كانت عقارب ساعة العرض الأولى لفيلم خارج عن القانون للمخرج الكبير رشيد بوشارب أمس بقاعة الموڤار بالجزائر العاصمة مضبوطة على توقيت عرضه في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، حيث أختير من بين 1660 فيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية الخاصة بالافلام الروائية الطويلة التي تتضمن 17 فيلما وهو مرشح لنيل السعفة الذهبية لدورة هذه السنة. ألقى بوشارب العنانة لمخيلته، للتوغل في أعماق تاريخ ثورتنا المجيدة ونبش الذاكرة من خلال مراحل جدّ حساسة من المسار النضالي لشعب آمن بقضيته العادلة وحقه المشروع في الحرية التي سلبت منه عنوة وظلما وطغيانا حيث أبدع في تصوير مشاهد قوية سافر من خلالها المشاهد عبر محطات مختلفة من تاريخ حرب التحرير الوطنية، التي سلط عليها الضوء وعالجها بتصور مغاير وفق ما أملاه عليه خياله الواسع فإختار تاريخ 1925 لتكون بداية أحداث فيلمه بالجزائر من خلال قصة عائلة فلاحة تتكون من الأب الذي جسد دور الفنان القدير أحمد بن عيسي وشافية بودراع في دور الأم في حين إحتفظ بنفس عناصر فيلم "أنديجان" وهم جمال ديوز في شخصية سعيد ورشدي زام في دور " مسعود" وسامي بوعجيلة في دور "عبد القادر"، غادرت أرضها بقوة قانون ظالم وغير عادل باتجاه مدينة سطيف وكتب لها أن تعايش أحداث 8 ماي 1945 حيث يستشهد الأب وتقع الأم تحت تأثير الصدمة وتتولد لدى الأبناء الثلاثة رغبة الإنتقام لإسترجاع ما أخذ بالقوة والظلم والتعسف، التي إشتدت بعد تلك المشاهد المرعبة والأحداث المرتكبة من قبل المستدمر في حق مواطنين عزّل يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان وتدمع لها العين. تتطور الأحداث عندما يقبل سعيد على أخذ ثأر والده ومن تم عائلة عن طريق طعن قائد قريتهم الذي كان سببا في إخراجهم من أرضهم بأمر من السلطات الإستعمارية وبعد ذلك يقنع أمه بمغادرة أرض الوطن بإتجاه فرنسا، حتى تكون قريبة من ابنها عبد القادر المسجون بأحد المعتقلات الفرنسية ومسعود المحبذ إجباريا في صفوف الجيش الفرنسي، للمشاركة في الحرب ضد الفيتنام فينتقل مسعود ووالدته في سنة 1955 للعين في العاصمة الفرنسية باريس في حي قصديري، يعود مسعود من الحرب ويخرج عبد القادر من السجن ويلتم شمل العائلة من جديد في ديار الغرب، تتصارع مرة أخرى وتيرة الاحداث عندما يتولى عبد القادر قيادة حزب جبهة التحرير الوطني بباريس رفقة شقيقه مسعود فيدعمان الثورة بكل ما أوتيا من قوة، عكس سعيد الذي اختار طريق المال والاعمال من خلاله فتحه ملهى ليلي أطلق عليه اسم القصبة، واستثمار في رياضة الفن النبيل، متفذيا بذلك الانخراط في العمل السياسي الذي دعمه بأموال . أربكت العمليات الفردية التي يقوم بها عبد القادر ومسعود المستدمر في عقر داره إذا لم يسلم منها حتى أبناء الوطن ممن خان الثورة كما كان الحال للذي استغل أموالها لشراء ثلاجة !!. وإنتهت هذه العمليات بإستشهاد مسعود سنة 1960 ثم عبد القادر في احداث 17 أكتوبر 1961 بعدما أشرف على تنظيمها من أجل إرسال صوت الجزائر والتأكيد جهرا على حقه المشروع في الحرية والاستقلال ورفضها للاستعمار وللظلم جملة وتفصيلا. انتهى الفيلم بعدما أيقض فينا أوجاع ذاكرة جريجة، نجح بوشارب في تصويرها وفق منظور مغاير من خلال مشاهد مظلمة حول الظلم الذي مارسه المستعمر على أبناء شعبنا وكانت فعلا قائمة السواد وأثرت في الجمهور وجعلته يتفاعل مع الاحداث في صمت ويعيش تفاصيل القصة من خلال وقائع تاريخية بلمسة ابداعية صدرت على الطريقة الامريكية أذانت من خدم الثورة وإستشهد في سبيلها ومن خانها من أبناءها ومن تعاطف معها من الفرنسيين، حيث عرف كيف يمزج بين مشاهد الألوان وصور الأبيض والأسود المأخوذة من الأرشيف مستعينا بتقنيات جد عالية لم نجد ميثلا لها إلا في الأفلام الهوليوودية التي زادت الفيلم قوة ومكانة وقيمة فنية أضحت تنافس قناة الفن السابع في العالم. وللعلم تميز عرض الفيلم أمام وسائل الإعلام الوطنية المنظم من قبل الديوان الوطني للثقافة والاعلام بحضور كل من الفنانين أحمد بن عيسى وياسين بوجملين المشاركين في هذا الفيلم.