كانت الساعة تشير إلى الثانية زوالا من نهار أمس، عندما انطلقت القافلة التحسيسية للحماية المدنية ضد وباء " كورونا" من مقر المديرية الولائية إلى مناطق الظل بالولاية، كان الجو وقتها باردا والطقس متقلبا، وقد تم تكليف النقيب بلالة عبد القادر بهذه المهمة، رفقة 6 أفراد من الحماية المدنية، حيث تم تجنيد لإنجاح هذه المهمة عتادا متحركا متكونا من سيارة إسعاف مزودة بمكبر الصوت، ودراجتين ناريتين وسيارة رباعية الدفع.. شوارع خالية في "يغموراسن" «الجمهورية" التي رافقت رجال الحماية المدنية، في هذه الحملة التحسيسية الهامة، بمشاركة أعوان من "الخلايا الجوارية للتضامن" التابعة لوكالة التنمية الاجتماعية، استغلت هذه القافلة التوعوية، لرصد أجواء الحملة ومدى تجاوب المواطنين معها، والوقوف على مدى التزام ساكنة وهران بالبقاء في المنازل، في إطار تطبيق تدابير الوقاية من وباء "كوفيد 19".. كانت أول محطة لهذه القافلة حي "يغموراسن"، إذ بدت لنا الشوارع شبه خالية والحركة قليلة، حيث كان أغلب سكان الحي في منازلهم، فارضين على أنفسهم "حجرا منزليا" بالرغم من عدم إقراره رسميا من قبل السلطات العليا في البلاد، وبمجرد سماعهم نداءات النقيب بلالة عبد القادر التي دوت سماء الحي بالبقاء في البيوت، وعدم الخروج إلى الشارع إلا للضرورة القصوى، حتى بدأت بعض العائلات بفتح النوافذ لمعرفة مصدر هذا الصوت المرتفع، وتصوير بهواتفها النقالة، هذه القافلة التوعوية، المشكلة من عدة مركبات، وقد بدا جليا مدى استحسان وتثمين السكان لهذه المبادرة، لاسيما وأنها تهدف إلى حمايتهم وحماية أفراد عائلاتهم.. ومن بين النداءات التي أطلقها قائد هذه القافلة :« أيها المواطنون.. أيها المواطنات خذوا حذركم.. والزموا بيوتكم"، " لا تستخفوا بهذا الوباء الخطير، الذي يعيش عدة ساعات في الأسطح، وينتقل بسرعة إلى جسد الإنسان.."، داعيا الأمهات إلى عدم ترك أبنائهم يخرجون للشارع، حتى لا يصابوا بهذا الفيروس القاتل، وتفادي التجمعات والالتزام بمسافة متر بين كل شخص، كما طالب بلالة عبدالقادر ونحن نهم بدخول حي "اللوز"، الذي يعرف كثافة سكانية كبيرة، وأغلب قاطنيه من ذوي الدخل الضعيف، طالب تجار الخضر والفواكه بارتداء الكمامات وتنظيف المحلات، تفاديا لتفشي الفيروس وسط المواطنين، لتواصل القافلة رحلتها مخترقة بعض العمارات التي كان أغلبية سكانها في منازلهم يتابعون مستجدات انتشار الفيروس وطنيا وحتى عالميا، ما جعل بعض الآباء وحتى الأمهات بالتصفيق وتقديم التحية من الشرفات لهؤلاء المتطوعين في سبيل أمن وراحة البلاد والعباد. الوقاية لتفادي الوباء كما دعا النقيب بلالة عبدالقادر المكلف بالإعلام على مستوى مديرية الحماية المدنية لوهران، المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة بعدم الخروج إلى الشارع، لخطورة الفيروس لاسيما بعد تسجيل الآلاف من الوفيات في مختلف دول العالم بهذا الوباء القاتل، ناصحا الذين يخرجون لقضاء حوائجهم بنزع أحذيتهم وتطهير أياديهم بالصابون، والإكثار من استعمال الماء والجافيل، وتفادي الخلطات التي تصنع بطريق عشوائية في المنازل والمحلات.. وبعدما طافت القافلة بين عمارات حي "اللوز"، توجهت مباشرة إلى "الحاسي" باعتباره أحد مناطق الظل الذي يعاني من عدة مشاكل ونقائص تنموية، حيث كانت الحركة وقتها قليلة وجميع محلات بيع المواد الكهرومنزلية مغلقة، عدا بعض الشباب والكهول، وأعوان الأمن الذين كانوا يراقبون التزام أصحاب المحلات بغلق متاجرهم، وفي هذه الأثناء جدد ضابط الحماية المدنية، دعوته السكان بالبقاء في المنازل، وأن الهدف من القافلة ليس إخافة السكان وترويعهم وإنما توعيتهم بخطورة هذه العدوى، التي تسببت في عدة وفيات في الجزائر والعديد من دول العالم، مؤكدا أن بلدانا عظمى لم تستطع مواجهة الوباء، بعد استخفاف مواطنيها له، وأن أعوان الحماية المدنية والشرطة والدرك والإعلاميين والأطباء وجميع القطاعات الحيوية المجندة ضد هذا الفيروس المستجد، جميعهم سبلوا أنفسهم في سبيل محاربته ومن ثمة القضاء عليه نهائيا، مشددا على أن نعمة الحياة تقتضي منا المحافظة عليها وأن كل تراخي أو تكاسل في مجابهة "الفيروس" سيكون نتائجه وخيمة ومكلفة للجميع، وهو الأمر الذي استحسنه سكان هذا الحي واعتبروه تضحية من هؤلاء الرجال والنساء في سبيل إنقاذهم من الوباء وحمايتهم من الهلاك.. مسنة تدعو للبلاد والعباد ونحن نمر بمحاذاة متوسطة المجاهد بن علال محمد بالحاسي، لاحظنا سيدة مسنة واضعة "شاشا" على وجهها، وهي تهم بالخروج من عند أحد الخبازين، وبمجرد مرور القافلة من أمامها توقفت لبضع ثوان، رافعة أكف الضراعة، أن ينزل المولى عزّ وجل رحمته ويرفع عنا هذا الوباء ويحفظ أبناء هذا الوطن، لاسيما أولئك الذين تجندوا في سبيل راحتهم وراحة أبنائهم، لتواصل القافلة رحلتها التحسيسية، حيث توقفت عند مجموعة من الشباب كانوا جالسين أمام محلات بيع المواد الكهرومنزلية، لينزل الوفد رفقة أعوان "الخلايا الجوارية للتضامن" التابعة لوكالة التنمية الاجتماعية، وبدأوا يقدمون في النصائح والإرشادات ويشرحون لهم ضرورة الالتزام بتدابير الوقاية والنظافة، مع توزيع بعض المطويات التي تدعو إلى البقاء في المنازل وتفادي الخروج إلى الشوارع دون ضرورة، واستعمال مختلف المنظفات والمعقمات التي تقضي على الفيروسات المعدية، لتختتم هذه القافلة التحسيسية بزيارة إلى حي " النجمة " شطيبو سابقا، الذي يعتبر هو الآخر من بين مناطق الظل في الولاية، حيث قدمت للسكان جملة من النصائح والإرشادات الوقائية داعين إياهم للاتصال عند الضرورة بالرقمين 14 و1021، اللذان تم وضعهما في خدمة المواطنين، للتدخل ومن ثمة تقديم الخدمات الطبية والاستعجالية اللازمة من قبل أعوان الحماية المدنية، المجندين على مدار الساعة في سبيل ضمان أمن واستقرار وسكينة المواطنين عبر تراب الولاية، مع العلم أن جميع وحدات المديرية الولائية للحماية المدنية ال26 تقوم بمثل هذه الجولات التحسيسية في مختلف أحياء وشوارع وهران، ما يؤكد أهمية ترسيخ الثقافة الصحية لدى المواطنين وأهمية البقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى إلى حين انحسار الوباء.