عبر المخرج المسرحي ربيع قشي عن استيائه لحال الفنان الجزائري الذي لا زال يصارع من أجل حياة كريمة محاولا تجاوز العقبات و المشاكل الاجتماعية التي يعيشها منذ سنوات، مؤكدا في الحوار الذي خص به أمس جريدة الجمهورية أن هذا الأخير تلقى خيبة كبيرة بعد الوعود الزائفة التي لم تتحقق فيما يخص تحسين وضعه المادي و الاجتماعي، وهذا حسبه راجع إلى غياب الإرادة الحقيقية للجهات المعنية، و المؤسسات والهيئات الثقافية، آملا أن يتحسن الوضع مع الأجيال القادمة من أجل تطوير الفن الركحي و الحفاظ عليه و على تاريخه العريق ، إضافة إلى تصريحات أخرى تابعوها في الحوار التالي : حدثنا عن مسرحية "المنبع" ؟ "المنبع" هي مسرحية اجتماعية درامية، تتحدث بصفة خاصة عن الفنان الجزائري كان وظل ولا زال يصارع المشاكل الاجتماعية المهنية دون أن يرى النور،القضية ليست حديثة الولادة وإنما ترجع إلى عقود مضت، المسرحية تروي حياة الفنان الجزائري في 4 فصول ولكلّ فصل عقد كامل من الزمن، وهنا نتساءل عن راهن المسرح ؟ وما مصيره ؟ ، ونقوم بتعرية أنفسنا كفنانين من أجل إظهار ما يجري حاليا داخل هذا العالم الركحي . كيف خطر لكم أن أعدتم تركيب مسرحية" المنبع" من جديد ؟ أصلا مسرحية "المنبع" مأخوذة من مسرحية "hommage/ تكريم" ، والمسرح الجهوي لولاية مستغانم أراد أن يدرجها ضمن برنامج مهرجان المسرح المحترف ، وعليه قررنا تركيب مسرحية "المنبع" من جديد بمشاركة 27 ممثلا جاؤوا من مختلف أنحاء الوطن، وقدمنا العرض في قالب جديد ، ثم شاركنا به في المسرح المحترف بالجزائر العاصمة، و نلنا جائزة لجنة التحكيم في ديسمبر 2017 . ما هي المشاكل التي يواجهها اليوم الفنان الجزائري ؟ الفنان وبكل صراحة يعيش منذ مدة طويلة مشاكل لا تعدّ ولا تُحصى، فهو يصارع ويكافح في كل وقت من أجل أن تكون له حياة كريمة ، لكن للأسف لا يزال إلى اليوم يعيش في وضعية مزرية سواء حضرت الأموال أو غابت، وأعتقد أن هذا الضغط زاد عن حدّه كثيرا، فإذا كان الفنان لم يستفد خلال البحبوحة المالية كما كانت تسمى، فكيف يستفيد اليوم ونحن في زمن سياسة التّقشف ، للأسف كلّ الوعود التي قدمت لنا تبخّرت، رغم اللقاءات والندوات والاقتراحات الكثيرة التي قدمناها في سبيل خدمة المسرح والفنان ، كقانون الفنان، تسيير المسارح الجهوية ، التعاونيات، البرمجة والكتابة الركحية، لكن للأسف بقيت الأمور على حالها ولم نتلقى أي فعل إيجابي من الجهات الوصية . ألا ترى أن هناك مؤسسات عليها أن تدعم بدورها الفنانين والفن في الجزائر ؟ صحيح ، لا أنكر أنه توجد مؤسسات، لكن للأسف لا توجد إرادة فعلية وملموسة لتغيير وضعية الفنان، وهذا بالنسبة لنا غير مفهوم ، إذ لك أن تتصوّر وجود مخرجين عباقرة في الجزائر وفنانين محترفين وموهوبين لا يعملون، إلى أين نحن ذاهبون ..؟ ، وخلاصة القول نحن نعيش فوضى عارمة بسبب غياب السبل الناجعة التي تسمح للمسرح والفن بالنهوض و التألق في المشهد الثقافي . هل هذا يعني أن الفن في خطر ؟ صراحة لا يمكن لأي كان أن يقضي على الفنان كما لا يمكن لأي كان أن يقضي على المسرح ، فهما باقيان ما دامت هناك رغبة في بقاء الفن، نحن نتحدث كمؤسسات وكهيئات لها تاريخ في المسرح الجزائري، لنا طاقات ولنا أفكار ، لعلمكم يوجد حتى خارج الوطن مسرحيون وفنانون رائعين جدا، لكن لا أحد من المسؤولين الذين يديرون الفن في الجزائر يهتمون بهم، والوضع بصراحة متأزّم كثيرا خاصة خلال الفترة الأخيرة ، رغم أن تحسين الأوضاع لا يتطلب أشياء كثيرة. ما هي طموحاتك و آمالك ؟ أملي الكبير أن يتطور المسرح لكن لا أعلم متى سيتجسد ذلك على أرض الواقع ؟ ، ربما سيتحقق مع الأجيال القادمة ، ومسرحية "المنبع" هي رسالة قوية للفنانين ، حيث قمنا من خلال العرض بالحديث عن 4 أجيال من الفنانين ، منهم من رحل عن هذا العالم ومنهم من لا زال يكافح، نحن نرفض أن يكرم و يُعترف بالفنان بعد وفاته ، بل وهو حيّ يرزق ، لذلك أطلب من كل مسؤول تحمل مسؤوليته أمام الله و الوطن والتاريخ .