عاشت قبائل الساقية الحمراء ووادي الذهب بالصحراء الغربية قرونا في ظل الحرية والاستقلال غير خاضعة لأي سلطة معتمدة على نفسها متضامنة ومتآزرة مستفيدة من تجارة القوافل التي كانت تعبر المنطقة في طريقها إلى غرب أفريقيا لتعود محملة بالذهب والملح وبضائع أخرى وقد حاول البرتغاليون والأسبان إقامة قواعد لهم على سواحل الصحراء الغربية بداية القرن السادس عشر الميلادي فتصدت لهم تلك القبائل وبعد محاولات نجحت اسبانيا في فرض احتلالها على المنطقة ونالت اعتراف الدول الأوربية في مؤتمر برلين سنة 1884الذي قسمت فيه أفريقيا فأعلن الشيخ ماء العينين الثورة ضد المحتلين الفرنسيين والأسبان وجند وراءه القبائل الصحراوية والموريتانية وكبد المحتلين خسائر كثيرة وأسس مدينة السمارة واتخذها عاصمة له لكنه أوقف الحرب سنة 1898. وفي سنة 1900 اعترفت فرنسا رسميا بسيادة اسبانيا على الصحراء الغربية وفي 1932 اتفقت الدولتان على ضم الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى التراب الاسباني وفي بداية الخمسينات من القرن العشرين تجددت المقاومة عن طريق جيش التحرير الصحراوي مما جعل الوجود الاسباني ينحصر في مدينتي العيون والداخلة لكن تعاون الجيش الاسباني والفرنسي وضع حدا لجيش التحرير الصحراوي سنة 1958لكن طموح هذا الشعب إلى الحرية والاستقلال لم يتوقف وظل يكافح وقام بانتفاضة الزملة بمدينة العيون سنة 1970 التي سقط فيها شهداء مطالبا بالاستقلال لتبدأ مرحلة جديدة من الكفاح السياسي والعسكري ففي العاشر ماي 1973 تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليزاريو) وبعد عشرة أيام بدأت العمل العسكري ضد قوات الاحتلال الاسباني مما دفع باسبانيا سنة 1974 إلى الإعلان عن تنظيم استفتاء تقرير المصير خلال النصف الأول من سنة 1975 واتصلت بجبهة البوليزاريو والمغرب وموريتانيا قبل ان تعقد اتفاقية مدريد المشؤومة في سبتمبر 1975 مع المغرب وموريطانيا وتمكينهما من احتلال الصحراء الغربية مخالفة بذلك قرارات منظمة الوحدة الأفريقية والأممالمتحدة التي نصت على تصفية الاستعمار وإجراء استفتاء حر لتقرير المصير للشعب الصحراوي. كما أصدرت محكمة العدل الدولية بلاهاي رأيا استشاريا مؤكدة ان هذه الأرض كانت مسكونة وقت استعمار اسبانيا لها سنة 1884 ومنظمة اقتصاديا واجتماعيا ونفت وجود روابط لها مع المغرب أو موريتانيا لكن المغرب لم يقبل بالحكم وأعلن عن تنظيم (المسيرة الخضراء) التي استعملها غطاء لفرض احتلاله للصحراء الغربية بتواطؤ مع اسبانيا التي أنهت احتلالها لها سنة 1976 لتبدأ حرب جديدة ضد الاحتلال المغربي هذه المرة وتأسست الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في بئر الحلو بتاريخ 28 فبراير 1976 وخاض الشعب الصحراوي معارك عديدة ضد القوات المغربية والموريتانية وأرغم موريتانيا على الانسحاب سنة 1979 فقام المغرب باحتلال المناطق التي انسحبت منها رغم إدانة الأممالمتحدة له واشتدت الحرب ووقعت معارك عديدة مع الجيش المغربي في الصحراء الغربية المحتلة وفي داخل تراب المغرب الذي شيد جدرانا للاحتماء بها طوله حوالي 2000 كم. وبعد 15 سنة من الحرب تم التوصل إلى هدنة بين الطرفين مقابل تنظيم استفتاء لتقرير المصير بناء على إحصاء اسبانيا للسكان سنة 1974 واصدر مجلس الأمن قرارا سنة 1991 لاجراء استفتاء وإرسال قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة (المينيرصو) وأرسلت الأممالمتحدة جيمس بيكر مبعوثا لها الى الصحراء الغربية المحتلة الذي قدم مخططين للتسوية وجرت مفاوضات بين الطرف المغربي والطرف الصحراوي في أمريكا ووقعت خلافات بينهما حول تحديد الهوية وتقرير المصير الذي يرفضه المغرب الذي وافق على حكم ذاتي موسع. ورغم الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها الجمهورية الصحراوية التي نالت اعتراف الكثير من الدول وشاركت في تأسيس الاتحاد الأفريقي فما زال المغرب يماطل ويناور محاولا فرض الأمر الواقع لتكريس احتلاله لأرض ثبت أنها ليست له. فإن كفاح الشعب الصحراوي قديم وطويل بدأ في القرن السادس عشر ضد الغزو الأوربي البرتغالي والاسباني والفرنسي. وتبقى قضيته العادلة تنتظر الحل وقد دعا بيان مجلس الأمن الأخير المغرب والبوليزاريو إلى استئناف المفاوضات لإيجاد حل مقبول وعادل للقضية فهل يستجيب المغرب لذلك ؟