ُ لا بد أن يرحل الليلُ كي لا تظن التي قاسمتني الحكاية أني سأتركها هكذا دونما سببٍ عطر ضوء على شفة المزهريّةِ أو غيمة تتمدّد في أول الحلمِ لا بدّ أن يرحل الليلُ إنّي الغريب الذي ضيّع الأرض في أول العثراتِ الهدوءِ الذي لا نحسّ بهِ نتقرّاه في عربات تجرّ دواليبها في بلاط من الفحمِ ذاكرتي نصف عرجاء أسندها كلّما اجتزت هذا النهار النحاسيّ إنّي على موعدي في الزقاق القديمِ أعدّ العواصف واحدة تلو أخرى أشدّ يد الريح، أتبعها لأرى أين ترخي جدائلها هذه الأرض .. هذا الهواء الصديد .. التراب الذي لا يعي بذرة الخلقِ ديكور نصّ رديء على مسرح باهت الركحِ لا تسأليني إذن ... كيف أهملت رأسي على جسد مثقل بالمواجعِ ها أنذا ... منذ هذا الصباح على مقعد أتأمل كيف تمرّ الجنازات هادئة دونما صخبٍ أحتسي قهوتي ... وكأني على عجلٍ هذه الأرض ليست لنا ... نحن سكانها المارقون، وقعنا بها مثل أفراس نهرٍ سقطنا على طينها مثلما تترك السلحفاة الكئيبة بيض الحياةِ تكدّسه كالبراز بحفرة رملٍ قرادا تعلّق في حافر الفرس العربيّ القديمِ أتينا أزقّتها مثلما يترك السيل أحجاره في عروق الجداولِ ليست لنا هذه الخدعة (الفازاريللي) كأنّ لوالب بيضاء ترتجّ في غسق الليل ما لي وهذا النهار المدبّب وحدي أنا عاشق الليل ما لي وهذا النهار على مقعدي منذ عشرين عاما خميصا .. كسيح المفاصل .. مستنفدا كحذاء قديم تقرّح نعلاه ركضا بلا وجهةٍ هذه الأرض ليست لنا ........ وكأننا شذاذ آفاق أتينا هذه الأرض اللئيمة، كي نكون لها البصيرة كلّما نثر العمى الكحليّ ملحا في عيون الناس، لكنّا نسينا أنّنا الغرباء، أنّ يد الغريب شحيحة حتى وإن بترت أصابعها طعاما طازجا لضباع هذي الأرضِ .. لا أدري أتيناها عراة جائعين، أم ان بحرا هائجا ألقى بنا في شاطئ قفرٍ .. ملائكة خلاسيين ، أم أنصاف آلهةٍ .......؟ ترى .. أين تأخذنا هذه الخدعة (الفازاريللي) ؟ أقيم صلاة على ضفّة الجوع زنجيّة .. أنت أيتها الوثنية ... هل ضايقتك الأكفّ التي امتلأت بالدعاءِ ؟ أنا الآن فردٌ ... ولا شيء عندي سوى عدّة الرسم ... حقل من الكلمات العجافِ عمدت إلى رسم إيقونةٍ وجعلت يد المجدليّة لصقا على الجسد المترنح في خشب الصلبِ ثم بكيتُ ... بكيت كأني المعلّق فوق الصليبِ أراقب معجزة لن تجيء.