الإشاعة ظاهرة اجتماعية قديمة اتخذت عدة اشكال وصور عبر تاريخ الانسانية الطويل وتطورت بتطور المجتمعات مع حركات الصراع والنزاع والاختلافات بينها مصاحبة للاطماع الاقتصادية والعسكرية والتغيرات والتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية حيث تشتد اكثر وتتوسع مع الحملات العسكرية والحروب وهي مشتقة من الفعل المتعدي أشاع أي بث ونشر الخبر ومفهومها يعني نشر الخبر بصورة غير منتظمة وبدون التأكد من صحته وبطريقة شبه سرية والاشاعة انواع منها البطيئة التي تتحرك على مهل والسريعة والراجعة التي تظهر وتختفي ثم تعود مرة اخرى والاشاعة الاستطلاعية الهادفة الى معرفة رد فعل الشارع على اجراء او قرار معين واشاعة التوقع التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل أخبار أو أحداث معينة مهدت لها احداث سابقة وشائعة الخوف من المستقبل خلال الازمات والشدائد والصعوبات واشاعة الامل الهادفة لرفع الروح المعنوية ومن عوامل انتشار الاشاعة الشك والغموض الذي يكتنف بعض الاخبار والاحداث لقلة المعلومات الصحيحة او منعها والتعتيم عليها والحيلولة دون الاطلاع عليها او نشرها في وسائل الاعلام فتصير الاشاعة بديلا للحقيقة المغيبة وكذلك القلق الشخصي والاضطراب وعدم الاستقرار مما يسهل انتقال الاخبار الكاذبة على اوسع نطاق بسرعة وتصديقها وذلك لسذاجة المتلقي وعقلية القطيع الذي يتبع بعضه بعضا وغياب التكوين السياسي الذي يسمح بالغربة والتحقق قبل التصديق لاي خبر مهما كان مصدره ويزيد الامر خطورة عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم وغياب الديمقراطية وحرية الراي والتعبير وسوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي والجهل والفراغ المتمثل في البطالة الظاهرة والمقنعة والتفكير الخرافي والسطحي القائم على قبول الافكار الجزئية والغرائبية واحيانا تكون الاشاعة لاهداف اقتصادية وتجارية مثل الاشاعات المتعلقة بالفنانين وبالسلع والبضائع ما بين مدح وتقبيح . * تعدّدت الأهداف و الوسيلة واحدة وهناك دوافع كثيرة لخلق الاشاعة وبثها وسط الناس منها الشخصية كالحسد والغيرة وارادة تحطيم الآخرين وتشويه سمعتهم والطعن فيهم كذبا وزورا أو لأسباب سياسية لتشويه سمعة الخصوم والمنافسين لإبعاد الناس عنهم واثارة الجمهور عليهم كما تفعل المعارضة في الغالب وهناك اشاعات تهدف لصرف انظار الناس عن حدث او قضية معينة و إلهائهم عنها بخلق حادثة مزيفة او بث اشاعة كاذبة وتكثر الاشاعات وقت الحروب والصراعات والخلافات بين الدول والشعوب وتعتبر من اخطر الحروب النفسية وتوظف فيها وسائل الاعلام والدعاية فيتم توجيه الاشاعات السوداء نحو الخصوم للتأثير في معنوياتهم وتفرقة صفوفهم قصد الحاق الهزيمة النفسية بهم واخضاعهم وفي نفس الوقت زرع الاشاعة البيضاء لرفع معنويات القوات التابعة لمختلقي الاشاعات بالتحدث عن الانتصارات والانجازات والتقدم . وقد توسعت وسائل بث الاشاعة في عصرنا وتحولت من المقاهي والارصفة (راديو طورطوار)الى الشبكة العنكبوتية وفي مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع والجرائد الإلكترونية وقنوات اليوتيوب بالإضافة الى وسائل الاعلام المعتادة كالقنوات الاذاعية والتلفزيونية والجرائد والمجلات. * الشفافية ..الترياق الفعّال الاشاعة مضرة وقد دعانا الاسلام الى التثبت كما جاء في سورة الحجرات ((يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ومن علامات المنافق انه اذا حدث كذب كما جاء في الحديث النبوي الشريف ولهذا لابد من تجنب نشر الاشاعة وعدم تصديقها وقيام وسائل الاعلام بدحضها بعرض الحقائق في وقتها ومناقشتها والتوعية والارشاد لتثبيت الايمان والثقة المتبادلة بين القمة والقاعدة او الحاكم والمحكوم عن طريق الشفافية والمكاشفة و الصراحة وتفنيد الاشاعات بالحجج والبراهين والادلة القاطعة وتوعية المواطنين بالابتعاد عن الاشاعة مهما كان مصدرها فلا خير فيها وتخصيص مكاتب وهيئات اعلامية تتولى الاجابة عن الاسئلة المطروحة حول القضايا المختلفة التي تهم المواطنين واعتقد اننا في الجزائر الجديدة الديمقراطية الحرة القائمة على العدل والحق والقانون في حاجة الى انفتاح على الاعلام ومخاطبة الجمهور واعتماد سياسة الحوار والتشاور بين ممثلي المجتمع من احزاب سياسية وجمعيات ومنظمات للحد من انتشار الاشاعات المثبطة للعزائم والمشككة في المؤسسات والسلطات العمومية