة من خلال نوابها و في الحياة التنموية المحلية من خلال منتخبيها بتحديث أو تحيين الخطاب . و تظهر نجاعة الأحزاب الموالية في أدائها وحشد التأييد لمشاريع و برامج الدولة في مختلف المجالات و القطاعات المتعددة سواء كانت سياسية أو جيواستراتيجية أو اقتصادية و بالتالي ترويج خطاب الدولة بفعل القدرة على التأثير. و تستطيع الحكومة بما لديها من ممثلين داخل المجلس المنتمين إلى أحزاب الموالاة أن تستخدمهم تكوين قاعدة لبرنامجها الانتخابي أو النهضوي.