يعتقد زائر مدينة وهران للوهلة الأولى، وهو يقترب من الساحة العمومية الكبيرة وسط المدينة، أنه يقف أمام كنيسة شاهقة لا تجدها إلا في قصص القرون الوسطى، فموقعها يعتبر معلما هاما يقصده السياح والمارة وطلاب المدارس، وبعد تحويلها من كاتدرائية إلى مكتبة في عام 1984، أطلق عليها اسم الصحافي الراحل بختي بن عودة. والشيء الجميل أنها تتراءى للناظرين من بعيد نظرا لعلو صرحها، و هندستها الفريدة من نوعها، غير أن لا شيء يوحي بأن هذا المبنى تحول إلى مكتبة اليوم، فرنين أجراسها ما زال يتهادى من جدرانها أو هكذا يُخيل للناظر إليها، فإطلالتها على ساحة رحبة، يجتمع فيها المارة وقراء الجرائد والطلبة، جعلها مكانا يضج بالحركة، كما أن احتوائها على قاعة للمطالعة، جعلها قبلة للطلاب والأساتذة والهاربين من ضجيج المدينة، و البحث عن " الكاتدرائية " ليس صعبا ، فبمجرد السؤال عنها، تكتشف أن الجميع يعرفها ، هذا المكان هو حقا أداة جذب سياحي بامتياز بوهران ، بالنظر إلى ما تستقطبه من سياح كل عام، خاصة في فصل الصيف، ما دفع بكثير من الجمعيات الناشطة في مجال حماية المعالم الأثرية، إلى مطالبة السلطات المحلية، بإطلاق أشغال ترميم للكاتدرائية مع الحفاظ على طرازها العمراني القديم ، خاصة أنها واحدة من الجواهر التي تفقد بريقها حتى في عزّ نشاطها السنوي . وفي جولة داخل الكاتدرائية، يلفت نظر الزائر وجود 5 أبواب عملاقة تحرس المدخل الرئيسي، وحين تتجاوز الباب الرئيسي تشعر بهدوء غير عادي، تحت سقف عال جدا يجعل النظر إليه طويلا أمرا متعبا. طاولات خشبية للمطالعة، ممرات الكنيسة في قاعة الصلاة " المطالعة " لم تتغيّر، ورفوف جدارية تحتوي على مئات الكتب في مختلف التخصّصات، وتتوسط السقف ثريات نحاسية ضخمة، وفي مقدمة القاعة يوجد المجلس، والذي يسمى أيضا ب"المذبح"، وكان يستعمل في الطقوس المسيحية حسب ما أكده المكلف الرئيسي بتسيير المكتبة، لنحر القرابين.