الحراك الشعبي السلمي الذي حول الشارع إلى مدرسة للنضال السياسي للمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الجزائري الذي يريد أن تكون له السيادة الكاملة ليختار حكامه بكل حرية وديمقراطية وشفافية وكل يوم يمر عليه يزداد تصميما على انتزاع حقوقه فمسيراته لم تتوقف منذ 22فبراير الماضي وعبر 14جمعة كاملة دون تعب أو ملل أو ضعف حيث أسقط كل الرهانات والتكهنات التي توقعت له الفشل والتراجع بفعل الصيام لكنه واصل طريقه الصعب والشاق لتحقيق غايته المنشودة بالتخلص من الفساد وأهله وإقامة نظام نزيه وعادل لقد كانت البداية مخيفة لان المظاهرات في العاصمة كانت ممنوعة لكن شباب الحراك خرجوا بقوة ضد ترشح الرئيس السابق لعهدة خامسة فأجبروه على التراجع عنها محاولة التمديد التي أفشلوها فاسقطوا الحكومة وانتخابات 18أفريل والرئيس ورؤوسا أخرى وتوالت الانتصارات على رموز الفساد السياسي والمالي وحتى انتخابات الرابع جويلية قد تؤجل أو تلغى تحت ضغط الشارع المتواصل بقوة وقد أجبر أحزاب الموالاة التي كانت تحتل الساحة على الصمت والفرار بعد أن انتهت حكاية العهدة الخامسة وتقديس صور الزعيم الذي لا يتحرك ولا يتكلم والحامي للعصابة الفاسدة المتسلطة المتآمرة على سلطة الدولة وبعض أفرادها في السجن في انتظار الباقين وقد تجاوز الحراك الشعبي كل الأحزاب السياسية الأخرى التي تدعي معارضتها للنظام والتي لم تكن في مستوى الشعب الجزائري وتطلعاته فقد خضعت للنظام على مدى عقدين من الزمن وتركته يعبث بالدستور وقوانين الجمهورية ويعيث في الأرض فسادا وهي ساكتة تتفرج مثل (الأطرش في الزفة )ولولا الحراك السلمي لمرت العهدة الخامسة بسهولة لتستمر جماعة بوتفليقة و أويحي وعلي حداد في نهب الثروات والمال العام أمام الأعين لإفقار ملايين المواطنين وإدخال البلاد في أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة كانوا يتحدثون عنها دون حياء فالمعارضة السياسية لم تكن في المستوى ولم تقم بواجبها في محاربة الاستبداد والفساد وبعضها كان متواطئا طامعا في نيل حظه من الغنيمة ولهذا قام المتظاهرون بطرد وإبعاد عدد من مسؤولي تلك الأحزاب ولم يسمحوا لهم بالانضمام إلى الحراك الذي ظل يعبر عن نفسه بنفسه رغم وجود ممثلين عنه معروفين حتى الآن ويقوم برفع أسماء شخصيات وطنية من خارج الأحزاب السياسية لتولي المرحلة الانتقالية التي يطالب بها مثل د أحمد طالب الإبراهيمي والمحامي مصطفى بوشاشي ود أحمد بن بيتور و الرئيس الأسبق اليامين زروال دون الالتفات إلى رؤساء الأحزاب الذين حاولوا التكيف مع الواقع السياسي الجديد من خلال البيانات والتصريحات ووسائل الإعلام والاجتماعات المضيقة والقليلة دون تأثير في الأحداث الجارية ولم تستطع تلك الأحزاب المعارضة الاتفاق على شخصية منها لتمثيلها والتحدث باسمها أو حتى ترشيحها للفترة الانتقالية أو للرئاسة مما يدل على ضعفها وتفرقها وأنانيتها فهل تردد ما يقوله الحراك أي أنها تسير خلفه بدل أن تكون في الريادة والقيادة كما أن مناضليها إن كان لها مناضلون أصلا لم يظهروا طيلة الثلاثة أشهر الماضية ولم يبادر أي حزب بتنظيم تجمع أو مسيرة للتعبير عن موقفه فمازالت ملتزمة الهدوء والانضباط الذي تعلمته في عهد صاحب الفخامة الذي رحل وتركهم يتامى فقد قتل الحياة السياسية وكاد يقتل الدولة الجزائرية التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء لكن الشعب الجزائري الأبي الوفي لوطنه بمرافقة الجيش الشعبي النوفمبري كان له بالمرصاد ، و ها هو اليوم يربح معركة أخرى نحو تحقيق آماله و تطلعاته في تأسيس دولة المواطنة و القانون فعلا و ليس شعارا بعدما أضحت انتخابات 4 جويلية في خبر كان .