تعرف ظاهرة رمي المختلين عقليا بالشارع و المصحات العقلية من طرف أقاربهم انتشارا واسعا وسط المجتمع الجزائري حيث أصبح المجنون عائقا لدى العائلة و للتخلص منه لا بد أن يرميه بالشارع، و إذا ما نظرنا إلى وضعية هؤلاء المختلين فيمكن القول أنهم لم يتوقعوا يوما أن تقذف بهم الحياة إلى خارجها، وأن تقطع صلتهم بالواقع.. كما أنهم لم يخطر على بالهم أنهم سيتحولون في أحد الأيام إلى مواطنين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم، كل ما في الأمر أن ظروفا جعلتهم يعيشون دون إدراك ما حولهم، وأياد بئيسة لم ترعهم وقذفتهم إلى الشارع دون مراعاة لكرامتهم إنهم المختلون عقليا يعيشون التشرد دون رحيم ولا رقيب، يأكلون مما تجود به أيدي محسنين ومن فتات القمامة، يمارسون العنف والتخريب أحيانا كما يتعرض بعضهم إلى العنف والاغتصاب دون أن يذكروا شيئا . و قد تقربت *الجمهورية* من أحد مراكز إيواء المختلين عقليا حيث نقلت مجموعة من القصص التي عاشها هؤلاء المختلين كما أن كل مجنون و وراءه قصة تقشعر لها الأبدان فهناك من رماه والداه و هناك من تبرأ منه إخوته و كذا الزوجات و الأبناء حيث إنه بالنسبة إليهم يعتبر عائقا و كذا من أجل الميراث . بسبب قلب أم أقسى من الحجر [ أمينة كبرت وسط البهائم داخل زريبة بمعسكر ] قصة السيدة أمينة صاحبة ال 55 سنة و المنحدرة من بلدية معسكر التي تعاني الأمرين بسبب الإعاقة الحركية و الذهنية كانت تعيش رفقة والدتها و إخوتها إلا أنها و بعد إصابتها بالمرض قامت والدتها بوضعه في الزريبة للعيش رفقة الحيوانات فتحولت على إثرها إلى مصابة حركيا هدا بعد أن أصبحت تقلد الحيوانات و بعدها قاموا برميها في الشارع إلى أن أصبحت متشردة بشوارع وهران فأخذت من العراء محلا لإقامتها كما أن إخوتها لحد ألآن و منذ عدة سنوات لم يقوموا بالبحث عنها . [ مجنونة تحمل من اغتصاب جماعي و يسرق منها رضيعها ] ها هي قصة أخرى لإمرة تدعى فاطمة تبلغ من العمر 64 سنة من بلدية خميس مليانة قام إخوتها برميها في التسعينات إلى الشارع بعد وفاة والديها حيث وجدوا منها عائقا أمامهم كما أنهم لم يبحثوا عنها فجاءت إلى وهران و عاشت في الشارع الذي صادفت فيه الوحوش و الذين رغم إعاقتها لم يرحموها حيث تعرضت إلى الاغتصاب و بعد فترة حملت و وضعت مولوده و أخد منها و لم يعرف له طريق لحد الآن. [ هوارية من اليتم إلى الانفصام عن الواقع ] حكاية أخرى عاشتها السيدة هوارية البالغة من العمر 51 سنة مجهولة النسب تربت بمركز إيواء الأطفال إلى أن تبنتها إمرة رفقة زوجها فربتها و عندما كبرت استغلتها في ممارسة الشعوذة حيث كبرت الفتاة مضطربة عقليا وكذا تربص المعتقدات الخاطئة عن الشعوذة و السحر زاد من تأزم وضعها . [ محمد مات والداه فانتهت حياته ] عمي محمد من بلدية مغنية كان ضحية المجتمع فقد عاش في حالة جيدة وسط عائلته رغم مرضه حيث قامت والدته بتزويجه بإمرة و التي بمجرد أن اكتشفت أنه مختل عقليا فرت و طلبت الطلاق و بعد هذا قام والداه قبل وفاتهما بترك له نصيب من الميراث فقام إخوته بسلب حقه من الميراث و رموه بالشارع دون رحمة أو شفقة . [ مآس ما لها آس ] قرب إحدى المدارس تجلس سيدة في ربيعها الثالث ترتدي ملابس ممزقة، و تبتسم لكل من يمر بجانبها دون أن تنطق بكلمة، كلما مددت لها شيئا أخذته لتضعه على الأرض وتواصل ابتسامتها، فيما مختلون آخرون لا يجيدون سوى الهرولة في وسط الشارع وهم يحملون عصيا مهددين بها تارة السيارات و تارة أخرى المارة، و هناك صنف أخر لا يجيد سوى النوم على جنبات المباني أو قرب الإدارات العمومية، لا يتحدث ولا يتحرك وكأنه أصبح جزء من هذا المكان ، اقتربنا من أحدهم بشارع محمد خميستي لنتحدث معه ولكنه لا يعطى الاهتمام لأحد وكأن الناس من حوله غير موجودين من الأساس. إنها فعلا مأساة هناك من يتجاهلها و هناك من يتعاطف معها .