تحيي جريدة «الجمهورية» اليوم أربعينية الراحل البروفيسور كاظم العبودي عالم الفيزياء النووية الذي حمل على عاتقه لأزيد من 30 سنة ملف التفجيرات النووية للاستعمار الفرنسي برقان في الصحراء الجزائرية. وكان من الباحثين الأوائل الذين اهتموا بالدراسة والبحث في تلك الجرائم البشعة وتمكن من كشف حقائق مثيرة لأول مرة، وبقي العبُّودي مدافعا وفيا ومخلصا للجزائر وتاريخها إلى أن غادرها وغادرنا إلى الأبد قبل شهر من اليوم في ال5 من شهر ماي المنصرم تاركا حزنا رهيبا وفراغا لن يعوضه الزمن ولن ينساه من عرفوه لأنه رجل لن يتكرر. ولأن الجزائر لا تنسى إبنا بارا لم تلده، عاش على أرضها شامخا ودفن فيها شامخا، أبت «الجمهورية» إلا أن تستحضر روحه الأبية وتستذكر خصاله ومآثره في لقاء ينظم بالتنسيق مع ولاية وهران بحضور السيد عبد المجيد شيخي مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالذاكرة الوطنية والسيدة مونيا صاري أرملة الراحل، والسيد محمد عباد رئيس جمعية مشعل الشهيد، وثلة من الأساتذة الجامعيين و الباحثين وأصدقاء ومحبي فقيد الجزائر العالم الفذ كاظم العبودي رحمه الله. فالجزائر تنعي عالما من علمائها، الدكتور كاظم العبودي الذي قدم إليها من العراق في سنوات السبعينات واستقر بولاية وهران التي احتضنته بدفء وأحبه فيها الجميع، فهو الذي حط رحاله بالجامعة ودرس فيها أجيالا، واهتم بالفلسفة والتاريخ والأدب والفيزياء، فكان شاملا كاملا، موسوعة علمية زكاها ذلك التواضع والابتسامة التي لا تغادر محياه. أثرى الراحل المكتبة الجزائرية بمؤلفات ثمينة منها تلك التي كانت ثمرة بحوثه في الفيزياء النووية وفي جرائم الإنفجارات في رقان، أجرت معه جريدة «الجمهورية» عدة حوارات شيقة، كشف فيها عن حقائق مثيرة حول أحداث رقان، وجرائم القنابل النووية التي نفدت ضد شعب أعزل لازال يدفع ثمنها إلى اليوم، وكان البروفيسور كاظم العبودي المناضل المدافع عن القضية التي شغلته أكثر من ربع قرن، وطالما طالب بأن تعترف فرنسا بجرائمها في الصحراء الجزائرية وتعتذر، وظل يبحث ليعيد القضية إلى الواجهة، فكان هو القضية الحية في تاريخ الجزائر الحديث. فطبت حيا وميتا كاظم العبودي، وسلاما على روحك الطيبة الودودة .