- صمام أمان صناعة التغيير اليوم في الجزائر هو الدستور والجيش - القضاء سيساعد في فك الانسداد السياسي - هناك من يتاجر بالأزمة ومن يستثمر في المرحلة الانتقالية يواصل الدكتور سليمان أعراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، في هذا الحوار الذي خص به الجمهورية، قراءته للمشهد السياسي في بلادنا، الذي تسارعت أحداثه وشهد خلال الأيام القليلة الماضية، عدة مستجدات واكبت المسيرات الشعبية الحاشدة، كان أبرزها توقيف ومثول العديد من الشخصيات البارزة في الدولة أمام القضاء حول قضايا تتعلق أساسا بالفساد، وتحويل العديد من رجال المال وأصحاب النفوذ إلى السجون، التي شكلت الحدث الأبرز وزعزعت المشهد السياسي في غمرة الهبة الشعبية المتواصلة. @ الجمهورية : بداية، كيف تقرؤون استدعاء القضاء للعديد من الوزراء وكذا رجال المال للتحقيق معهم حول قضايا تتعلق بالفساد ؟ ^ سليمان أعراج : في الحقيقة قضية استدعاء القضاء لعديد من الشخصيات والوزراء السابقين والحاليين حول شبهات وتهم مرتبطة بالفساد، أعتقد أنها قضية مرتبطة أساسا بمفهوم واستمرار أسس الدولة الجزائرية ، على اعتبار أننا نتحدث على أحد السلطات الثلاث التي تشكل مرتكزا ، وأنا أرى في هذه الخطوة تجسيدا للإرادة الشعبية التي انتفضت ضد الأخطاء والتجاوزات التي حصلت، وتحرك القضاء والعدالة هو دور مرافق لسيرورة بناء الدولة ، ولا يجب أن يتوقف أبدا بحجة ظرف أو مناسبة أخرى كما يدعي ويروج البعض، وأنا اعتبرها مغالطة فادحة ، لأنه إذا أردنا تصحيح الأخطاء، يجب أن يكون بإشراف قطاع العدالة وليس دونه، لضمان تطبيق القانون ولضمان المضي في استعادة ثقة الشعب في مؤسسات الدولة، التي تبقى مرتبطة بالدولة الجزائرية وليس بالأشخاص. من أجل ذلك أقول أنه لا يمكن اختزال الدولة في أشخاص وأفراد، كما أن الأخطاء يتحملها الأشخاص وليس الدولة. @ الشعب يطالب برحيل الباءات، بينما هؤلاء يراهنون على البقاء، كيف تحللون هذا الإنسداد السياسي الذي نعيشه اليوم ؟ ^ صحيح أننا أمام واقع أمر فرضته متطلبات ضمان الاستقرار وحماية الطابع المؤسساتي للدولة، وحماية الإرادة الشعبية من مساعي الالتفاف أو تحريفها عن مقاصدها، وكان ذلك تحت غطاء الدستور الذي منحنا جزءا مهما من الحل، وأجدد هنا القول بأن الاحتكام إلى الدستور ضرورة تستوجبها المصلحة الوطنية العليا، وأعتقد أن دور القضاء في الأيام القادمة سيساعد في فك هذا الانسداد السياسي، والذي أشار إليه بيان قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي، ووصفه بعبارة تفكيك الألغام ، حيث أكد على أن التحلي بالصبر والوعي دعامة أساسية لضمان خروج سلس وآمن من هذه الأزمة. @ بن صالح ماض في تطبيق ورقة الطريق، التي أعلن عنها منذ توليه منصب رئيس الدولة ، في حين هناك مؤشرات تدل على مقاطعة الشعب لانتخابات 4 جويلية المقبل، ما معنى هذا؟ ^ المضي نحو انتخابات رئاسية في أقرب الآجال هو أيضا بات ضرورة ، ولا يجب إطالة عمر الأزمة ، لأن ذلك لن يكون في صالح الإرادة الشعبية ولا في صالح البلاد بالنظر إلى الآثار الاقتصادية والسياسية على الدولة الجزائرية ومستقبلها، قد يتساءل الجميع عن مدى توفر شروط ومتطلبات المضي نحو انتخابات رئاسية، والتي يمكن القول أنها لم تتوفر أو على الأقل لم تجتمع هذه الظروف، لكنني أرى أن هناك ترابط بين الأمور والأحداث ستكون نتيجتها فك الانسداد السياسي الحاصل وانتصار الإرادة الشعبية، والتي تمتلك أهم وأقوى حامي لها هو مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، وهو ما يشكل ضمانة وطمأنة بأن لا أحد يمكنه التلاعب بالإرادة الشعبية ولا بمستقبل المواطن البسيط. @ هل التمسك بالدستور بات الحل الوحيد للعبور إلى المرحلة الإنتقالية ، أم هناك بدائل أخرى ترونها ممكنة للخروج من الأزمة ؟ ^ أرجع للقول بأن صمام أمان صناعة التغيير اليوم في الجزائر هو الدستور و الجيش الجزائري ، وهما يصنعان قوة تحمي وتضمن تحقيق التغيير المنشود نحو مستقبل أفضل وأكثر استقرارا على الأقل من الناحية السياسية والأمنية ، لأن إشكالية الاقتصاد ستبقى مطروحة للمعالجة وفق ميكانزمات تأتي في المرحلة البعدية وليس الآنية ، وهنا أعود للقول حماية الإرادة الشعبية من أولئك الذين يعملون و يجتمعون ليلا ونهارا للتآمر على مطالب الشعب، لأنهم مجموعات تمتهن سرقة الإرادة الشعبية والاستيلاء على طموحات الشعب ، لأننا ببساطة أمام نوعين من المتربصين بمطالب الشعب، وهم: تجار الأزمة، ومستثمر في المرحلة الانتقالية. كما أعتقد أن من يدعو إلى الخروج عن الدستور ، لا يختلف عن أولئك الذين كانوا يدعون في وقت ليس بالبعيد، بتدخل الجيش الجزائري خارج الحدود ، وذلك لأن مسعاهم واحد وهو تكببيل دور الجيش و إضعاف قدراته بما يضعف القدرات العملية في حماية وتجسيد الإرادة الشعبية .