غياب المقر وانعدام شروط العمل « ملائكة الخشبة " ... من أقوى الفرق المسرحية التي مثلت وهران في العديد من المحافل الوطنية والعربية، وافتكت جوائز لا يستهان بها .. ملائكة الخشبة المتوجة بلقب الطبعة ال 52 لمهرجان مسرح الهواة بمستغانم، .. اليوم تسرد معاناتها وكيف أنها تكابد من أجل الصمود في وجه الظروف التي لم تفتعلها الحياة، بل أناس يسيرون القطاع ولا يحاولون أبدا دعم شباب امتهنوا المسرح و غيرها من الفنون.. كانت السّاعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما اتصلت بالفنان الشاب محمد بلكروي أسأله عن مكان تدريب الفرقة حتى نُجري لقاء مع الممثلين، فضحك ساخرا : نحن في الشارع …. !! ظننت أنني لم أسمع جيدا ما قاله ، أعدت سؤالي بطريقة أخرى : في أي قاعة أنتم الآن .. أنا قادمة مع المصور الصحفي من أجل اللقاء ؟ ، فردّ مرة أخرى، ..وبنبرة حادّة هذه المرّة : عالية أختي ..قلت لك رانا برّا ما عندناش قاعة.. يلا بغيتو أرواحو اخدموا معانا هنا وصاي ..؟ . اتجهنا نحو المكان الذي أخبرنا به محمد بلكروي ..وهو الحديقة العمومية " ابن باديس " المقابلة لمسرح الهواء الطلق حسني شقرون، . استقبلنا هناك محمد رفقة صديقة فارس عبد الكريم، يوسف قواسمي، وبوشيبة غازي .. ونحن ندخل المكان الذي كان في حالة مزرية.. لمحنا مجموعة من مدمني الكحول يتأملون البواخر الراسية في الميناء ، فبدوا كأنهم يُعانقون حلما مستحيلا ويشكُون للبحر حالهم ..فصرخ أحدهم فجأة: " يا البابور ...اديني معاك .." واصلنا طريقنا وسط والأكياس والقاذورات التي كانت تغطي المكان، وبطبيعة الحال راح أعضاء الفرقة يعتذرون لأنهم استقبلونا في هذا المكان السياحي الرائع الذي تحوّل إلى مرتع للمنحرفين، ..وأخيرا وصلنا إلى شجرة عملاقة، حيث قال رئيس الفرقة قواسمي يوسف إنّهم يتمرنون تحت ظلها ويناقشون عروضهم أيضا، لأنهم ببساطة لا يملكون مقرا يأويهم رغم وجود الكثير من القاعات المغلقة في وهران ، لكنها للأسف غير مستغلة والجهات المسؤولة ترفض فتحها أمام الفرق المسرحية أو منحها لفرق إبداعية أخرى ، مضيفا أنه الملجأ الوحيد لهم رغم بعض الصعوبات التي يواجهونها فيه أحيانا ، خاتما قوله : " احنا أولاد وهران ..وغادي نقعدو هنا في وهران .." ورغم أننا تعبنا من التهميش كغيرنا من الشباب إلا أننا سنناضل إلى آخر رمق..ونحن فقط عينة من هؤلاء الشباب الذين يملكون طاقات جبارة لكنهم لم يجدوا من ينتشلهم من بؤرة اللامبالاة و« الحقرة " التي تجعلهم يفكرون دائما في " الحرقة" .. أما المخرج فارس عبد الكريم ، فعبر هو استيائه من الوضع الذي يعيشونه وكيف أنهم يعجزون حتى عن التنقل خارج الوطن من أجل تمثيل بلدهم في المحافل الركحية العربية والمغاربية، والأسوأ أنهم يخجلون عند استضافة فرق أخرى في مدينة وهران المعروفة بالفن الأصيل ، .. لأنهم ببساطة لايملكون مقرا .. وبخصوص ما حققته ملائكة الخشبة منذ بداية تأسيسها عام 9 أكتوبر 2013 ، فكشف محمد بلكروي.. ، أنّها قدّمت عدة عروض ناجحة منها مسرحية " الوحل " عام 2014 التي افتكت عدة جوائز ، "الأرنب والقنفذ" 2015 ، " الخيش و الخياشة " عام 2019 ، " الحراز" 2018 مع المسرح الجهوي لوهران، " أوبيرات الفجر و المقصلة " حول أحمد زبانة 2018 مع مديرية الثقافة لوهران ، أوبيرات "ذكرهم يا تاريخ" 2019 ، و آخر تتويج للفرقة كان من خلال مسرحية «الخيش والخياشة» التي إفتكت جائزة أحسن عرض متكامل في الطبعة ال 52 من المهرجان الوطني لمسرح الهواة لمستغانم لسنة 2019 ، علما أن وهران لم تأخذ الجائزة الأولى في هذا المهرجان منذ سنة 2007 .