نظمت الشروق ندوة حول الإصلاحات التربوية شارك فيها مسؤولون مركزيون بوزارة التربية الوطنية وممثلون عن النقابات الفاعلة في القطاع وبعض الخبراء الذين كان لهم دور في تسيير القطاع التربوي، وقد ساد نقاش حاد خصوصا بين ممثلي الوزارة والخبراء الذين انتقدوا الإصلاحات وانتقدوا وزارة التربية في كيفية تسييرها لهذا الملف الحساس. وكانت أقوى تلك الانتقادات الصادرة عن الدكتور عبد القادر فضيل الذي يعد أحد آباء المدرسة الجزائرية، هذا الأخير هاجم القائمين على القطاع بسبب تراجعهم عن المدرسة الأساسية التي كانت تجربة ناجحة حسبه، حيث تحدى ممثلي الوزارة أن يجدوا عيبا واحدا فيها، كما انتقد بشدة القرارات الارتجالية التي أقدمت عليها الوزارة بتدريس اللغة الفرنسية في السنة الثانية، ثم التراجع عن ذلك وتدريسها في السنة الثالثة، مؤكدا أن السنة الرابعة هي الأنسب لتدريس اللغة الأجنبية. الخبراء: التراجع عن المدرسة الأساسية خطيئة كبرى أما الأستاذ رابح خدوشي فقد كانت انتقاداته أشد للوزارة وللمدرسة، حيث قال إن المدارس تحولت إلى ثكنات يسيرها جنرالات، في إشارة إلى الطريقة التي أصبحت عليها المؤسسات التربوية في ظل الإصلاحات، وقال إن الطفولة في الجزائر تعاني من حالة ضياع. هذه الانتقادات رد عليها ممثلو الوزارة بقوة، مؤكدين أن الذين يريد الخير للمدرسة ينبغي أن لا يسيئوا إليها بمثل هذه الأوصاف، ودافع كل من عبد القادر ميسوم مدير التعليم الثانوي، ولحسن لبصير، مدير التكون، عن الإصلاحات التربوية، مؤكدين أن الإصلاحات بحاجة إلى تقييم، وهو ما تفعله الوزارة هذه الأيام. وحسب المسؤولين بالوزارة فإن المدرسة الجزائرية عرفت تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة خصوصا من ناحية تكوين الأساتذة ونوعية الشهادات التي أصبحت مطلوبة للتوظيف عكس ما كان معمولا به في السابق حين كان التوظيف مفتوحا حتى لأولئك الذين لا يملكون الشهادات العليا، مما يعني أن القبول في سلك التدريس أصبح أكثر صرامة من قبل وهو أمر إيجابي ينبغي الإقرار به. كما عبر ممثلو الوزارة عن استيائهم مما وصفوه بالعبارات السلبية التي سيقت خلال الندوة، وهو ما أثار حفيظة باقي المشاركين الذين أكدوا أن الوزارة عليها واجب الاستماع للخبراء إذا أرادت النهوض بالمدرسة. . . عبد القادر ميسوم، مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية الوطنية إنهاء الإصلاح التربوي لا يكون في ظرف معين وإنما عملية مستمرة أفاد، عبد القادر ميسوم، مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية الوطنية، لدى تدخله في ندوة "الشروق"، "أن المنظومة التربوية مرتبطة بالمنظومة الاجتماعية، وهي كلّ مركب، بحيث لا يمكن إنهاء الإصلاحات التربوية في ظرف معين ولحظة معينة، لأنها تعتبر عملية مستمرة من حيث التركيب والتعقيد. وأضاف، مدير التعليم الثانوي بالوزارة، أن التكوين الجامعي لا يمكن أن نساويه بالتكوين الذي كان موجودا في سنوات الستينات، السبعينات وحتى سنوات الثمانينات، حيث أضاف "جيلنا جيل، وهذا جيل آخر، والمدرسة الجزائرية احتاجت إلى تكوين جامعي، لأن الأساليب التربوية تطورت وأساليب التعليم تغيرت، على اعتبار أن التكوين الذي كان معتمدا في السابق قد بين محدوديته، هذا لا يعني أننا نرمي به، وإنما وجب تثمين الإيجابيات من جهة ومواكبة التطورات من جهة أخرى". وعلى صعيد آخر، شدد عبد القادر ميسوم، بأنه ينبغي ألا نلقي كافة التهم على المدرسة الجزائرية، وعليه فإن كنا نريد تقويما فلا بد من إنهاء ما هو سلبي، وتثمين ما هو إيجابي. في الوقت الذي أوضح بخصوص قضية استخدام الرموز باللغة الفرنسية في تدريس مادة الرياضيات، أن هذه العملية موجودة عالميا وقد مست الدول العربية، وبالتالي فقد لجأت الجزائر إليها بعد ما رأت بأنها في حاجة ماسة إليها، بغية توسيع آفاق التلاميذ. . . عمراوي مسعود المكلف بالإعلام والاتصال بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين لا بد من عقد ندوة وطنية لتقييم الإصلاحات التربوية بعد 10 سنوات من التطبيق وجه، مسعود عمراوي، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، نداء إلى وزارة التربية الوطنية إلى ضرورة القيام بوقفة تأملية لإصلاح المنظومة التربوية، مع عقد ندوة وطنية حول الموضوع، لأن إصلاح المنظومة فيه إيجابيات وسلبيات. وأعلن، مسؤول الإعلام والاتصال، لدى تدخله في منتدى "الشروق" حول الإصلاحات التربوية بعد مرور 10 سنوات على التطبيق، أن 10 بالمائة هي نسبة الأساتذة المتخرجين من المعاهد المتخصصة، مقابل 90 بالمائة من الأساتذة المتخرجين من الجامعات والمدارس العليا للأساتذة. . . مدير التكوين بوزارة التربية الوطنية، لحسن لبصير عيب كبير أن ندرس التلاميذ بلغة "دارجة" ونمتحنه بلغة أكاديمية أكد لحسن لبصير، مدير التكوين بوزارة التربية الوطنية، لدى تدخله في منتدى "الشروق" حول الإصلاحات التربوية بعد 10 سنوات من التطبيق، أن دور المدرسة الجزائرية قد تغير، فلم تعد العملية التربوية تقوم فقط على الحفظ، أين يعجز التلميذ على توظيفها في حياته العملية، وإنما أصبحت المدرسة تعمل على تحقيق هدف أساسي وهو بناء "مواطن صالح"، مؤكدا بأنه لا بد من تقييم الإصلاحات قبل مواصلة المسيرة. وأضاف، المسؤول الأول عن التكوين بالوزارة، بأن الفعل البيداغوجي حيوي وليس جامدا، وبالتالي لا بد من مواكبة الأساليب الجديدة في التعليم، مؤكدا في ذات السياق بأن المدرسة كما لديها إيجابيات لديها أيضا سلبيات، في الوقت الذي استغرب من الانتقادات الشديدة التي وجهت للمدرسة الجزائرية كأنها "منكوبة" وليس بها أي شيء إيجابي. وبخصوص، الأنشطة اللاصفية التي أدرجتها وزارة التربية الوطنية في المقرر الدراسي لتلاميذ الطور الابتدائي، ستعمل على تخليص التلميذ من الضغوطات التي يتلقاها، نافيا بأن تكون الوصاية قد حذفت المطالعة من البرنامج وإنما تم إدخالها في إطار الأنشطة اللاصفية، خاصة في الوقت الذي تم تزويد المكتبات بكل الكتب. وبخصوص استخدام بعض المعلمين والأساتذة للغة العامية في تدريس التلاميذ، أوضح لحسن لبصير، أنه يعد من بين المدافعين عن استعمال "اللغة الوظيفية" في الوسط المدرسي، وبالتالي فلا يمكن الخلط بين لهجات مختلفة، وبالتالي فليس من المعقول أن يدرس التلاميذ بلغة "دارجة" ونمتحنه بلغة أكاديمية. . . خط رديء للتلاميذ في الابتدائي ومطالب بإدراجه في امتحانات البكالوريا أوضح، لحسن لبصير، مدير التكوين بوزارة التربية الوطنية، أنه قد دعا مفتشي التربية الوطنية إلى ضرورة التركيز على معالجة مشكل رداءة الخط عند التلاميذ ابتداء من الطور الابتدائي، على اعتبار أن المشكل مطروح بقوة، خاصة في وسط تلاميذ السنة ثالثة ثانوي. وأضاف، مدير التكوين بالوزارة، أن الأساتذة يواجهون مشكلا في تصحيح إجابات المرشحين لامتحان شهادة البكالوريا، بسبب رداءة خطهم، الذي وصفه "بالخط المسماري"، في الوقت الذي أكد بأنه قد حث المفتشين على ضرورة التركيز على معالجة هذا المشكل المطروح بقوة، حتى في اللغات الأجنبية وليس في مادة العربية فقط، ابتداء من القاعدة، أي بدء من الطور الابتدائي، وبالتالي فإن خط التلميذ سوف يتحسن بالتدريج كلما تدرج وانتقل إلى سنة أخرى إلى غاية وصوله إلى السنة ثالثة ثانوي واجتيازه لامتحان شهادة البكالوريا. . . تلاسن حاد بين ممثلي النقابات والخبراء وممثلي الوزارة الوزارة تتهم منتقديها بتسويد المدرسة والتركيز على السلبيات ركز عبد القادر فضيل الخبير التربوي على وجود خلل في الإصلاحات التربوي، داعيا إلى تدارك خمس نقاط أساسية لنجاح الإصلاح وتتعلق بإعداد المعلم من خلال التكوين الجيد، وتفعيل دور معاهد التكوين المتخصصة التي أغلقت بعد التوجه نحو حصر التكوين في الجامعات، معتبرا أن المعلم في حاجة إلى بيئة خاصة وطرق خاصة لتمكين التلميذ من الحصول على نتائج ومعلومات. كما طالب فضيل بضرورة إصلاح المناهج وبناء منهج تعليمي، وتفعيل نظام التقويم وتوفير الكتاب المدرسي والتثقيفي، مؤكدا أن المعلم أصبح مفلسا ماديا. وقال مسعود بوديبة المكلف بالإعلام بالمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي، أن هناك أزمة حقيقية في حقل المدرسة وحقل المواطنة، معتبرا أن المدرسة محل رهانات للفاعلين والمفكرين والمثقفين والأساتذة، معتبرا أن المدرسة تعاني من أزمة مزدوجة، الأولى لا وظيفية المدرسة، مما أنتج تدنيا في المستوى المعرفي من الناحية النوعية. وأضاف المتحدث أن "قيم المدرسة في انحدار ولا يوجد مستوى للتواصل من خلال العنف المسجل والغش، ومطالبة التلاميذ بعتبة الدروس"، مستنتجا أن الخطر الأول المسجل هو "تطبيع مع لا وظيفية المدرسة"، والأزمة الثانية التي تعاني منها المدرسة حسب بوديبة هي أن المواطنة تعاني من ضعف الاجتماع جسديا ونفسيا وإيديولوجيا، وأن هناك تراجعا للحريات الفردية والهمجية اللفظية وهو ما يصنف، على حد قول المتحدث، ضمن "خطر التطبيع مع العنف". وتخوف بوديبة من توجه المدرسة الجزائرية نحو إنتاج الأمية في المجتمع بقوله: "نحن أمام أمرين إما التربية أو الهمجية، في حين أن هدف المدرسة هو بناء مواطن صالح ايجابي، ولذلك نحتاج لديمقراطية فاعلة وذلك بنهج الفكر التشاركي من خلال مقاربة الكفاءات، والسؤال المطروح، هل نبني المنظومة على أساس المناشير وأرقام أم على أساس حوار تشاركي فعلي، والأمر الذي يدخل قصرا في الأذهان يزول مع الوقت". وفي السياق نفسه، تساءل رابح خدوسي أستاذ مهتم بالمنظومة التربوية "هل ارتفاع معدل التربية البدينة دليل على كفاءة التلميذ؟ فيجب أن نناقش العملية في هدوء، فمنذ 50 سنة ونحن نسمع في لغة الخشب"، مستغربا الوصول إلى حقيقة مرّة مفادها أن طالبا جامعيا لا يعرف كتابة نص لا بالعربية ولا بالفرنسية. فيما اعتبر مسعود عمراوي مسؤول الإعلام بنقابة "الاينباف" أن الدورة الاستدراكية في الابتدائي لا مبرر لها، كما قال أن هناك حلقة مفرغة بين السنة الخامسة الابتدائي والأولى متوسط، وبين الأولى متوسط والثالثة ثانوي، وإخفاق من السنة الأولى متوسط إلى الأولى ثانوي، مضيفا "لا نقول إنه لا يوجد إصلاح لكننا نطمح للكمال، وانتقاد العيوب مرده خدمة أبنائنا". من جهته، دافع مدير التكوين بوزارة التربية الوطنية، لحسن لبصير، عن الإصلاحات المنتهجة في قطاع التربية، ودعا المتدخلين في " ندوة الشروق"، للوقوف وقفة متأنية لما قامت به المدرسة الجزائرية، وقال أن الإصلاح، الذي شرع فيه سنة 2003 بناء على قرار رئيس الجمهورية في قصر الأمم سنة 2000، مس البرامج، الكتاب المدرسي، الهياكل وأدخل التكنولوجيا. وأفاد مدير التكوين بالوزارة بأن أهداف الإصلاح هو ربط المدرسة بالواقع، واكتساب ثقافة وتغيير ثقافة تلقين المعارف، منتقدا الطريقة التقليدية بقوله "التلميذ ليس إناء نصب فيه المعارف، فنحن نعمل على دفع التلميذ لاستعمال المعارف في حياته اليومية"، معتبرا أن المدرسة أصبحت تساهم في بناء مواطن صالح يستخدم التكنولوجيات الحديثة والبحث عن المعلومة، بعدما كانت تركز المدرسة، بحسبه، على الإظهار والحفظ. وعن الخلل الحاصل في فهم مضمون الإصلاحات في الوسط التربوي، قال لبصير "نحاول البحث عن كيفية تطبيق الإصلاحات داخل حجرة الدرس بالتنسيق مع الخبراء، ونحاول كيفية دعم الأساتذة بطريقة تضمن مرافقة التلميذ والبحث عن المعلومة". . . خدوسي رابح خبير في التربية: عندما يعلو صوت الإدارة على الخبير يصاب المجتمع بالتخلف أكد خدوسي رابح أستاذ مهتم بالمنظومة التربوية أنه عندما يعلو صوت الإدارة على صوت الخبير يصاب المجتمع بالتخلف، وتحصل فوضى في التسيير وفوضى في التنفيذ وفوضى في الأفكار، على حد قوله. وقال المتحدث أن فلسفة التربية وأهدافها والتي كل المواثيق تدل عليها، تنتج بالضرورة مواطنا صالحا واعيا ومثقفا، مستغربا غياب ثقافة تعني بالطفل، موضحا "لا توجد حفلات ولا رحلات ولا أنشطة ولا مجلة ولا إذاعة خاصة بالطفل". وأفاد خدوسي أن "المدرسة أضحت تعلمنا السكوت، ولا يتلقى الطفل سوى كلمات: اصمت، اسمع وطبق، وبذلك يستحيل أن يكون التلميذ مبدعا مستقبلا"، وأوضح أنهم اقترحوا هيئة شبه تشريعية ومرصدا وطنيا للتربية والتكوين، على أساس أن كل عملية تربوية تخضع للتنفيذ والتخطيط والتكوين والتقويم، متسائر عن سبب عدم تنصيب هاتين الهيئتين. . . عبد القادر فضيل خبير تربوي وإطار سابق في الوزارة: فضلنا مصطلح التطوير على الإصلاح لأن التربية لم تكن فاسدة قال عبد القادر فضيل إطار سابق في وزارة التربية وخبير تربوي بأن "موضوع المدرسة أو المنظومة التربوية يجعلنا في مواجهة أفكارنا وشعورنا"، وأضاف "كنا نفضل مصطلح تطوير التعليم، لأن الإصلاح يعني وجود أمور فاسدة يجب إصلاحها، ولهذا انتبهت الحكومة لذلك وشكلت ثلاث لجان بإشراف قاصدي مرباح وساهم فيها إطارات وزارة التربية ونقابة الأساتذة وحتى الحزب الواحد، وجمعت كل ملاحظات الولايات". وتأسف المتحدث لتجميد الحكومة لتلك المقترحات والحلول رغم أنه تم إنشاء المجلس الأعلى للتربية لمتابعة القضية، وبقي الأمر عالقا إلى غاية تشكيل رئيس الجمهورية للجنة سميت بلجنة الإصلاحات. . . المعلمون يشجعونهم على السرقة الأدبية منذ الصغر تلاميذ يشترون البحوث الدراسية الجاهزة من مقاهي الانترنت يلجأ اغلبية التلاميذ من جميع الأطوار الدراسية إلى شراء بحوث جاهزة وبأسعار مدونة في جدول معلق أمام قابض مقهى الانترنت، حيث يصطف العشرات من الاطفال يحملون في اياديهم ورقة مكتوب عليها عنوان البحث ويطلبون من صاحب المقهى بحثا مطبوعا حول الفكرة او الموضوع ويدفعون مقابل ذلك مبالغ مالية تتراوح بين 50الى 200 دينار حسب حجم البحث ونوعيته. وقد تعوّد التلاميذ على اللجوء الى البحوث الجاهزة من قبل الغير وتسلم الى المعلمين بشكل مستمر الى درجة أن البحوث الدراسية أصبحت تخصصا تجاريا ونشاطا مربحا يضاف الى أنشطة مقاهي الانترنت، وبما ان الاطفال يحرصون على إتمام الواجبات الدراسية المطلوبة منهم فأنهم يقصدون مقاهي الانترنت حتى في ساعات متأخرة من الليل للحصول على بحث جاهز مقابل بعض المال دون أن يكلفوا انفسهم عناء البحث والتفكير والمطالعة، ويقول أصحاب مقاهي الانترنت أن التلاميذ يلجؤون الى شراء البحوث خاصة مع نهاية الاسبوع حيث تعرف محلات الانترنت ضغطا وإكتضاضا، فيسجل التلميذ عنوان البحث قبل يوم أو قبل ساعات في جدول صغير ويحدد له صاحب المحل الموعد الذي يتسلم فيه البحث جاهزا مطبوعا ويحمل اسمه ويعلمه بسعره مسبقا. فمن بين البحوث التي يشتريها الاطفال متعلقة بالبيئة والعلوم والتربية الدينية والتاريخ ويسلمونها مطبوعة جاهزة للمعلمين دون أن يرفضها هؤلاء على الرغم من أنها لا تحمل أي جهد فكري من طرف التلميذ وقد راجت هذه "الموضة" منذ سنوات عرفت فيها المدرسة الجزائرية انتكاسات في النتائج، وبدلا من أن يبحث التلميذ في اي موضوع يتوجه مباشرة الى "السيبر كافي" ويطلب من صاحبه تحضير بحث جاهز من خلال تقنية "قص لصق" اي جمع معلومات من مختلف المواقع يتم طبعها في اوراق وتسلم للمعلم مقابل علامة معينة، علما أن المعلم يدرك جيدا أن ما قام به التلميذ ليس بحثا وإنما مجرد عملية شراء لبحث جاهز ومحضر من طرف الغير. ففي أحد مقاهي الأنترنت وقفت طفلة في العاشرة من العمر وقالت لصاحب المقهى أريد بحثا عن "السد الأخضر" فأجابها كم حجمه؟ فقالت له ثلاثة أوراق.. وماهي إلا دقائق حتى طبع لها ثلاثة اوراق حول السد الاخضر من موقع إلكتروني ودفعت مقابل ذلك 150 دينار. فيما طلب عدد من الاطفال يدرسون في نفس القسم خمسة بحوث مختلفة حول "واجبات المواطنة" و"المسؤولية الفردية "والتأمينات الاجتماعية " ولم يكن يعرف هؤلاء معنى الافكار والمواضيع من الاساس وهي بحوث طلبتها معلمة السنة الرابعة من التعليم الابتدائي لقسم كامل، وقد اشتكى أولياء التلاميذ من النمط الجاهز للبحوث الدراسية وانتشار فكرة اقتنائها، خاصة في مراحل التعليم الابتدائي، وقد صرح رئيس جمعيات أولياء التلاميذ السيد خالد أحمد أنه كان في إحدى مقاهي الانترنت يقوم بأعمال طباعة عند الساعة العاشرة ليلا، وقدم أحد الاولياء رفقة ابنته تطلب بحثا من صاحب مقهى الانترنت لتسلمه للمعلم غدا ودفع والدها 220 دينار مقابل بعض الاوراق المملوءة بالجمل المتلاصقة والتي يتم تجميعها في لحظات من خلال محرك البحث "غوغل" وتساءل رئيس جمعية أولياء التلاميذ عن الفائدة والجدوى من شراء بحوث من الانترنت بدون فهم ما جاء فيها، وكيف يتعلم التلميذ اساليب التعبير والكتابة والمطالعة والاستنتاج والتفكير بهذه الطريقة، وكيف يشجع المعلم التلميذ على تسليم أبحاث لم يتعب ولم يجتهد في تحضيرها، ودعا رئيس جمعية أولياء التلاميذ كل الأولياء إلى حث أبنائهم على المطالعة والبحث الدراسي كما على الأساتذة عدم قبول الأبحاث الجاهزة المقتناة من السوق حتى لا يشجعوا ثقافة البيع والشراء حتى في العلم. . . مسعود بوديبة، مسؤول الإعلام والاتصال بالكناباست لا بد من إنشاء عيادات خاصة لمعالجة التلاميذ المتسربين أكد، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بالمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع، لدى تدخله في منتدى "الشروق" حول موضوع إصلاح المنظومة التربوية بعد مرور 10 سنوات على التطبيق، أكد أن الكناباست تساند الإصلاح، لكنها ضد الطريقة المعتمدة وهي التسرع في تطبيقها. وأضاف، بوديبة، أنه لدى القيام بتقييم أمر معين، لا بد من شرح الواقع، مؤكدا أن الأستاذ أصبح يعيش ضغوطات نفسية، بيداغوجية وإدارية، جراء التسرع في تطبيق الإصلاحات، بحيث أردف قائلا "لسنا ضد الإصلاحات بالعكس لدينا أفكار من شأنها المساهمة في خدمة الإصلاحات، لكن السؤال المطروح لماذا التسرع، إلى درجة أننا الأساتذة وجدنا أنفسنا في صراع مع الضمير، فكل واحد منا تجده في رحلة البحث عن قنوات للتكوين "فردية"، لكي لا يذهب التلميذ ضحية، وعليه فلا بد أيضا التساؤل هل فعلا الإصلاحات طبقت على أرض الواقع؟ وهل المقاربة بالكفاءات طبقت هي الأخرى؟، لكن أقول فعلا إنها لم تطبق لحد الساعة". وأفاد، بوديبة أنه لا بد من التأكيد أن نقابة الكناباست مع الإصلاح، لكن قبل الذهاب إليه، ينبغي أن تكون المشاركة مبنية على "واقع"، وبالتالي فهل يستجيب الحوار التشاركي في قسم به 50 تلميذا؟ وهل الوسائل المتوفرة سواء من الناحية العلمية والبيداغوجية تساعد على نجاحه؟، مشيرا بأنه لا أحد يمكنه أن ينكر مجهودات الوزارة، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هل المجهود الفردي الذي تقوم به فيه برمجة للتكوين؟ وتطرق مسؤول الإعلام والاتصال بالنقابة،إلى ظاهرة "التسرب المدرسي"، التي هي موجودة وبالتالي هل فكرت الوصاية في معالجة هذا الأمر بشكل جذري ونهائي، مشيرا في ذات السياق بأن الكناباست قد فكرت في إنشاء عيادات خاصة لمعالجة هؤلاء التلاميذ، بوضع حد للتسرب، في الوقت الذي شدد بأنه عندما تتكلم مع تلميذ فإنك تجده لا يحسن لا الكتابة ولا النطق، كما تجده ينفر من الكتاب ومن المعلم ويعيش ضغوطات كبيرة داخل القسم وداخل المؤسسة التربوية، بحيث يصل إلى المنزل مرهقا مما يدفعه مع مرور الوقت إلى ترك المدرسة والتوجه إلى الشارع، خاصة وأن التقارير التي أعدتها هيئته بينت أن العملية التعليمية التكوينية تقوم على المعلومات الاسترجاعية أي ما يقدمه الأستاذ للتلميذ يرجعه له هذا الأخير فيما بعد بنسبة 60 بالمائة. وطالب مسعود بوديبة، السلطات الوصية بضرورة إعادة النظر في تقييم الامتحانات الرسمية، من خلال العودة إلى "البطاقية التركيبية" وكذا إلى الإنقاذ، في الوقت الذي حذّر من الدروس الخصوصية التي أصبحت ظاهرة، وهي تشكل خطرا على المدرسة العمومية. . . مدير التعليم الثانوي بالوزارة، عبد القادر ميسوم لا داعي للعتبة في الوقت الراهن. البرنامج مدروس ساعة بساعة وغير مكثف أكد، عبد القادر ميسوم، مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية الوطنية، بخصوص "العتبة"، أنها وليدة ظروف معينة، وبالتالي لجأت الوزارة إلى وضعها مراعاة لمصلحة التلاميذ، مضيفا في ذات السياق أنه لحد تاريخ اليوم لا مبرر للعتبة لأن الأمور تسير بشكل طبيعي ولا داعي لها إطلاقا، لأن البرنامج ليس مكثفا وهو مرتب ساعة بساعة. وأضاف، مدير التعليم الثانوي، أن وزارة التربية الوطنية قد لجأت السنة الماضية، إلى تحديد الدروس بالنسبة للتلاميذ المقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، بسبب سوء الأحوال الجوية وتساقط الثلوج الذي أدى إلى غلق الطرقات الولائية والوطنية، مما أدى إلى استحالة وصول التلاميذ والأساتذة إلى مؤسساتهم التربوية، بالإضافة إلى الإضرابات التي شنّها الأساتذة والتلاميذ، وعليه قرّرت الوزارة ألا تحمّل التلاميذ وزر هذه الظروف، بحيث تمت مراعاة ما تم إنجازه في المنهاج. وشدّد، عبد القادر ميسوم، بأن الوصاية ستبذل قصارى جهدها لإنهاء المقرر الدراسي في آجاله، لأن تقليصه سيطرح مشكلة في المستقبل لا محالة، وذلك عند التحاق التلاميذ بالجامعة، وبالتالي فلا يمكن بتر البرنامج في كل الأحوال، مؤكدا بأنه ينبغي أن ندرك انعكاسات العتبة على تمدرس التلاميذ، لأنه لا بد على المتمدرسين أن يتلقوا كافة الدروس والمعارف الواردة في المقرر السنوي. في الوقت الذي أوضح أن البرنامج ليس مكثفا وهو مرتب ساعة بساعة وأسبوع بأسبوع، وهناك حتى أوقات ومجالات لاستدراك التأخر إن وجد. . . المقاربة بالكفاءات لم تطبق لحد الساعة.. ونجاحها غير مؤكد أجمع الحاضرون خلال منتدى "الشروق"، بخصوص المقاربة بالكفاءات، بأنها لحد الساعة لم تطبق في الميدان، لصعوبتها، وكذلك الوضعية الإدماجية لم تطبق هي الأخرى منذ سنة 2010، لما خرج تلاميذ الأقسام النهائية إلى الشارع للمطالبة بالعتبة. وأوضح، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال، بالكناباست، مسعود بوديبة، أن المقاربة بالكفاءات استوردوها من الغرب الذي قطع أشواطا مهمة في التربية، وقال بأنه التقى بدكتور من كندا الذي أكد له بأنها طبقت في ولاية واحدة، وهم غير متأكدين من نجاحها، في الوقت الذي استغرب المتحدث من الحماس الذي تبديه الوزارة عند حديثها عن المقاربة بالكفاءات. . . المدرسة تكوّن مخلوقات جديدة بدل شباب متعلم! حمّل رابح خدوسي أستاذ مهتم بالمنظومة التربوية وزارة التربية الوطنية مسؤولية تراجع الأداء التربوي في المدارس الجزائرية، وذهب المتحدث إلى حد وصف المدارس بالثكنات. وقال رابح خدوسي وهو صاحب مجلة "المعلم" التي كانت تصدر سابقا، بأن "مدارسنا تحولت إلى ثكنات وسجون يسيرها جنرالات، فكل شيء موجود فيها إلا التربية"، متسائلا "لماذا نسلم أبناءنا إلى أساتذة لا يمتلكون المعارف"، وأضاف بأن المرحلة الابتدائية يفترض أن تكون تثقيفية، داعيا لإدخال علم النفس والنمو الحركي والعضلي لمعرفة الكتابة والرسم. واعتبر خدوسي بأن الإصلاح لن يقع في المدرسة الجزائرية دون رد الاعتبار للعلم والعلماء، والأخذ بنصائح الخبراء في القطاع التربوي، مشيرا إلى سوء تفاهم بين التلميذ والأستاذ، يجعل التلميذ يلجأ لقطع الكراريس عند الخروج من المدرسة في نهاية كل موسم دراسي. ومن جهته، قال الخبير التربوي، عبد القادر فضيل، إن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في أحد تقاريره ذكر بأن "دور المدرسة الجزائرية تحول من تكوين العقل إلى تكوين مخلوقات جديدة نعدهم بنعيم الآخرة ونحرمهم من سعادة الدنيا". . . أصداء من الندوة * قال مدير التكوين مازحا لمثلي نقابات الأساتذة، تقولون إن الوزارة مطالبة بتحسين المستوى وأنتم تريدون الدخول في إضراب، بعد يومين. * قال مسعود عمراوي إن الاينباف يقترح بدل الأنشطة اللاصفية، يوما بلا محفظة لجميع التلاميذ في الأطوار الثلاثة. * اعتبرت نقابة الأساتذة أن الأنشطة اللاصفية حولت الأستاذ إلى لعب دور المربي في الحضانة. * فضل الأستاذ رابح خدوسي أن تكون نهاية الندوة بتقيدمه لمجموعة من مجلات المعلم كهدايا من الأرشيف القديم، وكان ضمن المجلات اثنتان واحدة بصورة للغلاف الخارجي للخبير عبد القادر فضيل والثانية لعبد القادر ميسوم مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية. * عاتب مدير التكوين الأساتذة الخبير التربوي فضيل وقال له بشأن غياب النص الجزائري في الكتاب مما يجعل الطفل يحس بالاغتراب والغربة: "زملاؤكم يتحملون مسؤولية ذلك". * تنافس ممثلو الوزارة فيما بينهما للرد على وابل الانتقادات الصادرة عن الخبراء وممثلي النقابات، مما رفع حدّة النقاش في الاتجاهين. * دافع مسعود عمراوي عن اللغة الأجنبية كلغة أجنبية أولى بدل إجبارية الفرنسية التي تستعمل بنسبة 4 بالمائة عالميا، فيما تستعمل الانجليزية بنسبة 90 بالمائة عالميا.