الحديث هذه الأيام كثير حول المنظومة التربوية واصلاحات الجيل الثاني ومشاكل التأطير والتكوين والكتاب المدرسي وصولا الى الاطلس الجزائري المعلن عنه هذا الأسبوع ولكن أكثر الكلام يصب خارج الموضوع من اتهام وقدح وتشكيك بعيدا عن النقد الموضوعي الهادف الذي يشخص النقائص ويقترح الحلول الناجعة لها لقد جاءت هذه الإصلاحات متأخرة وذلك بعد إحالة آلاف المربين من معلمين وأساتذة ومدراء ومفتشين على التقاعد وتوظيف شباب يفتقدون الى الخبرة والتكوين وطلبنا لهم تطبيق الإصلاحات بمصطلحاتها الجديدة كالفهم المنطوق والوقفة والمخطط الشهري التي عوضت مصطلحات قديمة كالفروض والتقويم والتوزيع الشهري مما يزيد في صعوبة الفهم وكلها مأخوذة من الكتب والدراسات التربوية الأجنبية بعيدا عن الميدان ودون تجارب سابقة في المدرسة الجزائرية التي كان عليها ان تطور طريقتها الخاصة كما تفعل دول أخرى منها سنغافورة التي ابدعت طريقة لتدريس الرياضيات في التعليم الابتدائي تحظى بالمتابعة لدى الدول المتطورة ومنها فرنسا التي قررت استعمالها ابتداء من الدخول المدرسي القادم وتعتمد هذه الطريقة التربوية الجديدة على مسائل محسوسة بإحضار أشياء مادية يمكن رؤيتها ولمسها والتعرف عليها شكلا وعدا هذا ما كانت ترمي اليه المدرسة الأساسية عند تطبيقها في الجزائر فكنا نركز على الانطلاق من المحسوس (برتقالة) الى شبه المحسوس (صورة برتقالة ) الى المجرد (كلمة برتقالة) ومن السهل الى الصعب ومن البسيط الى المركب او المعقد بالتدرج وكانت دروس الحساب في الابتدائي تدور حول حياة الطفل من بيع وشراء وربح وخسار ومقاييس واوزان ومكاييل والتركيز على العمليات الحسابية من جمع وضرب وطرح وقسمة والحساب الذهني والحساب السريع مع استعمال الالواح ورفعها مما يسهل عملية المراقبة والمتابعة لكن تم استبدال الحساب بالتربية الرياضية ثم الرياضيات والاستغناء عن استعمال وسائل التوضيح حتى القريصات والخشيبات أصبحت لا تستعمل فانعكس ذلك سلبا على مستوى التلاميذ خاصة في مادة الرياضيات واذا اضفنا نقص التجربة وعدم الالمام بالمادة لدى المعلمين والأساتذة الجدد والموقف السلبي للمجتمع الذي صار معاديا للمدرسة التي ترعى ابناءنا بدل ان يساعدها على أداء مهمتها الصعبة والخطيرة المتمثلة في تعليم وتكوين جيل المستقبل.