مرّت، أمس، ستّة وخمسون سنة على بسط السيادة الوطنية على مؤسستي التلفزيون والإذاعة، احتفال يراد له أن يكون وقفة للاستذكار والترحّم على جيل عقد العزم أن تحيا الجزائر بشباب وشبّات رفعوا التحدي لمواصلة البث السمعي البصري وذلك رغم نقص خبرة التقنيين الجزائريين إلا أنهم تمكنوا بفضل العزيمة والروح الوطنية من مواصلة البث بعد انقطاعه لفترة قصيرة بعد إنزال العلم الفرنسي من مبنى المؤسسة من قبل أحد التقنيين الجزائريين العاملين فيها... بعد مرور كل هاته السنوات وبعد تحديات جيل الاستقلال بمواصلة المسيرة هاهي تحديات الرقمنة ومواكبة التطورات السريعة للإعلام السمعي البصري. ويعد تاريخ 28 أكتوبر 1962 *تحديا حقيقيا* رفعه الإعلاميون والتقنيون الجزائريون في ذلك الوقت وبرهنوا على قدراتهم التسييرية بكل احترافية بعد مغادرة الصحفيين والتقنيين الفرنسيين للمبنى احتجاجا على استبدال علم بلدهم بالعلم الوطني ومراهنتهم على استحالة استغناء قطاع السمعي البصري في الجزائر عن خدماتهم. ورغم نقص خبرة التقنيين الجزائريين إلا أنهم تمكنوا بفضل العزيمة والروح الوطنية من مواصلة البث بعد انقطاعه لفترة قصيرة، حيث تمت الاستعانة بعدد من المهندسين والتقنيين الذين تم تكوينهم قبل التاريخ المذكور تحسبا للاسترجاع الأكيد للسيادة على هاتين المؤسستين الإعلاميتين. ليبقى، ذكرى بسط السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون، حدث برهن من خلاله الرعيل الأول من الإعلاميين والتقنيين على قدرة الجزائر المستقلة على رفع التحدي. وإذا كان التحدي غداة الاستقلال هو استرجاع السيادة على الإذاعة والتلفزيون وتأسيس لإعلام وطني رافق ولا يزال يرافق مختلف التحولات في الجزائر، فإن التحدي اليوم بعد مرور قرابة ستين عاما هو مواكبة التطورات السريعة للإعلام، ورغم السيطرة القوية لوسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية خلال السنوات الأخيرة إلا أن الإعلام الكلاسيكي، خاصة السمعي البصري الذي لا يزال له تأثير كبير على المجتمع على غرار الإذاعة التي تسعى للمحافظة على رسالتها النبيلة. واليوم وبعد 56 عاما من العمل والمجهودات المتواصلة لأبناء الجزائر الذين تعاقبوا على مؤسستي الإذاعة والتلفزيون يلاحظ الجميع التطور الذي ميز الإعلام السمعي البصري في الجزائر، فالاذعات المحلية متواجدة عبر 48 ولاية تقرب المسافات من خلال إعلام جواري هادف موضوعي يجسد فيه مبدأ الحق في الإعلام.